منوعات

طلاب فلسطينيون يهزّون عرش «الديموقراطية» الأميــركية

طلاب فلسطينيون يهزّون عرش «الديموقراطية» الأميــركية

علي عواد

يبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب وجدت أخيراً عدواً يناسب مقاسها: طالب دراسات عليا في جامعة «كولومبيا»، فلسطيني الأصل، متزوج من مواطنة أميركية، ينتظر مولوده الأول، ويا للهول! لم يكن يرتدي كمامة في احتجاجات حرم جامعة «كولومبيا» ضد حرب الإبادة الإسرائيلية. ما هذه الجريمة النكراء!

في زمن تُقاد فيه السياسات الأميركية عبر السوشال ميديا، يبدو أن «عدم ارتداء الكمامة» أصبح في نظر البيت الأبيض جريمةً تستحق الترحيل. لا يهم أنّ محمود خليل لم يرتكب أي جرم حقيقي، لا يهم أنه لم يُدَن في محكمة، ولا يهم أن زملاءه وحتى ديبلوماسيين سابقين يشهدون على أخلاقه واستقامته.

كل ما يهم هو أنّ إدارة ترامب بحاجة إلى استعراض القوة في حملته ضد الطلاب الأجانب المتعاطفين مع فلسطين، فكان خليل ضحية مثالية: فلسطيني، مُسلم، جريء بما يكفي للدفاع عن قضيته، ولكنه ليس قوياً بما يكفي لمواجهة آلة القمع الأميركية.

من المضحك حد البكاء أن أميركا، التي لا تتوقف عن تسويق نفسها حاميةً لحرية التعبير، تجد نفسها الآن في حالة هلع من بضعة طلاب نصبوا خيماً احتجاجية في جامعتهم دفاعاً عن غزة.

أهذه هي استعادة حرية التعبير التي وعد بها ترامب وتبجّح بها في خطاب حالة الاتحاد؟ ألا يعلم أنصاره أنّ قمع الاحتجاجات الطالبية دائماً ما كان مقدمةً لمزيد من التعديات على الحريات العامة؟ لكن من يهتم؟ فهم الآن مغمورون بنشوة عودة ترامب إلى السلطة، والقمع مبرّر ما دام أن المتظاهرين ليسوا من «القبيلة» التي ينتمون إليها.

اعتقال خليل جزء من حملة تهدف إلى قمع أي خطاب يعارض سياسات «إسرائيل»، وهو في الوقت نفسه رسالة تخويف للطلاب الآخرين: «تجرأ على التحدث ضد سياساتنا، وسنحول حياتك إلى كابوس». هل هذا هو النموذج الأكاديمي الذي تفتخر به أميركا ترامب؟

الأكثر فجاجة في هذه المهزلة أنّ البيت الأبيض برر اعتقال خليل بحجة «نشره دعاية مؤيدة لحماس». لا دليل على هذا الادعاء، ولكن لماذا تحتاج الإدارة إلى دليل؟ في ظل ترامب، يكفي أن يُقال عنك إنك «معادٍ لإسرائيل» حتى تُعامل كمجرم.

لم يقتصر الغضب من حملة القمع ضد الطلاب على زملاء محمود خليل الذين انتفضوا وتظاهروا رفضاً للقرار، إذ امتد ليشمل شخصيات بارزة من مختلف المجالات، من ممثلين وأكاديميين إلى قادة نقابيين، وقعوا على رسالة مفتوحة تدعو إدارة ترامب إلى وقف استهداف الطلاب المهاجرين وانتهاك حقهم الدستوري في حرية التعبير.

وحذرت الرسالة، التي حملت توقيع شخصيات مثل سوزان ساراندون، وجوديث بتلر، وسوزان أبو الهوى، من أنّ قمع الحركات الطالبية دائماً ما كان نذيراً لهجمات أوسع على الحقوق المدنية والديموقراطية في البلاد.

لكن من الواضح أن إدارة ترامب لا تعبأ بهذه التحذيرات، هي تتعامل معها كأنها ضجيج يمكن إسكات أصحابه بسهولة، تماماً كما تحاول إسكات خليل وغيره من الطلاب الذين تجرأوا على قول «لا» في وجه «الصهاينة».

الاخبار اللبنانيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب