منوعات

هل دمشق أموية؟ ثورة الفنانين عقب أحداث الساحل السوري… بلد بدون إعلام كفم بلا لسان

هل دمشق أموية؟ ثورة الفنانين عقب أحداث الساحل السوري… بلد بدون إعلام كفم بلا لسان

أنور القاسم

تتجه الأنظار نحو الفنانين السوريين هذه الأيام، باعتبارهم القوة الناعمة، التي تضمد الجراح في سوريا الجديدة وتقف الى جانب الناس في هذا المفصل التاريخي الأهم للبلاد.
وقد تجرأ عدد منهم وخرجوا عن صمتهم معلقين على الأوضاع، وقد سجل نخبة منهم فيديو انتشر بشكل كبير على وسائط التواصل تحدث فيه كل فنان من مختلف الطوائف السورية مصرحا أن طائفه الوحيدة هي سوريا.
وقد برز من هؤلاء الفنان الحلبي قاسم ملحو والدمشقي تيسير إدريس، والمخرج زهير قنوع والممثل والمخرج رمزي شقير من السويداء، وغيرهم من النجوم الوطنيين.
وقد وجدت الفنانة نور علي نفسها في موقف صعب ضمن أحداث الساحل السوري، بعد أن جرى محاصرتها أثناء وجودها مع عائلتها، وإطلاق النيران عليها من مقاتلين أجانب، كما قالت وسرقوا سيارتها.
وظهرت في مقطع مصور، وهي في حالة انهيار تام، تشتم وتسب الدولة، مضيفة أنها اتصلت بالأمن العام الذي تجاوب معها.
ثم عادت للاعتذار عن كلمات نابية طالت فيها شريحة عريضة من السوريين، ودعت إلى الوحدة بين كافة السوريين، قائلة: «نحن ولاد بلد واحد».
كما ندد النجم جهاد عبدو بالأحداث الدامية، مطالباً بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم، التي استهدفت المدنيين وعناصر الأمن العام، ومشدداً على ضرورة التهدئة الفورية، وإجراء تحقيق محايد لمحاسبة الجناة والمتورطين.
بدوه دعا الفنان مكسيم خليل، إلى حماية أرواح الشعب السوري. وكتب: «المجرمون موجودون أين ما كان ومن كل الطوائف والأديان. المجرم طبيعة نفسية لا تخضع لدين أو طائفة».
من جهتها، أعربت المطربة أصالة، عن قلقها لما يجري في بلدها، وكتبت عبر حسابها في «إكس»: «والله مو معقول اللي عم يصير».
وقال الفنان العائد من المغترب عبد الحكيم قطيفان «دم السوري على السوري حرام».
فيما انتقدت الممثلة السورية علياء سعيد من ينفي حصول أي انتهاكات في الساحل، لافتة في فيديو على حسابها في «إكس»، إلى أن الحكومة والسلطات الرسمية بنفسها أكدت حصول تجاوزات.
الفنان فارس الحلو كتب: في هذه المرحلة العصيبة نحتاج الى أبناء الثورة من الضباط الأحرار المنشقين لممارسة مسؤولياتهم الجسيمة في بناء الدولة الجديدة». واكتفت الممثلة إمارات سورية بجملة «سوريا بحمى الرحمن».
لكن اللافت صمت شريحة عريضة من النجوم عن إبداء الرأي أو حتى التعليق، وهذا مظهر يعيدنا الى اللواذ بالصمت من قبل الفنانين، الذي كان سائدا أيام حكم المقبورين حافظ وبشار.
المأمول من نقابة الفنانين السوريين الجديدة بقيادة الفنان الوطني مازن الناطور أن تقوم بدور مشابه لنقابة الفنانين المصرية، التي لعبت وما زالت، دورا مهما وتاريخيا في حياة البلاد، فسوريا الجديدة بحاجة لكل أبنائها كي تزهر وتثمر وتبنى على أسس سليمة وجديدة.

حضر الاعلام الخارجي وغاب الوطني

من يعتقد أن الاعلام هو مسألة ثانوية أو مزهرية تزين الدولة، ويمكن تأجيل تفعيله في الحالة السورية، فهو يغفل تماما أنه يعزز الانتماء للدولة، خاصة في ظل غابات التواصل الاجتماعي وأدغالها المتوحشة المنفلتة من أي منطق أو ضابط، بحيث تتصدر الساحة وتصير المصدر الأساس للأحداث والشائعات، وأيضا مغذية الفتن والخراب والتجييش والاتهامات الهادمة.
لا ينكر أحد أن السوريين برزوا كإعلاميين عالميين لا يشق لهم غبار في جميع دول العالم غربها وشرقها، أيعقل أن بلدهم فقير بالإعلام الوطني، وليس فيه اعلام داخلي، لكن في المقابل إذا كان هذا التأجيل للإتيان بالتكنوقراط والمهنيين المقبولين داخليا وخارجيا، فلا بأس في ذلك لأن الانتهازيين وجودهم أسوأ من عدمه، وبعض صفحات زملائنا الإعلاميين السوريين تبعث على التفاؤل والحرية والمستقبل، فيما البعض الآخر موغل في الأحقاد والتفريق والظهور المرضي.
يقول زميلنا عمر الشيخ إبراهيم في هذه الساعات الحرجة يتبين بشكل محزن الفراغ الإعلامي للدولة السورية هذا الأسبوع وليس للسلطة، فالذين تسببوا في تعطيل الاعلام الرسمي طوال الفترة الماضية عليهم اليوم أن يعترفوا بخطأ تقديراتهم.
ومع الاحترام والتبجيل للناشطين الميدانيين فهم لا يستطيعوا لوحدهم سد الفراغ الإعلامي الرسمي في زمن بناء الدولة.
نعلم جيدا أن المنصات كلها دون استثناء لها أجنداتها والأخبار سلاح دون أصوات، فقد خرجت معظم الصحف الغربية تتحدث عما حصل في الساحل السورية، دون أن تجد ما يرفدها من الاعلام الوطني أو تستشهد بحقائقه.
وهذا هو زميلنا الإعلامي زاهر عمرين يقول: واقعيا دفن المرتزقة في ثلاث ساعات كل ما حصده أسعد الشيباني من إنجازات دبلوماسية في ثلاثة شهور»!
لا شيء سيقف في وجه الصحافة الأجنبية إلا ند إعلامي وطني ومهني وليس بوقا، والدولة الجديدة في أمس الحاجة اليه.

هل دمشق أموية؟

سؤال طرحته قناة «المشهد»، وأجابت عليه من وجهة نظرها، فما رأيكم أنتم؟
تقول المذيعة آسيا هشام: «عمر دمشق أحد عشر ألف سنة، تخللتها 900 سنة أموية فقط، فهي أقدم عاصمة مأهولة في العالم. ويؤكد الخبراء أنها كانت مأهولة بالحياة قبل أن تكون هناك أعراق وأمم». وترى أنه من الظلم أن نختزلها بحكم أسرة واحدة مهما كانت هذه الأسرة؟!
ألا يحق لهذه المدينة التباهي بين الأمم، وقد قال عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام). وأضاف «إذا وقعت الملاحم، بعث الله من دمشق بعثا من الموالي، هم أكرم العرب فرسا، وأجوده سلاحا، يؤيد الله بهم الدين».
ففي عهد الأمويين تحولت إلى حاضرة إسلامية مركزية، فكانت ثاني مركز خلافة في تاريخ الإسلام، وعاصمة أكبر دولة في تاريخ انتشاره، وامتدت حدودها من أطراف الصين شرقًا حتى جنوب فرنسا غربًا، وتمكنت من فتح إفريقيا والمغرب والأندلس وجنوب الغال والسند وما وراء النهر.
وحتى عندما سقطت الدولة الأموية في الثلث الأول من القرن الثاني للهجرة، بمقتل آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد على يد العباسيين، استطاع فتى من آل أمية اسمه عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، أن يفرّ من دمشق وهو في التاسعة عشرة من عمره ليقطع خلال ست سنوات، رحلته الطويلة والمضنية إلى الأندلس التي دخلها عام 138 هـ، وأعاد بناء الدولة الأموية ليحكم في الأندلس 33 عامًا، تاركًا لخلفائه إمارة استمرت نحو ثلاثة قرون، وحاملاً لقب عبد الرحمن الداخل أو «صقر قريش».
وإلى الأندلس حمل تراث دمشق من حضارة وعمران فأنشأ القصور والدور، وبنى المدن التي حاكى من خلالها حنينه إلى دمشق.
ألا يحق لعاصمة الأمويين – وهي عظيمة في كل مراحلها التاريخية ودرة العالم القديم – أن يفخروا، وقد غدت في دورهم عاصمة الدنيا، كما أرخها سعيد عقل، قائلا: قرأتُ مجدَكِ في قلبي وفي الكُتُبِ.. شَآمُ، ما المجدُ؟ أنتِ المجدُ لم يَغِبِ.. أيّامَ عاصِمَةُ الدّنيا هُـنَا رَبطَتْ.. بِـعَزمَتَي أُمَـويٍّ عَزْمَةَ الحِقَبِ.

كاتب من أسرة «القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب