مقالات

من هزم اليوم : الرؤية والقراءة بتمعن وعمق بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

من هزم اليوم : الرؤية والقراءة بتمعن وعمق
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
قلت لصديق قبل أكثر من شهرين، حين ابتدأت المعارك السورية النهائية، بصورتها الأخيرة، وفرار الرئيس الأسد، أن هذه النتيجة كنت أتوقعها وأكاد أرسم خطوطها في مخيلتي، كنت أتوقع النتيجة حرفياً، وعلى ما أذكر فأني كنت قد صرحت للعديد من الأصدقاء بأفكاري هذه، بل قد سجلتها في مقالات وبحوث عديدة. ولكن العبرة هي أن نتذكر أسس التطور التاريخي، أن نقرأ التاريخ(علم التاريخ) بعمق ونفكر بعمق، ونكتب بعمق. والعمق هنا هو أن تنظر ماذا سيكون بعد الحدث اعتماداً على مؤشرات حسية، هناك عمود التراكم، ترى لأي مدى سيحتمل عمود التراكم قبل أن ينهار تحت وطأة تطورات في الموقف …!
ومن يود محادثتي، أقول له، أني توقعت النهاية بعد أولى الصدامات بين الجماهير الثائرة، وبين السلطة عام 2011. وحين أقول قرأت هذه النتيجة، أقول ليس بوسعي تحديد يوم السقوط النهائي، والزمان، ولكني أقول وبالتأكيد، أن من يعادي الشعب نتوقع نهايته اليوم أو غداً، وسفك الدماء خطأ يصعب إصلاحه، والأسد بقمعه الدموي وبطائفيته وهو على رأس حزب قومي / اشتراكي، ومعركته مع الشعب ستكون مفتوحة على كافة الاحتمالات .. فهو رجل لوث يداه بدماء الناس. وهذا قد سجل بحروف مضيئة في تاريخه الهزيل أصلاً، إذ ليس هناك من سبب واحد ليحمله إلى سدة الرئاسة، في بلد يزخر بالمناضلين والعلماء والمثقفين، والأكفاء.
لاحظ تبعات الانحدار الأول، فمن يستسهل الانحدار مرة واحدة ويوهم نفسه بأنه نجح، سيعقبه إنحدارات أخرى، حتى يبلغ ما هو دون القاع (نظريا وعملياً) فمن يقتل مئات الناس الأبرياء الذين يطلبون تحسن حياتهم، يسهل عليه تكرارها مرات ومرات، ثم لا يجدها كبيرة أن يستدعي قوى أجنبية لتقل شعبه، يستدعي جيوش أجنبية، دون أن يفكر بعواقب ما يفعل، أي رئيس تافه يفعل هذه ..؟ يريد البقاء في السلطة ولو كلفه إبادة أكثر من نصف الشعب.
لاحظ أن التدخل الأجنبي كان من لواحق الخطأ الأول، ثم الأجنبي حين يحل لا يفعل ذلك مجانا .. بل شيئاً مقابله، فسيسجل عليك الديون (تماما كما فعل البائس زيلينسكي الأوكراني) ديون سوف لن يكون بوسعه سدادها، فسيعطيهم من أرضه ..وليس له أن يرفض ما يطالبون به. التداعي الثالث هو إفلاس الدولة بحيث يصبح على مرمى حجر من إشهار الإفلاس … مالعمل .. يطبع بأوراق الصحف العملة الوطنية، حتى يصبح ثمن علبة دخان، ما يعادل سلة أوراق نقدية..
أخيرا تشيع علامات الانهيار في البلاد، وأولى مظاهرها، الجوع وانعدام الأمان، فلا تعد للدولة قيمة أو اعتبار، ولا أحد يحترمها، وبالتالي لا يستمع لأوامرها أو يحترم قوانينها ..(هكذا كان مسار أزمة روسيا القيصرية حتى أمسك عبقري كالقائد لينين اللحظة التاريخية وفجر ثورة أكتوبر العظمى) فيبلغ الأمر حتى الجنود سوف لن يطيعوا ضباطهم وقادتهم، لماذا ..؟ لأن لم تعد هناك قضية وطنية (National quaticon)، وحتى باعث الاعاشة صار هزيلاً: حين اصبح تعيين الجندي: بيضة واحدة، رغيف خبز وحبتين زيتون …! فلماذا يقاتل ويقتل أبناء بلده وجلدته من أجل دولة رئيسها (الطبيب والقائد بالتزوير) يحتكر صناعة المخدرات ولا ينافسه في ذلك سوى مصانع شقيقه القائد العسكري قائد الفرقة التاسعة المدرعة (بالتزوير) ولماذا يموت ..؟ والدولة تتفاهم سراً وعلناً على سيادة الوطن وأراضيها مع العدو، لا يوجد سبب واحد … النظام يستخدمني كمرتكز … اقتل وأقاتل مقابل لا شيئ … ولهذا أطلقوا سيقانهم للريح ..!
من يشتري بضاعة فاسدة تالفة مستهلكة … لا أحد ..!
بلى … يوجد يائسون، متشبثون بالاحلام،، من يتناول الحشيش كي يحلم، ويتخدر دماغه، فلا يعود يميز بين الألف والعصا ..(هذا مثل لبناني). (ويشبح) حتى يعيش برفاهية، وفي ذروة اليأس والأحلام.. يعتقد ياللمأساة أن بوسعه أن يعود ويقتل وينهب ويشبح ويخدر جسده المترهل، هكذا اشتغل يوم فسد الزمان وتعفن، ويريد اليوم أن يعيد الزمن للوراء ، متناسيا أن البطل ومن يرافقه أبطال شبيحة لا أكثر، يزينون صدورهم بأوسمة مزيفة لانتصارات موهومة عالم من متشيئات ومكونات مزيفة لم تكن، هو لم يحرك اصبعه يوم كانت بامرته مئات الدبابات وألاف الصواريخ، والان يريدون أن يقودوا مسيرة … توصلهم لخندق كانوا به وسقطوا سقوطاُ يليق بهم في فضاء سحيق لا قرار له..
من هزم اليوم …؟
هزم الطائفي، هزم الفاسد، ومنتج المخدرات، هزم مدمر البلد، هزم من يريدنا أن نتقاتل لأسباب طائفية، هزم الشبيحة … وعاشت سورية حرة موحدة بأيدي أبناءها ….. هزم من يريد أن يستقوي بالأجنبي …
فليقل لي بكلمة مختصرة .. لماذا تريد أن تعود …؟ والأدهى لماذا تريدني أن أناضل لأعيدك .. لتعيد لتجارة المخدرات ، للقتل الطائفي، لسجن صيدنيا والسجون له فروع، أما الأذكياء أو أنصاف الأذكياء فيدركون أن من هزم اليوم، إنما هزم قبل سنين ولكن اليوم حانت ساعة السقوط، ومن سقط اليوم، كان قد دفع ثمن تذكرة السقوط، ولابد انه قد سقط داخليا قبل اليوم… وهو سادر في غيه .. يفكر بالعودة ممتطيا فيلاً أبيضا منقرضاً ..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب