الصحافه

بعد “حادثة زيلينسكي” ومهاتفة الحية.. نتنياهو: سمعاً وطاعة يا مولاي

بعد “حادثة زيلينسكي” ومهاتفة الحية.. نتنياهو: سمعاً وطاعة يا مولاي

ما حصل في الأسابيع الأخيرة مع إسرائيل وصفقة المخطوفين، والمفاوضات على لبنان والمفاوضات الأمريكية مع حماس لم يكن مجرد حدث دبلوماسي، بل درس نفسي في نظرية الألعاب، درس يقرر فيه ترامب، كما هو الحال دوما، القوانين، أما نتنياهو فيلعب على لوحة ليس هو من بناها.

ترامب لا يعطي هدايا، بل يبيعها وبثمن باهظ. في هذا المقطع، تعلمت إسرائيل شيئاً ما سبق لأوكرانيا أن فهمته بالطريقة الصعبة: الدعم الأمريكي ليس أيديولوجياً، هو خطوة تجارية باردة. ترامب يرى نفسه قبل كل شيء كـ “تاجر قوة” – وهو لا يدير دبلوماسية بل يدير أملاكا استراتيجية.

ستيف ويتكوف، رجل ترامب، لا يعمل من أجل الدبلوماسية، بل لإدارة أزمات تجارية. جاء ليفرض الصلاحيات لا ليقنع. ربما اعتقد نتنياهو بأنه سيتلقى معاملة حميمة من حليفه ترامب، لكنه تلقى مديراً عاماً متصلباً جاء ليفحص العقد وليرى كيف يمكن زيادة الأرباح. وبالتالي، إذا أرادت إسرائيل شيئاً ما فعليها أن تدفع عليه – سواء في المقدرات والبادرات الطيبة السياسية، أم بتغيير السياسة الأمنية.

سؤال: هل ما يجري في الحدود اللبنانية لعبة استراتيجية أم أحبولة بقاء؟ قال نتنياهو إنه لن يوافق على اتفاق الحدود الذي عقده لبيد، ووصفه “استسلاماً” للبنان. وها هو، فجأة، حين تقول أمريكا، تسير إسرائيل وراءها. لماذا؟ لأنه يعرف ما سبق لفولوديمير زيلينسكي أن فهمه – في هذه اللعبة، القوة لمن يأخذ منك شيئاً.

في العلم النفسي للمفاوضات قاعدة حديدية: من لا بديل له سيخسر دوماً. ترامب يفهم هذا. وعليه، يخلق إحساساً بالطوارئ – “إما أن توقع أو تبقى وحيداً”. يحاول نتنياهو كسب الوقت، لكن كلما انجر، فقد السيطرة على الرواية. من يتحكم بالوقت – يتحكم باللعبة.

 قوة لحماس

ثمة دينامية مشوقة أخرى، وهي المفاوضات بين الولايات المتحدة وحماس، التي جرت من فوق رأس إسرائيل. وهذا عبث: الدولة التي تقاتل الإرهاب تغيب عن طاولة المباحثات. ترامب يفحص حماس مثلما يفحص كل لاعب – “هل يساوون الصفقة؟ هل يمكن جني الربح هنا؟”

تغيرت القواعد في هذه الساحة. ذات مرة، كانت إسرائيل هي الوسط في المنطقة. أما اليوم فترامب يضع إسرائيل جانباً ويقول: “سأتحدث مع من يحوز الممتلكات”. وما هو مُلك حماس؟ الرهائن. ما هو مُلك نتنياهو؟ ليس واضحاً، وبدأ يفهم هذا. إذن، ما الذي يتعين على نتنياهو أن يتعلمه؟ ثمة نقطة أخرى من المهم أن نفهمها – هو الآن يفحص الحدود. فقد فعل هذا مع بايدن، إذ لعب على الوقت، وعارض، وحاول رؤية كم يمكنه شد الحبل. لكن ترامب؟ لا يتجرأ. لماذا؟ لأن نتنياهو يشخص صلاحيات ويعرف متى يسير على الخط. نفسياً، يدور الحديث عن نمط سلوك معروف: شخص يجري مفاوضات انطلاقاً من إحساس ضعف، يبحث دوماً أين يمكنه “إخضاع” القواعد. مع بايدن، الذي رأى فيه نتنياهو رئيساً رقيقاً و”ضعيفاً سياسياً” حاول أن يولي وتيرته، لكن ترامب لا يبقي مجالاً للمناورة؛ فهو لا يطلب، بل يقرر. ونتنياهو، الذي يعرف منظومات القوة، يفهم بأنه لا يمكن اللعب مع أحد ما مثل ترامب. وعليه، فهو لا يحاول فحص الحدود؛ بل يطيع.

إذا اعتقد نتنياهو إن بإمكانه مواصلة لعب اللعبة القديمة، التي كانت فيها إسرائيل الوسيطة بين القوى وتتمتع بدعم بلا تحفظ، فقد فوت التغيير في اللعبة. في عالم ترامب الجديد لا توجد “تحالفات تاريخية”؛ بل ميزان كلفة – منفعة بارد. تعلم زيلينسكي هذا بالطريقة الصعبة حين وصل إلى البيت الأبيض ليتلقى الدعم، وخرج مهاناً. نتنياهو لا يزال يلعب وكأنه يملك خيارات، لكن إذا لم يفهم قواعد اللعبة الجديدة فسيكتشف أن ترامب يتعامل معه بالضبط مثلما مع زيلينسكي: لاعب يطلب أكثر مما ينبغي، دون عرض المقابل.

هل إسرائيل مستقلة حقاً؟ نتنياهو يعرض نفسه كأنه المتحكم، لكن القرارات الاستراتيجية تتخذها واشنطن عملياً، وليس “القدس”. هل هذا يعني أن إسرائيل فقدت استقلالها السياسي؟ ليس بالضرورة. لكن هذا يعني أن إسرائيل ينبغي أن تبدأ بالعمل انطلاقا من القوة وليس انطلاقا من رد الفعل. وإذا واصل نتنياهو المجيء إلى المفاوضات وكأنه في مكانة متساوية، فسيجد نفسه مكان زيلينسكي: سيسمع من الرئيس الأمريكي بأنه لا شيء يسمى “وجبات بالمجان”.

د. ليراز مرغليت

 معاريف 14/3/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب