أيها الإسرائيليون المحتجون: دولتكم تعيش تهديداً وجودياً.. أطيحوا بزعيم الفاشية

أيها الإسرائيليون المحتجون: دولتكم تعيش تهديداً وجودياً.. أطيحوا بزعيم الفاشية
ستجرى اليوم في القدس مظاهرة احتجاج على إقالة رئيس “الشاباك”. يجب قراءة الجملة مرة تلو الأخرى لمعرفة عمق العفن الذي تفشى في جهاز الحكم، وفقدان الثقة به في الدولة التي ما زالت تتمسك بما بقي من قوتها بسور الديمقراطية قبل انحدارها نحو الهاوية.
رئيس “الشاباك”، وقيل هذا كثيراً، مسؤول رئيسي عن الكارثة الأفظع في تاريخ إسرائيل، لكن هو وإقالته ليسا القصة الحقيقية للاحتجاج. صرخات الغضب والإحباط واليأس التي تندلع الآن هي ضد الكارثة القادمة التي بدأت في الحدوث، التي لا تهدد فقط غلاف غزة والمستوطنات في الشمال، أو حياة المخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة أو الذين ينتظرون الدفن، بل الحديث يدور عن تهديد وجودي لكل دولة إسرائيل، يسارع إلى إعادة كتابة ماضيها وإغلاق الطريق أمام مستقبلها، وتحويل ما كانت عليه وما أعدت له، إلى كومة من الحجارة.
يبدو أنه عرض عادي آخر للبيروقراطية الشيطانية. سيظهر رئيس الحكومة الذي يستخدم صلاحياته، مدى قانونية إقالة رئيس الجهاز، المسؤول عن الحفاظ على الديمقراطية في إسرائيل. في ظروف أخرى، كان السؤال المطلوب ماذا في ذلك؟ موظف عُيّن ثم أقيل. كان مسموحاً في حينه التساؤل عن تناقض كبير يصعب استيعابه، ويعيشه “الشاباك” والجيش والموساد، المخولين بالقانون للعمل بطرق غير ديمقراطية ووحشية وأحياناً غير إنسانية، لكنهم هم الذين يمثلون الآن جوهر الديمقراطية ويحملون صفة “حراس العتبة”.
الإجابة عن ذلك، أنه فُرض على الديمقراطية في إسرائيل عقد حلف مع مؤسساتها غير الديمقراطية، ولكن ليس دفاعاً عن حدود الدولة أو إحباط الإرهاب، بل لإنقاذ نفسها من الذي يخرق ثقوباً كبيرة ليضع فيها مواد متفجرة مدمرة. يجب محاسبة رئيس “الشاباك” وقادة الجيش الإسرائيلي، ليس فقط بسبب 7 أكتوبر، بل أيضاً بسبب قتل الأبرياء والتنكيل بالمدنيين الأبرياء، والاعتقالات التي لا أساس لها، وعمليات القصف بدون تمييز إلى درجة أنها تصل إلى جرائم حرب. ولكن في الوقت نفسه، من الضروري التذكر بأن وجود ديمقراطية قيمية وأخلاقية تستند إلى القوانين الليبرالية هو ما يضمن تقديم هذا الحساب.
إقالة رئيس “الشاباك” ليست “عملاً إدارياً” لا يشوبه الظلم، بل نتيجة سياق واسع أحدث هزة أرضية منفلتة العقال، سلبت من مواطني الدولة خدمات الشرطة النزيهة والناجعة، ولفت المحكمة العليا بكفن، وخلقت نظاماً قانونياً فاشياً يوشك أن يحبس حرية التعبير والثقافة في زنزانة، ويهدد مديري المدارس والمعلمين، ويحطم الحق في المساواة أمام القانون.
في ظل الحرب وتحت غطاء الألاعيب الحقيرة التي خلقت انطباعاً بأن رئيس الحكومة “يفعل كل ما في استطاعته” لإعادة المخطوفين، واصل رئيس الحكومة تقويضه لأسس الديمقراطية بشكل عنيف. ولكن خلافاً للهزة الأرضية، فإن الصدع التكتوني الذي يهدد إسرائيل يمكن وقفه، ومن الحيوي وقفه على الفور.
قبل لحظة من غرق الجمهور في مستنقع البؤس بسبب الشعور بالعجز، وكأنه محكوم عليه قضاء بقية أيامه هناك، يجب عليه أن يتذكر قوته ونفوذه ورسالته تجاه الدولة. وبعد كل ذلك، هذا هو نفس الجمهور الذي تخلص وبسرعة من الضغط وحشد الحشود وخرج ليحل مكان الحكومة عندما غفت وتخلت عنه وأنزلت عليه كارثة فظيعة. وهو نفس الجمهور الذي أخذ على عاتقه بأن “هذا لن يتكرر”، ولكنه يحدث. إن التهديد الوجودي الذي يرتدي البدلة وربطة العنق ويتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة لا يتطلب تحذيرات استخبارية ودلائل شاهدة أو مراقبات يقمن بإيقاظ النظام. هو هنا بالفعل، ويهدد بتحقيق النصر الكامل على الدولة. الاحتجاج المهذب لن يكون كافياً، هذه حرب من أجل البقاء.
تسفي برئيل
هآرتس 19/3/2025