انقسام في إدارة ترامب حول الشأن الإيراني

انقسام في إدارة ترامب حول الشأن الإيراني
واشنطن: لطالما لوح دونالد ترامب باستخدام القوة كوسيلة لتحقيق أهدافه في المفاوضات، لكن مع إيران، يرى بعض المراقبين أن الأمر ليس استراتيجية بقدر ما هو رسائل متضاربة، في ظل جدل حقيقي حول طريقة تعامل الرئيس الأمريكي مع عدو الولايات المتحدة منذ نصف قرن.
في غضون أيام، مدّ دونالد ترامب اليد إلى إيران وقصف في الوقت ذاته حلفاءها في اليمن. ومع مطالبة إدارته طهران بتفكيك برنامجها النووي، أبدت مرونة اتجاهها أيضا.
منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير، يكثف ترامب الضغوط على طهران بضرب جماعة الحوثي في اليمن المدعومين من إيران.
وهدد بتحميل إيران المسؤولية المباشرة عن الهجمات الجديدة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل قبالة اليمن منذ بدء الحرب بين إسرائيل و”حماس” في قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عقب تنفيذ حركة المقاومة الفلسطينية هجومها.
وقال سينا توسي من مركز السياسة الدولية إن الضربات الأمريكية في اليمن “تتوافق مع استراتيجيتها: زيادة التوتر، وإحداث شعور بكارثة وشيكة، ومن ثم محاولة فرض حل في سياق سياسة الضغوط القصوى على طهران”.
بموازاة ذلك، فرض ترامب العديد من العقوبات على إيران خصوصا على قطاع النفط، لكن ترامب أعلن أيضا في السابع من أذار/ مارس، أنه وجّه رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي تقترح إجراء مفاوضات وتحذر من تحرّك عسكري محتمل في حال رفضت إيران.
إدارة ترامب منقسمة؟
بيد أن ثمة تضاربا في التصريحات في واشنطن، وهي علامة محتملة على وجود انقسامات داخل إدارة ترامب.
وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه “يبدو أن هناك الكثير من التناقضات داخل إدارة ترامب بشأن إيران، وعاجلا أم آجلا، ستظهر إلى العلن”.
ويقول المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن هدف ترامب هو تجنب صراع عسكري من خلال إقامة علاقة ثقة مع إيران، مشددا على أن الرسالة ليست بمثابة تهديد.
لكنّ آخرين، مثل مستشار الأمن القومي مايك والتز، يصرون على “التفكيك الكامل” لبرنامج إيران النووي.
وقال لمحطة “سي بي إس” الأحد “كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وحان الوقت لكي تتخلى إيران تماما عن رغبتها في امتلاك سلاح نووي”.
وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية “عموما، هناك الرئيس نفسه والسيد ويتكوف، لكن لا أظن أن في الإدارة أي شخص آخر يشاركهما هدف التوصل إلى اتفاق متبادل المنفعة” مع إيران.
وتأتي اليد الممدودة إلى إيران في وقت تبدو طهران في وضع ضعف، بعدما منيت بانتكاسات عدة في المنطقة منذ هجوم حماس على إسرائيل، خصوصا في سوريا بعد سقوط بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر، وفي لبنان حيث أُضعف حزب الله كثيرا لا سيما بعدما قضت إسرائيل على الكثير من قادته وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله.
وردا على واشنطن، أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الاثنين إلى أن “الطريق مفتوح لإجراء مفاوضات غير مباشرة”، رافضا احتمال إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن “ما لم يتغير موقف الطرف الآخر تجاه الجمهورية الإسلامية”.
والجمعة، أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أن الأمريكيين “لن يصلوا إلى نتيجة أبدا” عبر تهديد إيران.
وخلال ولاية دونالد ترامب الأولى، انسحبت الولايات المتحدة أحاديا في العام 2018 من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، وأعادت فرض عقوبات على إيران. وينص الاتفاق على رفع عدد من العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وبعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجا. ومطلع كانون الأول/ ديسمبر، أعلنت طهران أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو “ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60%”، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60%، تقترب إيران من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي.
ويثير البرنامج النووي الإيراني مخاوف لدى الدول الغربية التي يتهم بعضها طهران بالسعي الى تطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية على الدوام.
ومع عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في كانون الثاني/ يناير، عاود ترامب اعتماد سياسة “الضغوط القصوى” عبر فرض عقوبات على إيران، في استكمال للنهج الذي اتبعه في ولايته الأولى.
وقال أليكس فاتانكا من معهد الشرق الأوسط “أظن أن الرئيس ترامب مصمم على التوصل إلى اتفاق مع إيران. لكن لا أظن أنه قرر بالضرورة الشكل الذي سيكون عليه هذا الاتفاق”.
وأضاف “إذا تصرفت إيران بذكاء، ستستغل هذه الفرصة وتقول: حسنا، هذا رئيس أمريكي لا يبدو منخرطا بشكل كبير في هذه المسألة. هو فقط يريد أن يكون قادرا على القول إنه أبرم اتفاقا أفضل من ذاك الذي أبرمه (الرئيس السابق باراك) أوباما في عام 2015”.
(أ ف ب)