صحيفة عبرية.. ترامب لإسرائيل: لن نقبل بـ “صيغة زيلينسكية” في الشرق الأوسط

صحيفة عبرية.. ترامب لإسرائيل: لن نقبل بـ “صيغة زيلينسكية” في الشرق الأوسط
تبدو الأشهر الأولى لرئاسة ترامب كشهر عسل لحكومة إسرائيل، ولنتنياهو بشكل شخصي. يجلس في البيت الأبيض رئيس يفهم إسرائيل ومصالح الإسرائيليين، ولا يحاول فرض حلول وخطوات لا تروقنا. وبالإجمال، يبدو أن ترامب يعمل وفق منطق يتناسب وحكومة اليمين الإسرائيلية. بل ويسير بعيداً إلى أكثر من هذا حين يقترح طرد سكان غزة وبناء ريفييرا هناك. تلك حلول لم يجرؤ حتى اليمين الإسرائيلي على طرحها. غير أننا من الجهة الأخرى، نرى خيبة ما في شريك في البيت الأبيض.
لقد لاقى نتنياهو في الغرفة البيضاوية إنساناً يأخذ القرارات الاستراتيجية نيابة عنه. من خلال مبعوثه ستيف ويتكوف، بدأ يعمل حتى قبل دخوله إلى البيت الأبيض، وفرض المرحلة الأولى من اتفاق المخطوفين الذي لم يرغب فيه نتنياهو. يدور الحديث عن ذاك الاتفاق الذي كان ممكناً عقده قبل نحو سنة، والآن فرض عليه.
عودة إلى اتفاق 2022
هذه هي الولايات المتحدة إياها التي تفرض الآن تنفيذ مرحلة التباحث مع لبنان على الحدود، الأمر الذي لم يرغب فيه نتنياهو. عندما وقع لبيد على اتفاق المياه الاقتصادية مع لبنان، وصفه نتنياهو كاتفاق خيانة واستسلام بل ووعد حتى بإلغائه. سبق أن استسلم نتنياهو للرئيس بايدن عندما وافق على اتفاق وقف النار مع حزب الله. كان هذا استسلاماً لبايدن، تحول إلى استسلام لترامب. عملياً، سينفذ نتنياهو اتفاق لبيد بالضبط.
بالتوازي، تكتشف حكومة إسرائيل إجراء مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وحماس. ومع أنها مفاوضات لم تنجح وأن الولايات المتحدة أعلنت عدم تكرارها، لكن بات واضحاً من جهة أخرى أن هذا تم انطلاقاً من موقع قوة ودون أن يتشاوروا أو يسألوا حكومة إسرائيل. لو نجحت هذه المفاوضات، وكانت حماس أكثر ذكاءً وبحثت مع ترامب مباشرة، لرأينا كيف يفرض الأمريكيون الخطوات المستقبلية علينا، دون أي تفكر إسرائيلي. لحظّنا، طرحت حماس مطالب مبالغاً فيها لتحرير مئات المخربين مقابل عيدان ألكسندر، مطالب حتى الأمريكيين فهموا أنها مبالغ فيها. في كل ما يتعلق بالمخطوفين، بدا النهج الأمريكي بشرى طيبة. ترامب ومبعوثه ويتكوف يريدان استمراراً لوقف النار وتحرير مخطوفين. بخلاف بايدن، لا يمكن لنتنياهو أن يقول لهما لا، وويتكوف يعرف هذا.
في هذه الأثناء، بالنسبة للمفاوضات الإسرائيلية مع حماس بوساطة قطر ومصر، تقدر “القدس” [تل أبيب] بأن احتمالات قبول حماس منحى ويتكوف بتحرير عشرة مخطوفين أحياء ووقف نار لستين يوماً متدنية. وعليه، اقترحت إسرائيل تمديد المرحلة الأولى بنبضات تحرير أصغر. أمس، جاء ويتكوف إلى الدوحة، واليوم سينضم إلى المحادثات.
فضلاً عن الإملاءات في المفاوضات، ها هي إسرائيل تطيع إملاءات أمريكية بالنسبة لإعلانات في الولايات المتحدة، والدليل – التصويت في صالح روسيا وضد أوكرانيا.
ينبغي أن نقول بصدق: إسرائيل خاضعة تماماً للأجندة الأمريكية. نكشف بأن ترامب لا يكتفي بأن يكون رئيس الولايات المتحدة؛ فهو يريد أن يكون رئيس وزراء إسرائيل أيضاً.
حكومة إسرائيل تقبل باستسلام كل مطالب ترامب. لن يحصل لنتنياهو ما حصل لزيلينسكي ما دام يطيع ترامب. وفي اللحظة التي يخالفه، فسيتغير الأمر، ونتنياهو يعرف هذا. وعليه، سكتت إسرائيل حين انكشفت مفاوضات المبعوث بوهلر مع حماس، وسكتت أيضاً حين ضحك بوهلر على ديرمر، وتحدث عن فنجان القهوة مع زعماء حماس دون أن يفهم ما الذي يفعله.
وعودة إلى الاتفاق مع لبنان، خصوصاً إلى محادثات الناقورة بمشاركة ممثلي الجيش الإسرائيلي، والولايات المتحدة، وفرنسا ولبنان، فقد اتفقوا على إقامة مجموعات عمل هدفها استقرار المنطقة. ستركز المجموعات على المواضيع التالية: النقاط الخمس التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان، ومباحثات في موضوع الخط الأزرق، والنقاط التي بقيت موضع خلاف (بالإجمال 13 نقطة)، وموضوع المعتقلين اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل.
بشكل استثنائي، وافقت إسرائيل، بتنسيق مع الولايات المتحدة وكبادرة حسن نية للرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، على تحرير خمسة معتقلين لبنانيين بينهم رجل واحد من “حزب الله”. نُقل المعتقلون أمس إلى لبنان، وأوضحت إسرائيل بأنه إذا انتشر الجيش اللبناني في الجنوب، فسيبدأ الانسحاب من المواقع التي تسيطر عليها.
الاحتمال بجائزة نوبل
وافقت إسرائيل أيضاً على الدخول في حديث عن نقاط الحدود موضع الخلاف مع لبنان منذ قبل سنتين، بناء على طلب المبعوث السابق عاموس هوكشتاين. الحرب منعت تنفيذ التوافق، لكنه سلم للإدارة الأمريكية منذ زمن بعيد.
بادرة الرئيس اللبناني الطيبة لم تأت من فراغ؛ فالحديث يدور عن رئيس انتخب رغم أنف المحور الشيعي ويتخذ خطوات من خلف الكواليس ضد حزب الله، ولهذا السبب تريد إسرائيل تعزيز المحور المعتدل في لبنان، وهي تتخذ خطوات حقيقية هنا.
نشير إلى أن اتفاقاً إسرائيلياً لبنانياً يبدو مصلحة أمريكية. كما أنها مصلحة اللاعب القوي في المنطقة، الوحيد الذي يشكل شريكاً لترامب، وهي السعودية. يريد السعوديون تعزيز مكانتهم الإقليمية على حساب إيران الآخذة بالضعف، ويتطلع ترامب من جهته بكل آماله للوصول إلى اتفاق بين السعودية وإسرائيل، إما للحصول على جائزة نوبل أو لملء جيوب عائلته وجيوب أصدقائه المالتي مليارديريين. ولن يتردد في دفع “عملة إسرائيلية”، للسعوديين، بما في ذلك حيال السلطة الفلسطينية، وذلك دون أن يتجرأ نتنياهو وحكومته على أي اعتراض، خوفاً من أن يصبحوا صيغة زيلينسكية، ولكن شرق أوسطية.
إيتمار آيخنر
يديعوت أحرونوت 12/3/2025