ابن مخيم خان الشيح مستهدَفاً من الرئيس الأمريكي.. ناشط فلسطيني يكشف زيف حرية التعبير في الولايات المتحدة- (فيديوهات)

ابن مخيم خان الشيح مستهدَفاً من الرئيس الأمريكي.. ناشط فلسطيني يكشف زيف حرية التعبير في الولايات المتحدة- (فيديوهات)
لا يزال اسم الناشط الفلسطيني محمود خليل يتردد في الأوساط الأمريكية بعد أن كشف زيف حرية التعبير في البلد الداعم لإسرائيل بحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وفي 9 مارس/آذار الجاري، اعتقلت السلطات الأمريكية خليل، الذي قاد احتجاجات تضامنية بجامعة كولومبيا، العام الماضي، تنديداً بالإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب بغزة.
وأكدت إيمي غرير، محامية الطالب الفلسطيني، في بيان، اعتقال خليل، رغم أنه موجود في الولايات المتحدة بصفته “مقيماً دائماً يحمل بطاقة إقامة دائمة (ما تسمى البطاقة الخضراء أو الغرين كارد)”، وأنه متزوج من أمريكية، وأن السلطات ألغت بطاقته الخضراء.
الاعتقال جاء بعد أن وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي، أمراً تنفيذياً يتعلق بـ”مكافحة معاداة السامية”، يتيح ترحيل الطلاب الذين يشاركون في مظاهرات داعمة لفلسطين.
ولعل واشنطن جعلت من “مناصرة حركة حماس” تهمة جاهزة لإلصاقها بالناشطين الفلسطينيين المتضامنين مع قطاع غزة.
وسبق لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو القول، في منشور أرفقه بصورة لخليل على منصة إكس: “سنلغي تأشيرات أنصار حماس في البلاد، أو بطاقاتهم الخضراء حتى يمكن ترحيلهم”.
وجاء اعتقال خليل (29 عاماً) بعد يوم من إعلان إدارة ترامب عن إلغاء حوالي 400 مليون دولار تُقدم كمنح فيدرالية لجامعة كولومبيا.
من هو محمود خليل؟
ولد خليل في مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين بريف دمشق جنوبي سوريا، وتعود أصوله إلى مدينة طبريا.
ولدى خليل إقامة دائمة في الولايات المتحدة، ومتزوج من مواطنة أمريكية، ويحمل جنسية جزائرية.
حاصل على بكالوريوس في علوم الحاسب من الجامعة اللبنانية الأمريكية، وقدم إلى الولايات المتحدة في 2022 ليتابع دراسة الماجستير في جامعة كولومبيا.
وأكمل خليل دراسته للشؤون الدولية في جامعة كولومبيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وكان يستعدّ لحفل التخرج.
وسبق أن عمل بالسفارة البريطانية في بيروت، بين عامي 2018 و2022، حيث كان يدير برنامجاً للمنح الدراسية.
وبرز خليل بوضوح خلال مظاهرات طلابية منددة بالإبادة الإسرائيلية في غزة، كانت قد اجتاحت عدداً من الجامعات الأمريكية، وأخرى حول العالم الربيع الماضي.
ولم تقتصر مشاركته بالمظاهرات على الحضور فحسب، بل كان يلقي كلمات وخطابات، ويتحدث إلى وسائل الإعلام عن حجم التضامن الطلابي مع قطاع غزة.
اعتقلته سلطات الهجرة الأمريكية في مدينة نيويورك الأمريكية، ورحّلته إلى سجن فيدرالي في ولاية لويزيانا.
وقالت الهجرة إن أمر الاعتقال جاء تنفيذاً لسياسة الرئيس ترامب في “التصدي لمعاداة السامية” في الجامعات الأمريكية.
وأصدرت محكمة مانهاتن الجزئية قراراً، الثلاثاء، يمنع ترحيل خليل من الولايات المتحدة.
ترامب احتفى شخصياً باعتقال خليل، وكتب منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه، إن “هذا الاعتقال كان الأول، لكن اعتقالات أخرى ستأتي ضد من ينظمون أعمالاً معادية للسامية في البلاد، وضد الذين يعادون إسرائيل ويكرهون أمريكا”، وفق قوله.
وبعد يوم من اعتقال خليل، نظم متضامنون مع الفلسطينيين في مدينة نيويورك احتجاجاً على احتجازه، وأعربوا عن احتجاجهم على إلغاء بطاقة الإقامة الدائمة الخاصة به.
بدورها، تدخلت الشرطة في المظاهرة واحتجزت عدداً كبيراً من المتظاهرين.
بيان عائلته ومخيمه
والجمعة، نظم سكان مخيم خان الشيح وقفة تضامنية مع خليل، تلبية لدعوات من جهات أهلية وطلابية داخل المخيم، وفق مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا (حقوقية).
وحمل المشاركون لافتات تدين اعتقال خليل، من بينها لافتة كتب عليها: “الحرية لابن المخيم البار محمود خليل”، مؤكدين تمسكهم بحقوقهم في الدفاع عن قضيتهم أينما كانوا.
أما عائلته، فقالت في بيان، إن اعتقال خليل “يأتي في سياق حملة قمع متصاعدة تستهدف الأصوات الحرة داخل المؤسسات الأكاديمية الأمريكية، مدفوعة بقرارات سياسية تهدف إلى التضييق على الطلاب المدافعين عن الحقوق الفلسطينية والمناهضين للحرب على شعبنا”، وفق مجموعة العمل.
وأضافت العائلة أن “احتجاز محمود خليل في مركز اعتقال، دون مسوغات قانونية، يعدّ انتهاكاً للدستور الأمريكي، ورسالة ترهيب لكافة الطلاب والناشطين الساعين لتحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان”.
وأكدت أن “حرية محمود خليل تشكل اختباراً حقيقياً لالتزام الولايات المتحدة بمبادئ حقوق الإنسان، ولا يمكن القبول بتحويل القانون إلى أداة لقمع الأصوات الداعية للعدالة للشعب الفلسطيني”.
محاولات واشنطن للتبرير
وتعقيباً على ذلك، حاول البيت الأبيض تبرير اعتقال الناشط الفلسطيني، حيث ادعت متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت، بمؤتمر صحفي، الثلاثاء، أن خليل يؤيد حركة “حماس”، التي وصفتها بأنها “منظمة إرهابية”.
وزعمت أن خليل أساء استغلال الفرصة التي أتيحت له للدراسة في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية.
وتابعت: “هذا الشخص (خليل) نظم احتجاجات في الحرم الجامعي، تسبّبت في تعطيل الدروس، وهاجم الطلاب اليهود الأمريكيين، ما جعلهم يشعرون بعدم الأمان في جامعاتهم”.
كما ادعت أن خليل قام بتوزيع منشورات تحمل شعار حركة “حماس” في المظاهرات التي شارك فيها.
وختمت قائلةً: “وزير الخارجية ماركو روبيو، يحق له بموجب قانون الهجرة والجنسية، إلغاء بطاقات الإقامة الدائمة، والتأشيرات للأشخاص الذين يعارضون مصالح الأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية”.
قضية رأي عام
ولم تقتصر قضية خليل على الرأي العام فحسب، بل امتدت لتصبح دليلاً على زيف حرية التعبير في الولايات المتحدة، يستشهد بها الإعلاميون والمؤثرون وصناع القرار.
وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، فاجأ نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس الحاضرين في مؤتمر ميونيخ للأمن، بتوجيه انتقادات لاذعة لأوروبا، معتبراً أن “حرية التعبير فيها تتراجع، في الوقت الذي تركز أعمال المؤتمر، الذي افتتحه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير آنذاك على الحربين في أوكرانيا والشرق الأوسط”.
انتقاد فانس لحرية التعبير في أوروبا، أثار حفيظة مشاهيرها بشأن تجاهله للقمع، الذي يتعرض له متضامنون مع فلسطين في بلاده.
وتعقيباً على ذلك، خاطب الكاتب البريطاني جيمس إدوارد أوبراين، فانس قائلاً: “عندما اعترض طالب فلسطيني (محمود خليل)، نهض عميد كلية الصحافة (بجامعة كولومبيا) جيلاني كوب، وقال لجميع الطلبة لا أحد يستطيع حمايتكم، إنها أوقات خطيرة”.
وأضاف أوبراين، وهو مقدم برامج شهير: “هذا ما يعيشه طلاب الصحافة في جامعة كولومبيا، حيث يُنصحون بتجنب النشر والكتابة عن أي شيء يثير استياء الحكومة”.
وتابع: “رغم ذلك يقف نائب الرئيس الأمريكي في ميونخ، ويدعي أن حرية التعبير مهددة في بلادنا”.
مقابلة مع شبكة “سي إن إن”
وفي أبريل/نيسان 2024، قال خليل لشبكة “سي إن إن” الأمريكية: “ليس هناك بالطبع أي مكان لمعاداة السامية، وما نشهده مشاعر معادية للفلسطينيين، التي تتخذ أشكالاً مختلفة”.
وأضاف: “مطالبنا سحب الاستثمارات من الاحتلال الإسرائيلي، ومن الشركات التي تساهم في إبادة شعبنا”.
وأردف: “كطالب فلسطيني، أؤمن بأن مصير الشعب الفلسطيني يكون جنباً إلى جنب مع الشعب اليهودي، فلا يمكن لأحدهما أن يكون دون الآخر”.
وتابع الناشط الفلسطيني: “دائماً أقول إننا محظوظون لأننا وصلنا إلى هنا للتحدث بالنيابة عن شعبنا، الذي يتعرض للاضطهاد في فلسطين”.
كما أشار إلى أنه شعر في بعض الأحيان بـ”ذنب النجاة” بسبب عدم قدرته على “فعل أي شيء ذي معنى للشعب الفلسطيني” غير الاحتجاج.
وأردف قائلاً: “كنت خائفاً من الانخراط في الاحتجاجات بنشاط في بعض اللحظات بسبب التهديدات المختلفة، ولكننا نظمنا الاحتجاج وانتصرنا للقيام بشيء من أجل شعبنا”.
ويرى ناشطون فلسطينيون أن حرية التعبير في الولايات المتحدة والغرب “أصبحت على المحك”، جراء القمع الممنهج، الذي يتعرض له المتضامنون مع قطاع غزة ضد الإبادة الإسرائيلية.
ومنذ بدء الإبادة بغزة، قدمت واشنطن دعماً مطلقاً لإسرائيل، سياسياً وعسكرياً وإعلامياً، رغم دخولها على خط الوساطة بين تل أبيب وحركة حماس، إلى جانب قطر ومصر، إلا أن مراقبين رأوا في الموقف الأمريكي انحيازاً مطلقاً لإسرائيل.
(الأناضول)