الصحافه

هآرتس: بعد الـ 60 يوماً وصاروخ الحوثي.. هل أصبح هجوم ترامب على إيران وشيكاً؟

هآرتس: بعد الـ 60 يوماً وصاروخ الحوثي.. هل أصبح هجوم ترامب على إيران وشيكاً؟

“كل طلقة يطلقها الحوثيون ستعد وكأنها أطلقت من سلاح إيراني وقيادة إيرانية”، حذر ترامب. “إيران ستتحمل المسؤولية وستكون النتائج قاسية جداً”. الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون نحو إسرائيل وصفارات الإنذار التي أيقظت مواطنيها في الساعة الرابعة فجراً ربما تثير التوقع – هناك من يقولون الأمل – بأنه في القريب ستظهر على شاشات الرادار تلك النقاط المضيئة التي ستبشر بهجوم جوي أمريكي أو إطلاق الصواريخ نحو إيران.
في الحقيقة أمر ترامب بمهاجمة قواعد الحوثيين بحجم غير مسبوق، ولكن لم يتضح بعد الهدف النهائي للهجوم. الردع؟ تقليص القدرة؟ تدمير سلطة الحوثيين؟ هل فرض على الحوثيين مفاوضات لوقف هجماتهم؟ في آب الماضي، غرد ترامب باستهزاء: “من الذي يجري مفاوضات في الشرق الأوسط باسمنا؟ القنابل تسقط في كل مكان. وجو الناعس ينام على شاطئ كاليفورنيا بعد أن نفاه الحزب الديمقراطي”. الآن قنابل ترامب “تسقط في كل مكان”. ورد أمريكا مرعب أكثر من الذي كان في عهد بايدن. ولكن لم يوقف صواريخ الحوثيين حتى الآن.
ماذا بشأن تهديد إيران؟ قبل أسبوع تقريباً، بدأ العد التنازلي للستين يوماً التي منحها ترامب للقيادة في إيران لبلورة اتفاق نووي جديد – حسب تقرير براك ربيد في اكسيوس. من غير المعروف إذا كانت الرسالة التي أرسلها ترامب للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بواسطة الإمارات تتضمن أيضاً تهديداً لإيران إذا لم تستجب لـ “دعوته” للتفاوض. هل سيفتح عليها الرئيس أبواب جهنم أيضاً، أم سيكون مصير هذا التهديد مثل مصير التهديدات الأخرى التي أطلقها ترامب في الأشهر الثلاثة من ولايته؟
إيران، بالمناسبة، أصبحت معتادة على تهديدات ترامب. ففي كانون الثاني 2020، بعد بضعة أيام على اغتيال قاسم سليماني، كان ترامب قد هدد إيران. “حددنا 52 موقعاً في إيران (تمثل عدد الرهائن الأمريكيين الذين تم أسرهم على يد إيران)، بعضها مهم لإيران ولحضارتها. يمكننا ضربها وضرب إيران بسرعة وبقوة كبيرة”. الأهداف موجودة حقاً؛ والذريعة الجديدة أصبحت ناضجة؛ لكن يفضل حبس الأنفاس؛ إذ يصعب التخمين إذا كان ترامب سيفضل الانتظار إلى أن ترد إيران على دعوته للتفاوض أم أنه سيقرر تحطيم احتمالية إجراء المفاوضات بمهاجمة إيران لأن الحوثيين أطلقوا صاروخاً على إسرائيل.
باستثناء دعوة التفاوض، ربما لا يملك ترامب خطة عمل واقعية، سواء دبلوماسية أو عسكرية إزاء إيران، بالضبط مثل انسحابه من الاتفاق النووي في 2018 الذي كان بدون استراتيجية لليوم التالي. لم تكن لدى ترامب خطة بديلة للاتفاق النووي الأصلي، و”معظم الضغط”، حسب رأيه، الذي استخدمه ضد إيران عقب الانسحاب أدى إلى ازدهار المشروع النووي وزيادة واضحة لكمية اليورانيوم المخصب وارتفاع خطير في مستوى التخصيب حتى 60 في المئة بدلاً من 3.67 في المئة، كما تقرر في الاتفاق الأصلي.
إيران ليست الوحيدة التي تنتظر تطبيق تهديدات ووعود ترامب. أكثر من مليوني غزي لا يعرفون إذا كان عليهم البدء في حزم أغراضهم التي بقيت بعد القصف والاستعداد للانتقال إلى “أماكن جميلة لن يريدوا العودة منها”، أم من الأفضل إيجاد خيمة فارغة أو مبنى لم يدمر بالكامل كي يقضوا فيه الحرب التي تجددت – التي لا نعرف كم ستستمر. تراجع ترامب عن خطته الكبيرة للسيطرة على غزة، وأوضح بأنه لا هجرة قسرية. ولكن مصر والأردن والسعودية ما زالت تحاول معرفة ما معنى “هجرة ليست بالقوة”.
استئناف الحرب وتوسيعها بعملية برية بعد عمليات القصف الإسرائيلية القاتلة، التي حسب تقارير، قتلت المئات، يثير في مصر الخوف من أن الاستهداف دفع الغزيين إلى اختراق الحدود. الكابح الوحيد الذي سيقف أمامهم سيكون الجيش المصري، الذي يستعد على الحدود لمواجهة اقتحام مئات آلاف الغزيين. هذا سيناريو يعد كابوساً لمصر التي ما زالت تعمل على إقناع واشنطن بتبني خطة السيطرة المدنية على غزة بواسطة “إدارة خبراء” تخضع للسلطة الفلسطينية.
الأربعاء الماضي، التقى في الدوحة وزراء خارجية مصر، والسعودية، والأردن، والإمارات وقطر، وحسين الشيخ الأمين العام للجنة التنفيذية في م.ت.ف، مع ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، وتناقشوا في الخطة المصرية. حسب التقارير، تم الاتفاق على أن تواصل الأطراف التشاور للدفع بهذه الخطة قدماً. ورغم أن ترامب رفض هذه الخطة وقال إنها لا تتعامل مع الواقع في غزة، فإن الوزراء خرجوا من اللقاء مع شعور بأن النقاشات مع ويتكوف وموافقته على فحص الخطة تدل على أنه يرى فيها أساساً محتملاً لتخطيط السيطرة على غزة.
العائق الرئيسي أمام تطبيق الخطة هو الناقص فيها: لا توجد فيها خطة لإبعاد حماس من غزة. هي لا تتحدث عن نزع سلاح حماس، ولا توجد دولة مستعدة لإرسال قوات عسكرية أو شرطية تواجه حماس. بدون إجابات على هذه القضايا، وفي الوقت الذي تضع فيه إسرائيل حاجزاً لا يمكن تجاوزه أمام وجود السلطة الفلسطينية في غزة، لم يبق للولايات المتحدة إلا الموافقة على عدم طرد سكان القطاع بالقوة. هي تترك استمرار سيطرة إسرائيل على غزة بدون حل سياسي – وتسمح لها بفعل ما تريد.
استئناف الحرب في غزة لم يكن أمراً محتماً أو تطوراً خارج السيطرة. هذه استمرارية مباشرة لخرق إسرائيل أحادي الجانب لاتفاق وقف إطلاق النار الذي عمل عليه ويتكوف لأيام كثيرة. في 3 شباط، كان يتوقع أن تبدأ المفاوضات حول المرحلة الثانية التي تشمل انسحاب إسرائيل من كل القطاع (باستثناء منطقة عازلة على طول الحدود مع إسرائيل) والإعلان عن وقف دائم لإطلاق النار، أي إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع المخطوفين. لم ترسل إسرائيل وفداً لبدء المفاوضات حول المرحلة الثانية. بعد ذلك، أوقفت بشكل حادي الجانب إدخال المساعدات الإنسانية وقطعت خطوط الكهرباء الأخيرة بينها وبين القطاع.
هذه الخروقات لم تحصل على رد مباشر من ترامب. والسفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، دروتي شاي، أعلنت بأن “حماس هي المسؤولة حصرياً عن استئناف الحرب في غزة، والولايات المتحدة تؤيد خطوات إسرائيل”. قبل أسبوعين قال بعض المخطوفين الذين تم تحريرهم، لترامب بأنه منحهم الأمل، وأنه “رسول من قبل الله”. فترة سريان هذا الأمل أوشكت على الانتهاء، ويبدو أن بعثة ترامب الإلهية ستكتفي بما نجح في تحقيقه حتى الآن –هو يستحق الشكر على ذلك.
ترامب، خائب الأمل من انهيار حلم الترانسفير المترف، في ظل عدم وجود خطة بديلة أو استراتيجية لليوم التالي للحرب، ربما يتخلى عن المخطوفين ويبقي غزة لإسرائيل، ويكرس وقته لمواضيع مسلية أكثر، مثل حل وزارة التعليم في أمريكا، أو عناق صديقه بوتين. الكارثة الإنسانية في غزة لا تهمه، وليس لديه الآن كونغرس مشاكس يهدد بإغلاق صنبور السلاح لإسرائيل – مثل الكونغرس الذي فرض على ترامب وقف صفقات السلاح مع السعودية لوقف الحرب في اليمن.
على هامش الطريق بين اليمن وغزة وإيران، مواضيع أخرى ملقاة ومتروكة تنتظر سياسة أمريكية لها هدف محدد. احتلال أراض في لبنان، وترسيم الحدود البرية بين الدولتين؛ والسيطرة على مواقع في سوريا وبلورة استراتيجية تجاه النظام الجديد في سوريا؛ وسحب القوات الأمريكية من سوريا والتزام أمريكا بالدفاع عن الأكراد؛ والحرب الأهلية الدموية في السودان. وحتى الآن، من غير المعروف كيف ينوي ترامب معالجة المضي بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية، وإذا ما كان سيذهب إلى حلف دفاع مع السعودية بدون التطبيع. صحيح أن ثلاثة أشهر مرت منذ إلقاء ترامب لخطاب تتويجه، والميزان الفاحص الأول من المعتاد القيام به بعد 100 يوم. ولكن حسب التهديدات التي أطلقها (والتي تراجع عنها)، والوعود والأحلام والأوهام التي زرعها، يبدو أن ترامب قد لبى بالفعل حصة الإنتاج المحددة لولاية رئاسية كاملة.
تسفي برئيل
هآرتس21/3/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب