الصحافه

للإسرائيليين: لا أبرئ نتنياهو.. لكنكم المتهمون الأوائل بـ “تسويغكم للاحتلال”

للإسرائيليين: لا أبرئ نتنياهو.. لكنكم المتهمون الأوائل بـ “تسويغكم للاحتلال”

جدعون ليفي

معسكر مصاب باليأس والرعب مما هو قادم. أحداث الفترة الأخيرة، من بينها استئناف الحرب وإقالة رئيس “الشاباك” ومروراً بالأزمة الدستورية، خلق شعوراً بالصدمة. من كان يصدق أننا سنصل إلى هذا الوضع؟ كل شيء يلقونه مرة أخرى وبحق على أكتاف نتنياهو العريضة، فهو الذي قام بكل الخطوات الصادمة منذ 7 أكتوبر، هو الذي يقود الانقلاب القانوني؛ هو الرئيس وهو المتهم. ولكن الحضيض الذي وصلت إليه إسرائيل له جذور أعمق بكثير؛ فنحن لم نولد بالأمس، ولم يبدأ كل شيء مع نتنياهو. من تفاجأ الآن من الحضيض المتدني فعليه أن يسأل نفسه هل يدور الحديث حقاً عن رعد في يوم صاف. لا، إسرائيل تسير في مسار الانتحار هذا منذ عشرات السنين. ونتنياهو سرع الخطوات وزادها.

ليغفر لي القراء بسبب العنوان المبتذل، لكن الأمر أصبح مستحيلاً بدونه الآن: الخطيئة الأصلية هي الاحتلال، هو أبو الدنس، هو لا يفسر كل شيء، ولولا ذلك لكنا في دولة مختلفة. لقد حان الوقت لقول ذلك بصوت مرتفع وواضح، وبالتحديد في هذه النقطة المنخفضة. من سيزيل الغبار عن عيون الأنبياء العظام، يشعياهو لايفوفيتش والذين وقعوا على وثيقة “ماتسبين” (“الاحتفاظ بالمناطق المحتلة سيحولنا إلى أمة قتلة ومقتولين”، أيلول 1967، عندما كان عمر الاحتلال ثلاثة أشهر)؟ هؤلاء العظام يضيفون بأن الدولة ولدت في الخطيئة، ليس ولادتها بل ولادتها في الخطيئة، حيث عملت منذ بدايتها على طرد شعب البلاد الذي يعيش فيها، ومنذ ذلك الحين لم تغير تطلعاتها.

الخطيئة الأصلية هي الاحتلال، هو أبو الدنس، هو لا يفسر كل شيء، ولولا ذلك لكنا في دولة مختلفة

الانقلاب القانوني الأول كان خضوعا جهاز القضاء للاحتلال. من اليوم الأول، كان جهاز القضاء المرساة المهمة للاحتلال المجرم. بفضله تمت شرعنته، وبعجزه الفضائحي تم ترسيخه. السياسي نتنياهو لم يكن قد ولد بعد، ثم أصبح عندنا انقلاب قانوني، بحسبه يوجد نظام لتفوق اليهود في إسرائيل السيادية، بما في ذلك حكم عسكري على أساس العرق، بمصادقة المنظومة القضائية المبجلة. وخارجها وفي أراضي الاحتلال، تأسس نظام أبرتهايد بمصادقة المحكمة العليا.

الانقلاب القانوني الأول الذي سمح به جهاز القضاء، والذي يقوض المساواة ويتجاهل القانون الدولي، لم يكن ضرره أقل من الانقلاب الثاني، انقلاب نتنياهو وياريف لفين. قلائل جداً عارضوا الانقلاب الأول، ودينوا بالخيانة. هذا أمر يستحق تذكره أيضاً. لو صمد جهاز القضاء في بداية الاحتلال لصعب تقويضه الآن، في الوقت الذي يتمكن فيه المستوطنون الذين يعيشون على أراض مسروقة (!) من أن يصبحوا قضاة في المحكمة العليا، ما يعني أن هناك شيئاً فاسداً في المملكة قبل لفين بفترة طويلة. أما القول بأنها حصن، فلا.

في الوقت نفسه، تم تأسيس نظام الاستبداد الوحشي في المناطق، الذي بدونه لا يوجد احتلال. لقد وصل الآن إلى ذروة الدناءة والوحشية، لكنه لم يولد الآن، عندما كانوا يكسرون العظام في 1987 ويقتلون آلاف الأطفال والرضع في 2025. عندما يفعلون ذلك، يصبحون دولة منبوذة، حتى بدون نتنياهو. الأعمال البربرية في “المناطق” [الضفة الغربية] لا يمكن أن تتوقف عند الخط الأخضر، لا يمكن أن تكون ديمقراطية في إقليم وديكتاتورية في إقليم آخر. لا يمكن أن تكون هناك روح ديمقراطية في دولة جزء من مواطنيها يخدمون كجنود يستخدمون البطش ويعتبرون أبطالاً في نظر الجميع. عندما يتم تدريب أجيال على استخدام العنف الجامح، ستنتشر عاصفة العنف هنا.

الشرطة التي تلقى بعض ضباطها تعليمهم في المكان الذي يسمح لهم فيه بكل شيء، لا يمكن أن تصبحوا حراس قانون عندما ينقلون إلى منطقة أخرى. والشعب الذي قيل له لسنوات بأن الاستبداد مشروع ضد شعب آخر وأنه يحظر عليه التظاهر والتفكير والحركة والعمل، وحتى التنفس والعيش، لا يمكن أن يكون شعباً ديمقراطياً. الآن، يقطف نتنياهو الثمار المسمومة التي نمت في هذه الأصص العفنة، ويستخدمها لأغراضه الخاصة. لا يمكن الاعتقاد بأن اللعنة ستزول مع رحيله.

 هآرتس 23/3/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب