مقالات
اللواء فرج المقت، أبو مثال بقلم الدكتور رياض العيسمي
بقلم الدكتور رياض العيسمي-استاذ جامعي -سوريا
اللواء فرج المقت، أبو مثال ، نعم المثال
بقلم الدكتور رياض العيسمي-استاذ جامعي -سوريا
في الثامن من ديسمبر، كانون أول، يوم سقوط النظام في سورية، وضع الأخ والصديق فرج المقت، حمزة التنوخي، هذا المنشور على صفحته في الفيس بوك “حمزة التنوخي تشرفت بحملك ١٢ عام، آن لك الآن أن تستريح كما استراح الشعب السوري”
بدون شك هذا المنشور كان معبرا ونابعا من القلب وترك وقعا وجدانيا عند كل من عرف فرج وسمع بقصة انشقاقه في بدايات الثورة السورية. أما بالنسبة لي، من رافق فرج المقت منذ الطفولة وترافق مع اسم حمزة التنوخي منذ أن تم تسجيله في قيد نفوس الثورة، لم يكن كأي منشور آخر. ووجدت من واجبي التوقف عند هذا المنشور لأعراف كل الأصدقاء وكل من يعرفنا ويتابعنا في كل مكان ب فرج شحاذة المقت. بالرغم من كل الإغراءات لي ككاتب وصديق لفرج ان أكتب قصة انشقاق اللواء الطيار فرج شحاذة المقت من الجيش السوري والتحاقه بالثورة وما رافقها من ظروف وتعقيدات. فقصة انشقاقه ليست ككل القصص الأخرى. بل هي قصة متعددة الأبعاد، وطنية واخلاقية واجتماعية وإنسانية. اتمنى ان يمنح الله اللواء فرج الصحة والقوة ويعيده إلى أرض الوطن سالما. ليكمل القصة ويرويها بنفسه ولتكون عبرة ودرسا للأجيال القادمة.
فرج شحاذة المقت هو قريبي في الدار والنسب. فنحن أخواله ودارهم ملتصقة بدارنا، في قرية امتان في جنوب سورية على الحدود مع الأردن. فرج سمي بهذا الاسم تيمنا بسقوط حكم الدكتاتور أديب الشيشكلي عام ١٩٥٤. وعاد فرج إلى اسمه أسماً ومضمونا عندما سقط حكم آل الأسد في هذا العام ٢٠٢٤، وبعد ٥٤ عام. فرج حمل اسمه منذ ولادته وعند سقوط النظام، وأمنياتنا ان يكون كذلك على سورية وشعبها في المرحلة القادمة.
فرج شحاذة المقت وطني مخلص لبلده ووطنه منذ نعومة أظافره. حيث لم ينتظر للحصول على شهادة البكالوريا، الثانوية العامة، ليتطوع بالكلية الجوية، بل تطوع بعد أن حصل على شهادة الكفاءة، المرحلة الإعدادية. ومنذ ان اصبح طيارا بقي فرج نسرا محلقا في سماء سورية الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه. وبحيث كنا ونحن في مطلع الشباب عندما نرى طائرة ميغ تحلق فوق سماء القرية نفرح كثيرا ونقول:هذا فرج لم ينسنا ولم ينس مسقط رأسه وجاء ليلقي التحية علينا. وكنا جميعا نشعر بالعز والفخار.
لقد شق فرج طريقه في القوى الجوية السورية وتدرج بالرتب بجدارة ومهارة وجرأة، وإلى أن وصل أعلى رتبة، رتبة لواء. وهي أعلى رتبة يمكن ان يصل اليها أي عسكري في محافظة السويداء. واضيف بهذا اسم فرج المقت إلى قائمة الألوية في محافظة السويداء، والتي لا يتجاوز عددها أصابع اليد عبر تاريخ سوريا الحديث. منذ الاستقلال في عام ١٩٤٧.
ومن يعرف أهل فرج لا يستغرب الصفات والقيم النبيلة التي يحملها. فو كان قد رضع الطيب والصدق والمحبة من والدته العمة أم مؤيد سليمة رحمها الله. وتعلم قيم الرجولة والشجاعة والإقدام والكرم من والده المرحوم العم أبو مؤيد شحاذة المقت. والذي الحديث عن شجاعته وغيرته ولهفته على الآخرين يطول ويطول. واستذكر مرة عندما كنت طفلا ولا أحد يفتح علينا الباب وقت يعلو الثلج باب البيت. وكنت أراقب الضوء يتسرب من ثقب الباب. ولأخرج فرحا لألعب ككل الأطفال بالثلج. وأجد العم أبو مؤيد قد أنجز المهمة، وفتح الباب. وكان بعزيمته الثابتة وهمته القوية ولهفته على الآخرين، ينتقل من دار إلى دار ليفتح لهم طريقا إلى الخارج، وخاصة أولائك الذين لم يكن لهم معين قادر على القيام بهذه المهمة.
هذا هو فرج شحاذة المقت. وكما تعلم هذه الصفات والقيم النبيلة من والديه علمها لأولاده.
اللواء فرج المقت ، أبو مثال، نعم المثال.
مع تحيات رياض العيسمي
