فلسطين

وسط العتمة والحصار… الفلسطينيون يعيدون الحياة للألواح الشمسية في غزة

وسط العتمة والحصار… الفلسطينيون يعيدون الحياة للألواح الشمسية في غزة

الاناضول

في ظل انقطاع الكهرباء الكامل منذ أكتوبر 2023، لجأ الفلسطينيون في غزة إلى إصلاح الألواح الشمسية المتضررة كخيار وحيد لمواجهة الظلام. تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة بسبب الحصار الإسرائيلي ومنع دخول قطع الغيار، ما يجعل الصيانة بديلًا ضروريًا.

لجأ فلسطينيون في قطاع غزة إلى إعادة الحياة للألواح الشمسية القديمة والمتهالكة عبر صيانتها كأحد الحلول المحدودة والمتاحة لمواجهة الظلام، مع استمرار قطع إسرائيل الكهرباء عن قطاع منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وتواجه عملية الصيانة تحديات كبيرة بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر منذ 2 آذار/ مارس الجاري إلى جانب منعها إدخال المعدات اللازمة للصيانة وقطع الغيار خلال فترة فتح المعبر.

فيما ترتفع أسعار ما يتوفر من تلك المعدات بغزة ما يحول دون قدرة الفلسطينيين على إصلاح الألواح المتعطلة لديهم في ظل انعدام مصادر دخلهم جراء الدمار الواسع الذي لحق القطاع خلال قرابة 16 شهرا من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل.

ويستخدم المقتدرون بغزة ألواح الطاقة الشمسية من أجل الحصول على كميات قليلة من الطاقة لإنارة خيامهم وما تبقى من منازلهم المدمرة وشحن الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة إن وجدت، حيث تكتفي العائلات بشراء لوح واحد فقط لارتفاع سعرها.

فيما حولها بعضهم إلى مشاريع صغيرة كإنشاء نقاط شحن للهواتف والبطاريات الصغيرة، حيث باتت تنتشر في كل مناطق قطاع غزة.

وقبل اندلاع الإبادة كانت قدرة الكهرباء المتوفرة بقطاع غزة تقدر بنحو 212 ميغاواط من أصل احتياج يبلغ حوالي 500 ميغاوات/ ساعة لتوفير إمدادات الطاقة على مدار 24 ساعة يوميا.

ومن إجمالي الكهرباء التي كانت متوفرة بغزة كان يتم شراء نحو 120 ميغاواط منها من إسرائيل وتصل القطاع عبر 10 خطوط تغذية، إلا أن إسرائيل قطعتها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ومنعت دخول إمدادات الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة ما تسببت بتوقفها في 11 أكتوبر من ذات العام.

وتسبب انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع لنحو 17 شهرا بتداعيات كارثة انعكست على كافة الخدمات الحيوية والأساسية في القطاع كالمستشفيات والمياه والصناعة والتجارة، ما تسبب بوفاة أشخاص جراء عدم تلقيهم لتلك الخدمات.

صيانة الألواح المتضررة

وفي حي الزيتون بمدينة غزة، يعمل الفلسطيني رمضان طافش بأدوات بسيطة على إعادة إصلاح ألواح الطاقة الشمسية المتضررة، ويقول طافش إن السكان يجلبون الألواح المتضررة إلى ورشته لصيانتها نظرا لندرتها وارتفاع أسعارها بسبب القصف والحصار.

وأضاف “بدأنا منذ بداية الحرب في صيانة الألواح المتضررة لإعادتها للعمل، نحاول بقدر الإمكان توفير البدائل رغم التحديات”.​

وخلال أشهر الإبادة، تعمدت إسرائيل استهداف ألواح الطاقة الشمسية التي كانت تعلو المنازل والمؤسسات والمنشآت الحيوية إمعانا بسياسة إظلام القطاع ومنع تقديم الخدمات الأساسية للفلسطينيين.

وألحق هذا الاستهداف أضرارا كبيرة بألواح الطاقة الشمسية التي لم تدخل للقطاع منذ بدء الحرب، ما يتطلب أحيانا إتلافها بشكل كامل أو صيانتها لمرات متكررة في ظل ندرة توفر قطع الغيار بسبب القيود الإسرائيلية.

المصدر الوحيد للطاقة

ويسعى طافش جاهدًا لمساعدة الفلسطينيين على إعادة إحياء ألواحهم الشمسية المتهالكة وإن كانت بقدرات أقل، بعدما باتت المصدر الوحيد للطاقة في غزة. وقال “أغلب الألواح التي تصلنا شبه مدمرة، ونضطر أحيانا لصيانتها مرتين بسبب استمرار تعرضها للأضرار”.

وأضاف “تتضمن مراحل الصيانة فحص اللوح وإصلاح القطع المتضررة وإجراء الاختبارات اللازمة لضمان عمله بكفاءة”.

ووصل سعر اللوح الواحد من الطاقة الشمسية نحو 5000 شيكل، مما يجعل الصيانة خيارا أكثر جدوى للسكان من شراء جديد بسبب ارتفاع أسعارها، وفق طافش.

وأوضح طافش إن عشرات الفلسطينيين في معظم مناطق القطاع، افتتحوا مشاريع صغيرة لتدشين نقاط شحن للهواتف وأجهزة الحاسوب والبطاريات الصغيرة، لافتا إلى أن ذلك يعكس اعتماد الناس على هذه الحلول البديلة في ظل الأوضاع الراهنة.

تدمير البنية التحتية

بدوره، ذكر مدير الإعلام في شركة توزيع كهرباء غزة، محمد ثابت، أن الجيش الإسرائيلي دمر خلال أشهر الإبادة نحو 70٪ من شبكات توزيع الكهرباء و 90٪ من مخازن ومستودعات الشركة، و80٪ من أسطول آلياتها ومعداتها، بما في ذلك السيارات والمعدات الأساسية.

وأضاف “تُقدر الخسائر الأولية لشركة الكهرباء بحوالي 450 مليون دولار، وهي أرقام مبدئية نظرا لصعوبة حصر الأضرار بالكامل بسبب تواجد الجيش الإسرائيلي في المناطق المتضررة.”

وأكد أن “التداعيات الكارثية لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على غزة، فيضطر المواطن لقطع مسافة 3 كيلو متر من أجل الحصول على كمية بسيطة من الماء بسبب عدم توفر الكهرباء لتشغيل الآبار الارتوازية”.

وأضاف “كما أن محطات تحلية مياه البحر مقطوعة عنها الكهرباء، وبالتالي لا تستطيع إنتاج أي كمية من المياه”.

وكانت سلطات الاحتلال قد زودت القطاع بخمسة ميغاوات من الطاقة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 استخدمت فقط لتشغيل محطة تحلية المياه، إثر تدخل مؤسسات دولية وأممية، قبل أن يقرر وزير الطاقة الإسرائيلي وقف أمداد القطاع بالكهراباء بشكل كامل.

وبعد القرار الإسرائيلي تفاقمت أزمة المياه في القطاع بما ينذر بكارثة صحية وبيئية في ظل تزايد المخاوف بشأن انتشار الأمراض والأوبئة في ظل غياب مصادر المياه، وتراكم الضغوط على القطاع الصحي المنهك أساسا جراء 16 شهرا من الإبادة والتدمير.

وانخفض الإنتاج اليومي للمحطة من 18 ألف متر مكعب إلى 3 آلاف متر مكعب فقط بعد قطع الكهرباء عن المحطة، بحسب تصريح سابق أفاد به نائب المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل، عمر شتات.

ودعا ثابت المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإنقاذ قطاع غزة وإسعافه وتوفير الطاقة والسماح بإدخال معدات الصيانة والسيارات لشركة توزيع الكهرباء من أجل إعادة صيانة شبكات التوزيع لإعادة الكهرباء إلى تلك المرافق حتى تتمكن من خدمة المواطنين والنازحين في أماكن تواجدهم.

وفي مطلع آذار/ مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، أغلقت إسرائيل مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة، لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع كأداة ضغط على الفلسطينيين في محاولة لإجبار حركة حماس على القبول بإملاءاتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب