عربي دولي

صورتان لأمهات سوريات تكثفان وجع البلاد النازفة

صورتان لأمهات سوريات تكثفان وجع البلاد النازفة

دمشق ـ  كثفت صورتان لأمهات سوريات، أمس، وجع البلاد الملكومة بتوترات أمنية خصوصاً في الساحل، حيث ارتفع عدد الضحايا المدنيين الذين سقط معظمهم على يد فصائل عسكرية، إلى 1383 شخصا.
الصورة الأولى هي لأمهات قتلى من الأمن العام سقطوا في اشتباكات الساحل، وهن ينتظرن جثث أبنائهن في إحدى قرى ريف حماة.
أما الثانية فهي للسيدة زرقة سباهية (86 عاماً) واقفةً بجانب جثامين ولديها كنان وسهيل وحفيدها محمد، بينما يوجه أحد المسلحين كلاماً ساخراً لها: «هذول ولادك.. نحن عطيناكم الأمن بس أنتم غدارين» لتصرخ في وجهه بصلابة: «فشرت».
وحسب رواية ابنة زرقة لـ»المرصد السوري» وقعت الجريمة في 7 آذار/مارس، حين اقتحمت مجموعات أمنية بينها عناصر مكشوفة الوجه وأخرى ملثمة، يرتدون زياً عسكرياً منزل العائلة في قرية قبو العوامية بريف اللاذقية (القرداحة) وقاموا بتفجير أقفال المنزل بالقنابل، قبل أن ينهبوا محتوياته ويجبروا الشباب الثلاثة على الخروج. الابنة تروي: سألهم المسلحون: «أنتم علوية أم سنية؟ لا تهمهم الإجابة: بكل الأحوال سوف تقتلون، قالوها ثم أطلقوا النار عليهم، رغم تأكيدهم أن الشبان مدنيون، ويُدرّس اثنان منهم اللغة الإنكليزية في الجامعة».

حصيلة جديدة

وفي أحدث حصيلة للمدنيين في الساحل أحصى المرصد مقتل 1383 شخصا غالبيتهم الساحقة من العلويين، خصوصا في محافظتي اللاذقية وطرطوس في «عمليات إعدام على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها».
وأوضح أن هذه العمليات ترّكزت «يومي 7 و8 آذار/مارس» مشيرا الى أن الحصيلة تواصل الارتفاع لأن «توثيق أعداد القتلى لا يزال مستمرا» على الرغم من توقّف أعمال العنف.
وقتل العديد من الأشخاص داخل منازلهم أو في الحقول، وفقا لمدير المرصد، رامي عبد الرحمن.
وفقا لروايات الناجين وشهادات شهود تحدّثت إليهم وكالة «فرانس برس» إضافة إلى معلومات جمعتها منظمات حقوقية، انخرط مسلحون في موجة عنف مروعة منذ 6 آذار/مارس ضد مدنيين علويين في المناطق الساحلية.
وأفادت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان الثلاثاء أنه «في عدد من الحالات المثيرة للقلق البالغ، قتلت عائلات بأكملها، بمن في ذلك النساء والأطفال والأفراد العاجزون عن القتال».

ارتفاع عدد القتلى في الساحل إلى حوالي 1400

وتابعت أنه وفقا للعديد من الشهادات التي جمعتها «داهم الجناة المنازل، وسألوا السكان عما إذا كانوا علويين أو سنة، قبل قتلهم أو العفو عنهم على هذا الأساس».
وأفاد شاهد طلب عدم الكشف عن هويته لـ «فرانس برس» بأنه رأى رجلا وزوجته وطفليهما يُجبرون على الخروج من منزلهم والوقوف أمام جدار قبل أن يتم إعدامهم رميا بالرصاص في قرية علوية في منطقة اللاذقية.
وقال رجل آخر من سكان حي علوي في مدينة بانياس لـ»فرانس برس» إن مسلّحين جمعوا جميع الرجال من المبنى الذي يقطن فيه شقيقه على السطح قبل أن يتم إعدامهم.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت، مسلحين يطلقون النار من مسافة قريبة على مدنيين، ويمكن في مقاطع أخرى رؤية عشرات الجثث المكدسة على الأرض.
لا يمكن تحديد مسؤولية مجموعة محددة عن هذه المجازر التي وقعت إثر عمليات أمنية في منطقة الساحل.
ودعت السلطات إلى التعبئة بعد الهجمات التي استهدفتها في منطقة الساحل.
ويشرح الباحث الفرنسي المتخصص في شمال شرق سوريا سيدريك لابروس أن «تدخلا واسع النطاق لآلاف المقاتلين الذين لا يمثلون السلطات بأي شكل من الأشكال» تلى هذه الدعوة.
ويشير إلى ثلاث مجموعات أساسية تدفقت إلى المناطق العلوية، وهي «مجموعات سورية، ترفض سلطة دمشق» و«قادة حرب مع جزء من قواتهم التي انضمّت إلى مشروع الجيش السوري الجديد» ومن بينها بشكل خاص فصائل موالية لتركيا، وأخيرا «مجموعات من جهاديين أجانب».
ويشير إلى أن هؤلاء الجهاديين الأجانب ومن بينهم «قرغيز وأوزبك وشيشانيون طُردوا من المنطقة في مطلع كانون الثاني/يناير 2025 من جانب السلطات الجديدة في محاولة لتهدئة الوضع على الساحل».

ضرورة المساءلة

وأشارت «هيومن رايتس ووتش» إلى «وجوب أن تشمل المساءلة عن الفظائع جميع الأطراف».
وكانت دمشق قد شكلت لجنة تقصي حقائق حول أحداث الساحل من المفترض أن تنهي تحقيقاتها خلال شهر. ورحب الاتحاد الأوروبي بتشكيل اللجنة.
وقالت الدائرة الدبلوماسية في الاتحاد في بيان الأربعاء «نرحب بالالتزامات التي اعلنتها السلطات الانتقالية، وخصوصا تشكيل لجنة تحقيق تهدف إلى محاسبة الجناة، وفقا لمعايير القانون الدولي».
وأكد النص الصادر عن دول الاتحاد السبع والعشرين أنه «يجب بذل كل الجهود لمنع تكرار مثل هذه الجرائم».
وأدانت دول الاتحاد الأوروبي «الهجمات التي تشنها الميليشيات الموالية (للرئيس السابق بشار) الأسد ضد قوات الأمن» وكذلك «الجرائم المروعة ضد المدنيين، بما في ذلك الإعدامات التعسفية التي قد تكون ارتكبتها جماعات مسلحة تدعم قوات الأمن التابعة للسلطات الانتقالية».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب