الصحافه

نيويورك تايمز: ترامب يبدأ حقبة مظلمة تعيد أشباح المكارثية ويلاحق مؤيدي فلسطين

نيويورك تايمز: ترامب يبدأ حقبة مظلمة تعيد أشباح المكارثية ويلاحق مؤيدي فلسطين

إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للمعلقة ميشيل غولدبيرغ قالت فيه إن عملاء دائرة الهجرة الأمريكية قاموا بزيارة سكن محمود خليل، أحد قادة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا العام الماضي، وأخبروه أن تأشيرة دراسته قد ألغيت وأنه قيد الاحتجاز.

خليل متزوج من أمريكية، وأبلغ محاميه، الذي تحدث إلى العملاء عبر الهاتف، أنه يحمل بطاقة خضراء، لكنهم قالوا إنه تم إلغاؤها أيضا.

وأشارت غولدبيرغ إلى تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منصته “تروث سوشيال”، حيث أوضح أن خليل اعتُقل بسبب نشاطه. وأن “هذا هو الاعتقال الأول من بين العديد من الاعتقالات القادمة. نحن نعلم أن هناك المزيد من الطلاب في كولومبيا والجامعات الأخرى في جميع أنحاء البلاد الذين شاركوا في أنشطة مؤيدة للإرهاب ومعادية للسامية ومعادية لأمريكا، ولن تتسامح إدارة ترامب مع ذلك”.

وتعلق غولدبيرغ أنه مثل العديد من الأشياء التي قامت بها إدارة ترامب، كان اعتقال خليل صادما ولكنه ليس مفاجئا. فقد قال ترامب أكثر من مرة أثناء حملته الانتخابية، إنه سيطرد الناشطين الطلابيين المناهضين لإسرائيل. وفي الأسبوع الماضي فقط، أفاد موقع “أكسيوس” عن خطة وزير الخارجية ماركو روبيو لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتمشيط حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لحاملي تأشيرات الطلاب بحثا عن تعاطف واضح مع الإرهابيين.

وتعتقد الكاتبة أن هدف الحملة على كولومبيا هو تلقينها درسا وجعلها عبرة لمن لا يعتبر، حيث أعلنت إدارة ترامب في الأسبوع الماضي عن إلغاء 400 مليون دولار من المنح والعقود مع الجامعة بسبب مزاعم المضايقات المستمرة المعادية لليهود.

وتقول إن حقيقة أنه كان من السهل توقع هذه الحملة الأيديولوجية القادمة لا ينبغي أن تحجب مدى خطورة اعتقال خليل. فإذا كان من الممكن القبض على شخص يقيم بشكل قانوني في الولايات المتحدة من منزله بسبب مشاركته في نشاط سياسي محمي دستوريا، فنحن في بلد مختلف تماما عن البلد الذي كنا نعيش فيه قبل تنصيب ترامب.

وقال بريان هاوس، المحامي البارز في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: “يبدو أن هذا يشكل أحد أكبر التهديدات، إن لم يكن أكبر التهديدات لحريات التعديل الأول في خمسين عاما. إنها محاولة مباشرة لمعاقبة التعبير بسبب وجهة النظر التي يتبناها”.

ولم يتم توجيه أي تهمة إلى خليل، الذي نشأ في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، بارتكاب أي جريمة. لا يتضمن الملف الذي جمعته “كاناري ميشن”، وهي مجموعة يمينية تتعقب الناشطين المناهضين للصهيونية في الحرم الجامعي، أي أمثلة على خطاب تهديدي أو عنيف، فقط مطالب بسحب الاستثمارات من إسرائيل.

وتم تعليق دراسة خليل من برنامج الدراسات العليا العام الماضي لدوره في المظاهرات الجامعية، ولكن تم إلغاء التعليق بعد فترة وجيزة، على ما يبدو بسبب عدم وجود أدلة، وأكمل دراسته. ادعت وزارة الأمن الداخلي أنه “قاد أنشطة منحازة لحماس”، لكن هذه تهمة غامضة للغاية ولا معنى لها من الناحية القانونية.

صحيح أنه بموجب قانون الهجرة والجنسية، يعتبر أي أجنبي “يؤيد أو يتبنى” نشاطا إرهابيا غير مرحب به في الولايات المتحدة. لكن مارغو شلانغر، أستاذة القانون التي عملت رئيسة للحقوق المدنية في وزارة الأمن الداخلي في عهد باراك أوباما، تشير إلى أن هذا البند نادرا ما يستخدم، وخاصة ضد الأشخاص الموجودين بالفعل في البلاد، والذين يتمتعون إلى حد كبير بنفس حماية حرية التعبير التي يتمتع بها المواطنون.

ولا تحتاج إلى أخذ هذا من عالم قانون ليبرالي: خلال فترة ولاية ترامب الأولى، خلص تحليل قانوني من هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك إلى نفس الشيء. وجاء في التحليل: “بشكل عام، يقف الأجانب الذين يقيمون داخل أراضي الولايات المتحدة على قدم المساواة مع المواطنين الأمريكيين لتأكيد الحريات التي يكفلها التعديل الأول”. وقالت شلانغر إن اعتقال خليل “يبدو وكأنه تجاوز لا يصدق في ضوء مخاوف التعديل الأول التي وثقتها حتى الحكومة في إدارة ترامب الأخيرة”.

ولكن خلال فترات الهستيريا القومية، كان التجاوز أمرا شائعا. و”أقرب نظير لهذه اللحظة القذرة هو الخوف الأحمر [من الشيوعيين] في أواخر أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، عندما استغل اليمين الخوف الواسع النطاق من تسلل الشيوعيين لتطهير الحكومة والمؤسسات الثقافية من اليساريين”.

وفي كتابه الجديد “الخوف الأحمر”، كتب الصحافي كلاي رايزن عن قضية نظرت فيها المحكمة العليا عام 1952 وسمحت بترحيل ثلاثة مهاجرين انضم كل منهم إلى الحزب الشيوعي ثم تركوه في وقت لاحق. وقال القاضي هوغو بلاك، الذي عارض القضية، إن البلاد في تلك اللحظة كانت “في ورطة يائسة بشأن التعديل الأول أكثر من أي وقت مضى”.

و”على مدى عقود من الزمان بعد ذلك، كانت تلك الحقبة، عندما حدد السيناتور جوزيف مكارثي، الدجال الوقح الذي برز في عناوين الأخبار، بمثابة قصة تحذيرية، حيث استشهد أعضاء الحزبين بأهوال “المكارثية” لإدانة في عملية سياسية تشبه مطاردة الساحرات، التي شاعت مرة في بداية نشوء الولايات المتحدة”. ولكن على الرغم من أن بعض الأمريكيين كانوا يتجسسون لصالح الاتحاد السوفييتي، فقد أصبح من الواضح أن المخربين المحليين ألحقوا ضررا أقل بأمريكا من الحملة اليائسة المحمومة لاجتثاثهم.

واليوم، أصبح المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين في الجامعات محتقرين على نطاق واسع، تماما كما كان اليساريون أثناء فترة الخوف الأحمر. و”لن أتفاجأ إذا ثبتت شعبية اعتقال خليل، ولكن هذا لن يجعل اعتقاله أقل خزيا أو إثارة للقلق. فقد تم إخطار حاملي البطاقات الخضراء البالغ عددهم نحو 13 مليونا في الولايات المتحدة -ناهيك عن الطلاب والأساتذة الأجانب- بضرورة مراقبة ما يقولونه”.

ويقول هاوس: “أعتقد أن أي طالب أجنبي هنا لابد وأن يشعر بالقلق إذا شارك في احتجاجات مؤيدة لفلسطين على مدى العامين الماضيين”. ولا يستطيع المواطنون أن يطمئنوا؛ ذلك أن الحكومة التي ترغب في تجاهل التعديل الأول تشكل خطرا علينا جميعا.

ولدى سؤال شلانغر إلى أي مدى ينبغي لنا أن نصاب بالذعر إزاء اعتقال خليل، أجابت: “أنا أدرس القانون الدستوري. وأنا خائفة”.

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب