منوعات

لعبة المقالب غواية رامز جلال الموسمية في تعذيب النجوم

لعبة المقالب غواية رامز جلال الموسمية في تعذيب النجوم

كمال القاضي

مع بداية شهر رمضان وبشكل متوالي منذ سنوات، لم يشهد جمهور الفضائيات في برامج الترفيه سوى أنماط مُتكررة، لا تستهدف غير الربح السريع في سباق محموم على التريند الذي انتقل من وسائل التواصل الاجتماعي إلى الشاشات الصغيرة على اختلاف ثقافاتها وسياساتها البرامجية بلا تمييز، فالغالب على الصورة الإعلامية المرئية هو التقليد ومحاولة لفت النظر باستثمار مساحات الإرسال والوقت في أي شيء وبأي طريقة، وليس هناك غاية إلا الحصول على نسب المُشاهدة مهما كانت الوسيلة ومهما كان الأثر.
وبالطبع يأتي برنامج رامز جلال في مقدمة النوعيات التي تحظى عادة بملايين المُلاحظات من كل الفئات، وبرغم ذلك لم يتورع صُناعه عن ابتكار الجديد والمُثير والمُستفز أحياناً من ألوان السلوك الصبياني وشقاوة الأطفال تحت زعم التسلية والترفيه، علماً بأن صندوق الأفكار مليء بما هو أهم وأفيد، لكن العبرة بمن يُفتش ويبحث وينقب.
ولأن مسألة التنقيب تحتاج إلى جهد ورغبة حقيقية في التطوير، فالأسهل بالطبع هو الاستمرار على النهج القديم الذي تم اختباره في سوق الميديا وأتى ثماره حسب الخُطة الموضوعة سلفاً، حيث حصد البرنامج ملايين الدولارات وارتفعت نسب مشاهدته إلى أكثر من المستويات المتوقعة، وهذا هو النجاح بعينه وفق قانون العرض والطلب بالسوق الإعلامية التي فُتحت أبوابها على مصارعها فاستقبلت الغث والسمين من البضائع الرائجة والراكدة على حد سواء.
استقبل رامز جلال في حلقته الأولى ببرنامجه الجديد «إلون مصر» أحد نجوم أفلام ومُسلسلات الأكشن، أحمد العوضي كبطل للحالة الكوميدية المُستهدفة بأخطارها وحيلها المحبوكة والمسبوكة لتنطلي على جمهور البسطاء من عُشاق الإثارة وهواة المقالب.
وكالعادة مضى رامز في ممارسة استبداده المُتفق عليه مع الضيف بالتقييد، تارة والتخويف تارة أخرى، مع استحداث بعض الأساليب المُختلفة للوصول إلى أعلى درجات الاستفزاز واستقبال رد الفعل الذي يُمثل الهدف أو النتيجة المرجوة كغرض أساسي بُنيت عليه الفكرة بُرمتها مُنذ البداية، بدون الحاجة إلى مُكتسبات أخرى يُمكن أن تتحقق خلال المساحة المُقررة للحلقة.
وبالتسلسل المدروس، تبدأ حلقات البرنامج بضيوف من النجوم المعروفين، ثم يبدأ المُنحنى في الهبوط التدريجي إلى أن يصل إلى حده الأدنى، فيتم الاستعانة بأنصاف المواهب والأصدقاء المُقربين من مُقدم البرنامج، ولكي ينشط التسويق بالشكل المطلوب يُستغل بعض النجوم التقليديين كأوراق رابحة مضمونة التأثير لزوم التريند، وعلى رأس هؤلاء تأتي فيفي عبده بحضورها الطاغي على الشاشة وشخصيتها القوية لتُحدث الزوبعة وتُثير الشغب والاهتمام وبهذا تكون مواصفات اللعبة الذكية وعناصرها قد تحققت واكتملت مُعطيات النجاح حسب الطلب تماماً.

حبر سري

ويأتي ثاني الأنماط المُتكررة مُتمثلاً في برنامج «حبر سري» الذي تقدمه أسماء إبراهيم منذ فترة في نفس التوقيت من شهر رمضان، وتبذل خلاله مُحاولات مُضنية من أجل تحقيق الانفراد الإعلامي باستضافة كبار نجوم الفن والرياضة، ولا شك في أن المُذيعة الشابة قد حققت بالفعل نجاحاً يُذكر في هذا الجانب، لكنها لم تُغير هذا العام من صيغ المُحاورة والأسئلة التي تعتمد على المُباغتة والنفاذ إلى أغوار الحياة الشخصية والعائلية، باعتبار ذلك فراسة ونوعا من التميز، في حين أنها نقاط ضعف واضحة لأن السعي إلى كشف المستور في حياة المشاهير ليس بالأمر المحمود ولا يعكس ذلك مهارة من أي نوع لدى المُعد أو مُقدم البرنامج.
لقد استضافت أسماء الفنان الفلسطيني الأردني إياد نصار كنموذج للشخصية الجماهيرية الجاذبة، وتحدثت معه في قضايا كثيرة ووجهت له العديد من الأسئلة، كان من بينها سؤال عن هويته وأصله وفصله وجنسيته الحقيقية وانتماءاته السياسية والفكرية وظروفه العائلية وغيرها.
ولأنه فنان يتمتع بقدر كبير من الوعي والثقافة، حافظ على ثباته الانفعالي وأجاب بتلقائية على كل الأسئلة العامة والشخصية، مُستفيداً بالقطع من موهبته كمُمثل، لديه القدرة على إخفاء انفعالاته الحقيقية ليظل مُحتفظاً بصورته المثالية كفنان ونجم كبير أمام جمهوره المصري والعربي.
لكن بعد انتهاء الحلقة بقي الأثر الذي لم يخل من بعض الاستياء لدى المُتلقي، لاعتماد المذيعة على مُحاصرة الضيف وجمع معلومات خاصة وشخصية عنه، ربما لم يكن يرغب في إطلاع الغير عليها بالصورة العلنية، حيث لكل إنسان الحق في الاحتفاظ بأسراره وخصوصياته.
وليس من الضروري بكل تأكيد أن يُستجوب الضيف بهذه الطريقة كي ينجح البرنامج، حتى وإن بدا صريحاً في إجاباته لأن عنصر المفاجأة هو ما يحتم عليه هذه الصراحة لعدم وجود فرصه للمراوغة أو الهروب وهذا هو المأزق الإنساني بعينه.
شخصيات كثيرة من النجوم والنجمات تقع تحت تأثير الإطراء والاستدراج في برامج مُختلفة فتبوح وتستفيض في البوح والاعتراف، ثم سرعان ما تندم بعد أن تستفيق وتتخلص من التأثير المغناطيسي للأضواء والأجواء ودغدغة المشاعر بمعسول الكلام وفصاحة البيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب