يحاصرني واقع لا اجيد قراته
بقلم مروان سلطان.فلسطين 🇵🇸
20.1.2025
——————————————-
ما بين الشعوبية التي نغرق فيها ، وما بين اذا جاء نصر الله والفتح واقع يحاصرني لا اجيد قراته . لعلي استذكر كلمات من هنا وهناك تدلني على مواجهة المستحيل في زمن العالم الافتراضي تعرت فيه الحقيقة واكتسى فيه الخيال ثوبا زائفا. هنا اذكر تلك الكلمات التي قالها المجيد الطبيب النطاس معالي د سعد جابر وزير الصحة الاردني ، صاحب معركة التحدي لانقاذ الاردن من الجائحة الذي اصيبت به البشرية ” كوفيد 19 “, المعروف باسم وباء الكورونا” : “دفعنا ملايين لعزل الأشخاص على الحدود لكنهم تجمعوا على القلاية والشاي والقهوة” .
كما ويحضرني كلمة للسيد خالد مشعل ابو الوليد من قطر في الذكرى السنوية الاولى لمعركة السابع من اكتوبر حين قال بان خسائر غزة في الحرب تكتيكية، وخسائر العدو استراتيجية. واذا بائمة المساجد في اليوم الاول لاطلاق النار بدئوا بتلاوة ” اذا جاء نصر الله والفتح ” بعد تلاوة الفاتحة. باعتبار ان هذا خطاب النصر.
هذا ما يجعل التساؤل الافتراضي ، كيف تفهم الشعوب الواقع ، والاهم الخطاب الذي ينبغي ان تصل فيه الرسالة الى هذا المجتمع. امام جائحة وتعليمات طبية من اعلى المستويات ، تجد الامور تنفلت من عقالها امام تجمع عائلي او صداقة يتم فيها تناول ما لذ وطاب لهم، والباقي على الله . هكذا تترك الامور.
غزه في الحرب التي شنت علبها تقدر خسائرها المادية ثلاث وثمانون مليار دولار ، واقترب عدد الشهداء والجرحى من مائتي الف شخص ، وما تسببت به هذه من اعاقات وجروح ، وفقد ، ويتم …. الخ . ووفق الخطاب الذي قاله السيد مشعل ان خسائرنا تكتيكية ، اذا كان كل الذي حدث ويشاهد بانه خسائر تكتيكية ما هي الخسائر غير التكتيكية في نظر قيادة حماس ؟ .اذا كان ما حدث نصرا ، وفي اليوم الاول لوقف اطلاق النار سمعنا ان هناك توجه او اتفاق امريكي اسرائيلي على ترحيل غزيين بدون ذكر الاعداد لاغراض انسانية وتحت مظلة الاعمار سيتم تهجيرهم موقتا والمؤقت في العرف الاسرائيلي مستدام ، الى اندونيسيا والله اعلم الى اي الاماكن ايضا، وتلك كانت احد اهداف الحرب الرئيسية التي شنتها اسرائيل . هل من تفسير لهذا النصر المبين. واذا لم تثني على ذلك القول فانت بين ان تكون كافرا او خائنا.
هذه بعض من واقع يمنحك صورة كيف اننا نفكر وكيف ندرك ونحلل البيانات والمعطيات. ما زال نمط التفكير العربي، والخطاب الشعبوي ، والخطاب الديني ياخذك بعيدا عن الواقع . العاطفة والحنين، والفزعة والشجاعة والنخوة ….. الخ ، لا احد يستطيع ان ينزع هذه الصفات من المجتمع العربي لانها بمثابة الروح في الجسد. ولا شك هناك شئ من الجمال في بعض هذه الصفات وتبقى مصدر اعتزاز الناس والامم بقيمها واخلاقها، وهذا ليس منقصة ولا عيبا. ولكن العيب في الخطاب المموه ، والادراك الناقص. الحقيقة التي لا يريد احد ان يقولها لو ان خطابانا مبني على الحقائق وليس على الوهم والتضليل لكان حالنا غير هذا الحال ، ولم يتمكن منا العدو كما عليه الان.
العلاقات الاجتماعية تحظى بمكانة عالية في مجتمعنا الفلسطيني والاردني ، ولا يمكن ان تمنع تلك العادات او ان تحد منها حتى لو الظروف كانت قاهرة وتمس حياتهم ، وتصيب صحتهم بالعلل والامراض. الناس في طبيعتهم اجتماعيون بطبعهم .
هذا الحال ايضا ينطبق على الشباب المقاومين الذين يجتمعون في الامسيات يتسامرون في المقاهي ، او في بيوتهم ويباغتهم العدو في معاقلهم ويتعرضون للتصفية او يتعرضون للاعتقال. بل واكثر من ثبت بالوجه القاطع ان الامن الاسرائيلي لديه القدرات اللوجستية للتجسس من خلال الهواتف الذكية ، ويستطيع ايضا معرفة الاماكن التي يتواجد بها حاملي تلك الهواتف الذكية. كل شخص عليه ان يعرف الباب الذي ياتي منه الريح ويغلقه هذا اذا اراد السلامة له ولغيره.
ترك الامور دون حسابات تؤدي الى كوارث سواء ان اردنا ان نحارب او اردنا ان نصالح ، ولا يمكن لنا ان نكون شعوبا تقود الى الصعود الحضاري اذا لم نغير في خطابانا ورغبتنا وشهواتنا، ونقيم ما يحصل وفق الاصول والارقام والمعطيات ، هذه بديهيات العمل ، وثوابت العمل الاجتماعي. الشواهد على الخطاب وعلى نمط التفكير كثيرة ، ما يحدث هو استمرار للكارثة الوطنية التي اصابت الوطن والمواطن، اذا لم يختلف باختلاف الخطاب السياسي والإجتماعي والديني ، سنبقى مشتتين ولا يمكن القبول باستمرار اخذ الناس رهينة الفئوية والحزبية، الوطن اغلى ولا يساوم عليه ، والمواطن هو الركيزة الذي ننهض بها من اجل الوطن.