العلاقات اليمنية ــ الألمانية قراءة في مؤلف الدكتور أحمد قايد الصيادي

العلاقات اليمنية ــ الألمانية
قراءة في مؤلف الدكتور أحمد قايد الصيادي
عرض وتحليل : د. ضرغام الدباغ
في عمل يتسم بالرصانة، والدقة، وما أحوج المكتبة العربية لمثل هذه الأعمال التي يمكن الوثوق بها والاعتماد على دقتها في بحوث أكاديمية معمقة. وجدنا هذه الأبعاد متوفرة تماماً بمؤلف وبحث الدكتور أحمد قايد الصيادي، الصادر عن دار نشر :الكتب المصرية بطبعتين، الأولى عام 1992، والطبعة الثانية في صنعاء عام 2021. في كتاب يقع في 430 صفحة. وضع الباحث عمله في أربعة فصول، مثلت الجزء الأعظم من الكتاب (342 صفحة)، ووضع له (23) ملحقاً. هي وثائق مهمة في تاريخ اليمن الحديث. تدعم ما توصل إليه الباحث في عمله، وتقدم الدعم المادي.
الباحث تعلم ودرس في اليمن والقاهرة ودمشق وبغداد، في عيون العواصم العربية، وأكمل دراساته وبحوثه في أوربا (ألمانيا)، له نحو 15 بحثا وكتاباً ودراسة، عدا عددا وفيراً من البحوث والمقالات. عمل في مختلف المهام العلمية والبحثية في اليمن في جامعتي صنعاء وعدن، حتى بلغ منصب المستشار العلمي لرئيس جامعة صنعاء. ثم شغل منصب نائب الأمين العام لاتحاد المؤرخين العرب / بغداد.
أستخدم الباحث عدداً من الوثائق في بحثه، كانت معظمها باللغة الألمانية، واللغة العربية، والمصادر بدرجة عالية من المصداقية والموثوقية، وكرس لها الكثير من الوقت والجهد، في الدراسة والتحليل في الدولتين الألمانيتين (الشرقية والغربية وقت التجزئة). فنقل 600 وثيقة هامة منذ عشرينات القرن المنصرم، وأخضعها للتحليل العلمي، مما يجعلنا بدرجة عالية من الثقة للنتائج التي توصل لها. وبسبب إقامته في ألمانيا وزياراتها له، تمكن من الوقوف على الرؤية الألمانية لقضايا التنمية والسياسة اليمنية، وقد أستند الباحث إلى الخلفية التاريخية العميقة للعلاقات اليمنية / الألمانية، بقص منح بحثه العمق التاريخي الضروري في البحوث في مجال العلاقات الدولية.
كرس الباحث على مدى ثلاثة فصول المقدمات الموضوعية للعلاقات اليمنية / الألمانية، عارضا قدرات البلدين وآفاق التعاون الاقتصادي، وطبيعة الظروف السياسية. والفصل الرابع وهو بتقديري أكثر الفصول ثقلاً وفي تحليل لأبعاد العلاقات وآفاقها.
وأجد شخصياً في دراسة الباحث نواح عملية ودراسة لطبيعة العلاقات الاقتصادية والتعاون الصناعي ومشكلاته ومعوقاته، أجد فيها غوصا إلى قلب مشكلات التنمية. وتشخيصا سليما للعناصر الأساسية التي حكمت العلاقات بين اليمن وألمانيا وقد شخصها الباحث :
الوضع الاقتصادي والسياسي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى.
وضع اليمن الاقتصادي والسياسي بعد الاستقلال.
التنافس الدولي بين القوى الكبرى.
وقد نجح الباحث في إيفاء هذه الموضوعات حقها من خلال دراسة وافية للوثائق التاريخية في أرشيف الدولة الألمانية، ومن المؤكد أنه بذل جهداً كبيرا في سبيل ذلك. وأظهر المشكلات البنيوية التي تعوق قيام علاقات متكافئة أو شبه متكافئة حتى، بسبب التفاوت الكبير في المستوى الاقتصادية بين البلدين. ولم تكن سوى تجارة السلاح كنشاط اقتصادي بين الطرفين. وحتى هذا الجانب كانت تحيط به مشكلات لوجستية وتحويل الأموال والسيولة … الخ، كما لم تجد الحكومة الألمانية، بواعثاً اقتصادية قوية، وحتى التنافس السياسي مع بريطانيا لم يكن له مردود اقتصادي أو سياسي لخوض غمار علاقة كهذه.
الباحث نجح في أن يمنح بحثه المصداقية بمتابعته الدقيقة وبنزاهة علمية من حقائق الموقف ومراسلات الحكومة اليمنية والألمانية بخصوص تلك العلاقات. فالبحث حافل بالرسائل والمذكرات التي تدل على العمق السياسي الذي يتمتع به الباحث، وحنكته التي أكتسبها من خلال الأعمال السياسية والإدارية التي أضطلع بها طيلة سنوات طويلة من حياته العملية والدراسية / البحثية.
هذه المقدمة التعريفية لا تغني، بل تدعو الباحثين في الشؤون اليمنية والعلاقات العربية / الألمانية إلى دراستها واستنباط الدروس السياسية، لا سيما أنها صادرة عن شخصية سياسية / علمية ــ أكاديمية مرموقة، فالدكتور الصيادي علم من أعلام اليمن والنضال اليمني من أجل التحرر والتقدم والنماء.