ثقافة وفنون

ملائكة لظلال المعنى

ملائكة لظلال المعنى

أحمد بلحاج آية وارهام

1

ملائكة
ينشرون مناديلهم
فوق حبل الضياءْ
لهم زجلُ
عطرهُ
قبلة
يشتهيها الظمأْ
ويذوب بها القلبُ
والقلبُ ماءٌ
لظل
يرى
أين ظل الظلام
التوى
مترعا
بنشيش الرياءْ.

2
ملائكة
يطرّزون جراح الزمان
بخيط السُهادْ،
يخطّون بالضوء سرّ النداءْ
ويهتفون في غيب سِرّ العبادْ،
«تعالَ.. فباب المجرّة مفتوحٌ
للذي في المدى ما ارْتَوَى»

3
لهم رفّةٌ
تشقُّ الحنينَ
وتسكن في نشوة البوحِ
حين يهيم الدعاءْ،
إذا ما تنفّس ليلُ الأسى،
نزلواْ مثل ماءٍ
طهورٍ
تسلّل بين الطوى.

4
ويحملهم نورُ
من الصوتِ..
من دمعةٍ
في صِلاتِ النساءْ،
وفي ركعةِ الصمتِ
حين يُقيم اشتعالُ البكاءْ،
وينهض ظلُّ الحقيقةِ
من رعشةِ الكبرياءْ.

5
لهم لغةٌ
لا تُقال
بغير السكوتِ
ولا تُفهمُ إلا
بعيْنٍ ترى القلبَ
كيف يُضيءُ الخفاءْ.

6
إذا انطفأت فيك الجهات،
وصرتَ لا تعرف شرقاً من غرب،
هم يمدّون خريطةً من نورٍ داخلك،
ويقولون: «هنا.. يبدأ الرجوع الحقيقي».
7
هم جسرُك
إذا أردتَ العبورَ دون أن تخطو،
وظلُّك إذا اشتدّ وهجُ الامتحان،
وهم الحُبّ
إذا صار كلُّ ما عداه يُثقِلُ الروح.
8
إذا ناداكَ المدى،
ولم يكن فيك جناح،
رفعوك على أكفِّ الغيب،
ومضواْ بك نحو الذي لا يُقال ولا يُزول.

9
هم الختامُ الذي لا ينتهي،
والسطرُ الأخير
في كلّ كتابٍ لم يُكتَب،
هم شهودُك على ما كنتَ،
وما كنتَ تحاول أن تكون.

10
فإن سألت: «من أنا؟»
قالوا: «أنتَ من عبرتَ بنا
دون أن تراكَ عينٌ،
لكن عرفتكَ الأرواحُ
كما تُعرف الأشياءُ في النورْ».

11
مَلَائِكَةٌ تَحْمِلُ الْأَضْوَاءَ فِي أَكُفِّهَا،
وَتَرْسُمُ عَلَى صَفَحَاتِ اللَّيْلِ أَسْرَارَ الْوِدَاعِ،
فَإِذَا مَشَيْتَ بَيْنَ الْأَحْلَامِ وَالْأَوْهَامِ،
هُمْ يَقُولُونَ: «لَيْسَ الْوَقْتُ إِلَّا وَهما.. فَامْشِ فَوْقَهْ!»

12
يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
بِعَيْنٍ لَا تَرَى سِوَاكَ،
وَيُحَدِّثُونَكَ بِصَوْتٍ
لَا يَمُرُّ عَلَى الْأَسْمَاعِ،
فَإِذَا سَأَلْتَ: «مَنْ أَنَا؟»
أَجَابُوكَ: «أَنْتَ السُّؤَالُ الَّذِي يَحْمِلُ فِي جَوْفِهِ الْجَوَابْ!»

13
لَهُمْ دُعَاءٌ لَا يُقَالُ بِاللِّسَانِ،
وَلَا يُكْتَبُ بِالْحُرُوفِ،
إِنَّمَا يَخْرُجُ كَنَفَسٍ بَيْنَ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ،
فَيَمْحُو كُلَّ بُعْدٍ.. وَيَبْقَى الْقُرْبُ وَحْدَهُ هُوَ الْحَقِيقَهْ.

14
وَإِذَا الْتَهَبَ الْوُجُودُ بِسُؤَالٍ،
هَبُّواْ كَالنَّدَى عَلَى أَجْفَانِ الْكَائِنَاتِ،
قَائِلِينَ: «لَا تَخَفْ.. فَالنَّارُ الَّتِي فِيكَ هِيَ نُورُ الْأَنْدَادْ!»

15
يَسْكُبُونَ الْحَنِينَ فِي قَلْبِ الظَّلَامِ،
حَتَّى إِذَا مَا انْشَقَّ الْيَوْمُ عَنْ فَجْرٍ،
رَأَيْتَهُمْ قَدْ صَارُواْ سُجُودًا بَيْنَ يَدَيْ الْوُجُودِ،
وَالْكُلُّ يَقُولُ: «سُبْحَانَ مَنْ أَرَانَا الْحُبَّ فِي كُلِّ شَيْءْ!

شاعر مغربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب