ثقافة وفنون

رسمت وجهك في حقول الكرز وتركت البطريق يحرسه

رسمت وجهك في حقول الكرز وتركت البطريق يحرسه

رسول عدنان

أتركي قفازك وأنظري للأفق، أنظري هناك، فلا يوجد غيرك، غير التميمة التي علقتها بقلبك ولم أقرأها بعد، غير استهتارك الذي يدحرجني فوق أبطك الذي أشعر بوحشته كلما تغرق سفني بعينيك اللتين تكثر فيهما البساتين، دعيني أشتاق إليك كلما تصرعني نوبة الهذيان، فما زلت أردد ما يروجه البطريق عن إهابي الذي تهزأين به، و أنا أرتطم بك كلما تحاول ذاكرتي سقي أزهار الدفلى في فساتينك التي تتطاير في الهواء، أنظري لحبك الذي تركته في حقول الكرز، كيف صار وسيما، فخلعت له إهابي الذي صنعته من مناديلك التي تلوحين بها، أنا ذلك القفاز المصلوب على بابك، والغياب الذي يحضر كلما تومئين إليه، وكلما يهشم الشوق نوافذي، أرسم وجهك في حقول الكرز، واترك البطريق يحرسه، أيتها القديسة التي أطلقت بلابلي وذهبت نحو التلال تغازل العبث وتجر إهابها كالملكات القديمة، كيف اخترقت خلوتي وأصبحت ناعورا لصفناتي، كيف رجمت خلوتي بنظراتك التي لا تطاق؟ وما زلت أرفع العبث راية ليأسي، وأكتب اسمك وأمزقه في الطرقات التي تقودني إليك، سأزرع الريحان في ثيابك وأحاول حصاده، يا مسابحي التي انفرطت وتناثرت خرزها، سأسأل البطريق أن يلتقطها ويعيدها إليّ، دعيني أولم لك جزءا من براءتي، لبهائك الذي انفرط كمسبحة قديمة وتناثر في العراء، أراك ترتدين ثياب الحقول المزركشة، كلما تمرين في خواطري التي أدمنت رائحة نقابك، كان إهابك يحفر بالتيه صولجان الإثارة، ويرسم اللذة بجيدك الناصع البياض، كيف لي أن أغلق النوافذ المطلة على جسدك وأملأ جراري من ينابيع صدرك وهو يهزأ بي؟ كيف لي أن أقترب من أزاميلك لأتحسس رائحة أسنانك وهي تطبق علي؟ لن أتصلب أمامك كالأشجار اليابسة كي تنحني أمامي، بل سأمهر شفاهك بلساني واجعل العصافير تحج إليك، أيتها العراء المبرق، والضياع الذي يجالسني في المقاهي، أيتها الحساء الذي لا أمل منه، والغصون التي تركتها عند الأنهار القديمة، يا مسابحي التي انفرطت وتناثرت خرزها، كلما شعرت بالخيبة، رسمت وجهك في حقول الكرز وتركت البطريق يحرسه.

شاعر وناقد عراقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب