هكذا بدأت إسرائيل تفقد الدعم في الولايات المتحدة.. والفلسطينيون في ارتفاع

هكذا بدأت إسرائيل تفقد الدعم في الولايات المتحدة.. والفلسطينيون في ارتفاع
شوكي فريدمان
الدعم المعلن من الرئيس ترامب لإسرائيل، بعد مواجهات الحكومة مع إدارة بايدن، صب في “القدس” [تل أبيب] سكرة بقوة لطيفة. استطلاع “غالوب” الذي نشر في الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، يظهر أن الواقع خارج البيت الأبيض مختلف. معدل الدعم لإسرائيل في درك أسفل خطير، ومعدل الدعم للفلسطينيين في ارتفاع. إلى جانب التعاون مع الإدارة الحالية، فإن أصحاب القرار في إسرائيل ملزمون بأن يكونوا على وعي بالتآكل الحاد في الدعم للدولة والعمل بموجب ذلك.
يبين الاستطلاع بأن دعم إسرائيل لدى أوساط الجمهور في الولايات المتحدة لا يصل إلا إلى 46 في المئة، نقطة في أسفل درك منذ 24 سنة. وبينما دعم إسرائيل يبدو عالياً (75 في المئة) في أوساط الحزب الجمهوري، فنسبة من يعطفون على إسرائيل في الحزب الديمقراطي هي 21 في المئة فقط، مقابل 59 في المئة يؤيدون الفلسطينيين.
يبين الاستطلاع بأن دعم إسرائيل لدى أوساط الجمهور في الولايات المتحدة لا يصل إلا إلى 46 في المئة، نقطة في أسفل درك منذ 24 سنة
وهي معطيات نتيجة تغييرات ذات مغزى في الولايات المتحدة، لكن سياسة إسرائيل ساهمت فيها بشكل لا بأس به. فالعناق الذي منحه ويمنحه نتنياهو لترامب، والمواجهات (المبررة أحياناً) مع الإدارة الديمقراطية، والسياسة الإسرائيلية في “يهودا والسامرة”، سحقت الدعم لإسرائيل حتى قبل الحرب. بعد عقود دعم من الحزبين، اتخذت إسرائيل صورة كمن تختار الجانب الجمهوري بشكل واضح. بعد أن ارتفع التأييد لإسرائيل في الأشهر الأولى من الحرب، ومع تعميق إسرائيل الدخول إلى غزة وظهور الصور القاسية من هناك على الشاشات في الولايات المتحدة، هبط الدعم إلى درك أسفل الآن في أوساط الجمهور العام، وإلى هوة في الحزب الديمقراطي.
في أوساط اليهود أيضاً، ولا سيما الجيل الشاب، تآكل الدعم في إسرائيل. الجيل السابق من اليهود الأمريكيين رأى في إسرائيل جزءاً لا يتجزأ من هويته اليهودية، أما الشباب – ولا سيما الليبراليون والتقدميون – فيرونها بشكل مختلف. لم تعد إسرائيل في نظرهم قدوة أخلاقية، بل دولة تقمع الفلسطينيين وتدفع قدماً بسياسة دينية وقومجية. صحيح أن الحرب واللاسامية المتصاعدة في الولايات المتحدة دفعتا قسماً من اليهود للعودة إلى دعم إسرائيل بشكل أكبر، لكن جماعات في اليسار اليهودي فضلت إدارة لها الظهر.
كلما تجاهلت حكومات إسرائيل التغييرات في الولايات المتحدة، تتعاظم الاحتمالات لأن يصبح الضرر اللاحق بالعلاقات بين الدولتين غير قابل للتراجع. الميول في الولايات المتحدة واضحة: الشباب يصبحون قوة سياسية ذات مغزى، والهسبانيون مجموعة سريعة الاتساع، والدعم لإسرائيل في أوساط الإفنجيليين يتآكل، والحزب الديمقراطي يبتعد عن الموقف المؤيد لإسرائيل الذي كان يتميز به. لتغيير الميل، باتت إسرائيل ملزمة باتخاذ بضع خطوات: أن ترمم العلاقات مع الديمقراطيين، وتنمي العلاقة مع يهود الولايات المتحدة، وتستثمر في جماهير إضافية هناك، وأساساً في الأقلية الهسبانية لكن أيضاً في الطائفة الإفروأمريكية، وحماية وتعزيز الدعم في أوساط الإفنجيليين.
إسرائيل دولة ذات عظمة اقتصادية وجيش قوي. ولها تعلق وجودي بالولايات المتحدة. بدون استعداد أمريكي لبيع السلاح لإسرائيل وتوفير مظلة دبلوماسية لها في الولايات المتحدة، سيصعب على إسرائيل الازدهار، وحتى البقاء.
معاريف 16/3/2025