كأن حملاً يجثم عليه.. كيف يبدو التهديد باحتلال قطاع غزة “خطوة يائسة” من نتنياهو؟

كأن حملاً يجثم عليه.. كيف يبدو التهديد باحتلال قطاع غزة “خطوة يائسة” من نتنياهو؟
رفيت هيخت
فشل نتنياهو فشلاً ذريعاً في تحقيق هدفه، دفعة أخرى جزئية تشمل إطلاق سراح 10 مخطوفين مقابل وقف محدد لإطلاق النار والاحتفاظ بخيار استئناف القتال. ما يحدث الآن، إرسال رسائل تهديد ووعود باحتلال القطاع، هو محاولة يائسة لإعادة حماس إلى طاولة المفاوضات، إضافة إلى جرعة إحباط كبيرة.
التهديد باحتلال القطاع خطوة يائسة لنتنياهو. فبدلاً من “هزيمة حماس”، خضع لمصلحة حماس، التي تعتمد على الرأي العام الدولي السلبي حول إسرائيل. فقد شعرت حماس بأنها تعززت، وأنها غير معنية بالصفقة، وبالتأكيد ليس حسب شروط نتنياهو. وما دامت المساعدات واسعة النطاق تتدفق الآن إلى غزة – بدون أن تعيد إسرائيل أي مخطوف منذ فجرت الاتفاق السابق- فليس لحماس مصلحة في الموافقة على أو الاستمرار في التفاوض حسب صيغة نتنياهو.
“أنا أشكك باحتمالية أن نتنياهو يريد حقاً احتلال القطاع”، قال مصدر في الحكومة. “في جلسة الحكومة الأخيرة ظهر نتنياهو أسوأ مما هو معتاد. ظهر وكأن حمل ثقيل يجثم عليه”. كثيرون في المستوى السياسي يقدرون أن الأمر وبحق يتعلق بتكتيك لاستخدام الضغط، ولكن لا أحد يخاطر في تثبيت البراغي في السنوات الأخيرة. رغم التقدير أن الأمر يتعلق بتصريحات مضللة في هذه المرحلة على الأقل، فثمة احتمالية كبيرة بأنها ستصبح واقعاً دموياً في نهاية المطاف. ومثل المراهن الذي خسر نتيجة استثماره في أسهم فاشلة، وبدأ لثورة غضبه يضخ المزيد من الأموال للموقع السيئ في محاولة لتغيير الاتجاه، هكذا بدأ نتنياهو آخذ يغرق إسرائيل في وحل غزة مع الاستعداد للتضحية بحياة المخطوفين وحياة الجنود. التورط في غزة نسخة سلبية للقرارات المتسرعة أمام حزب الله، والعملية الناجحة عسكرياً أمام إيران. منذ سنة ونتنياهو يعد بـ “النصر المطلق” على حماس. ويكذب بأنه على بعد خطوة من هذا النصر. وبدلاً من تقليص الخسارة واستغلال ما بقي لإنقاذه، يلوح بنفس الشيك بدون رصيد. وهو الآن يريد زيادة الرهان.
هذا هو أساس الصراع المتزايد بين نتنياهو وجهاز الأمن، وللدقة بينه وبين رئيس الأركان أيال زامير، الذي يشمل كالعادة علاجاً شخصياً مسموماً. الغراب الذي يبشر بتوجيه نار ماكينة السم هو الطفيلي الموجود في ميامي، الذي سبق له وألقى الوحل على زامير واتهمه بما لا يقل عن “الانقلاب”، ونسب لنفسه تعيين الدمية، إسرائيل كاتس، رغم معارضة نتنياهو لذلك. لولا هذا الواقع المخيف لاستمتع المرء بأقوال نتنياهو المؤثرة عندما عين زامير تحت العنوان الشاعري “لقد حان وقت زامير”. في ظل هذه الظروف، يتعلم المرء مستوى جنون العائلة الإمبراطورية وزعيمها. من النائب العام إلى رئيس “الشاباك”، ومن رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن إلى رئيس الأركان الذي عينه هو نفسه – كل من يتجرأ على إظهار موقف مستقل يناقض توجهات رئيس الوزراء في أي لحظة، يدان ويحكم عليه بالإعدام.
لا خلاف حول خضوع رئيس المستوى الأمني لرئيس المستوى السياسي، لكن إظهار زامير معارضته للعملية التي تضحي بالمخطوفين تحت كذبة “الضغط العسكري سيعيد المخطوفين”، ضرورة من ضرورات الواقع. رئيس الأركان غير مخول للموافقة على التضحية بالمخطوفين أو إرسال الجنود إلى موتهم لترميم مكانة نتنياهو في قاعدته اليمينية بعد ضربة 7 أكتوبر. موقف الجيش، “محاصرة حماس لإضعافها”، يحاول إرضاء نتنياهو بدون التسليم، مع استعداد تلاعبي للتنازل عن المخطوفين. تقدير المستوى السياسي أن نتنياهو لن يذهب بعيداً حتى إقالة رئيس الأركان، وأنهما سيتوصلان إلى اتفاق بخصوص عملية عسكرية محدودة بهدف عرض موقف هجومي أمام حماس. ولكنها خطوات تميل للتعقيد. ومثلما تعلمنا في السنوات الأخيرة، لم تبق لنتنياهو أي خطوط حمراء.
الاعتقاد بأن أكثر ما يريده نتنياهو هو كسب المزيد من الوقت، يبدو منطقياً ويناسب نموذج العمل الذي يميزه. ولكن الإقالات الأخيرة لكل من تجرأ على الوقوف أمامه، من يوآف غالنت وحتى يولي أدلشتاين، لا تبشر بمستقبل أفضل لزامير.
هآرتس 6/8/2025