هذه نجاحات الموسم…

هذه نجاحات الموسم…
مع انتهاء الموسم الرمضاني، يُطرح سؤال عن الأعمال الدرامية: هل حققت نجاحاً في هذا الموسم؟ وما هي معايير نجاح العمل التلفزيوني؟ هل هي مقتصرة على النجاح الجماهيري ونسب المشاهدة العالية؟ أم معايير «النجاح» مرتبطة بعوامل أخرى؟ يمكن للعمل التلفزيوني أن يحقق نسب مشاهدة عالية، ويمكن أن ينجح جماهيرياً ولا يكون ذا جودة عالية، لكن لا يمكن تجاهل رأي الجمهور بالتأكيد. هنا اخترنا مجموعة من المسلسلات التي حاولت التوفيق بين الجودة الفنية والنجاح الجماهيري وتلك التي مرّت مرور الكرام رغم التعويل الكبير على الأسماء المشاركة فيها. ويبقى الأكيد أنّ الجمهور يميل في الغالب إلى الأعمال التي تخاطب واقعه وتعكس القضايا التي تحرّك المجتمع الذي يعيش فيه
ولا غلطة
حقق «لام شمسية» (تأليف ورشة سرد بقيادة مريم نعوم ــ إخراج كريم الشناوي ــ بطولة أحمد السعدني وأمينة خليل والطفل علي البيلي) نجاحاً كبيراً على كل الأصعدة، وكان أبرز مسلسلات النصف الثاني من موسم رمضان 2025. توافرت فيه عناصر النجاح، بداية من الفكرة، ثم المخرج صاحب الرؤية، والممثلين الممتازي الأداء. أصبح ثنائي مريم نعوم كمؤلفة، وكريم الشناوي كمخرج، مضمون النجاح بعد تقديمهما مسلسلي «خلي بالك من زيزي» (2021)، و«الهرشة السابعة» (2023). استخدمت المؤلفة الرموز لتعبر عن أشياء كثيرة بدلاً من قولها مباشرة، وطريقة السرد والكشف عن تفاصيل التحرش بالأطفال كانت أحد عوامل النجاح. كما استطاع كريم الشناوي أن يصل بأداء الممثلين إلى ذروته مع المشاهد الأولى، خصوصاً الطفل علي البيلي الذي قدم دوراً صعباً مقارنة بعمره. ومع بداية عرض المسلسل، توالت الإشادات بمحمد شاهين في دور المتحرش، وكذلك أمينة خليل، بعد سنوات كان يقال عنها إنها لا يمكنها تقديم أدوار بعيدة عن طبقة اجتماعية بعينها. أما أحمد السعدني، فعاد إلى الظهور بقدراته التمثيلية العالية كما ظهر في «بطلوع الروح» عام 2022.
نجاح مضمون ولكن
حقّف المسلسل السوري «تحت سابع أرض» نسب مشاهدة عالية والكثير من الآراء الإيجابية على مواقع السوشال ميديا. يمكن نسب السبب الأول في نجاحه إلى رصيد الممثل تيم حسن والمخرج سامر برقاوي عند الجمهور. بسبب نجاحهما الجماهيري السنوي، ينتظر الجمهور سنوياً عمل الثنائي، وتيم حسن يقدّم بدوره مجموعة من العناصر الأدائية التي تصبح ترينداً كل سنة، وهي كلماته الخاصة في الشتم، أو حركة معينة في الضرب. على صعيد الحكاية، فقد اعتمد الكاتب أبو سعدة شخصيات من الواقع المعاش تنتمي إلى طبقة ينتمي إليها غالبية الناس، ويضع هذه الشخصية ضمن ظروف حيوية قاسية، فانطلاق البطل من طبقة اقتصادية عامة وظروف حيوية يخلق تماهياً كبيراً عند الجمهور. ويكتمل هذا في الخيارات الإخراجية على صعيد الصورة وأسلوب التصوير والمونتاج. هكذا، تتكامل عناصر الشهرة والحكاية المشوقة والأداء والإخراج الاستثنائي خالقةً عملاً جماهيرياً على أكثر من صعيد. لكن يبقى السؤال الأهم للجمهور: ما طبيعة علاقة المسلسل مع واقعه؟ هل عبّر عن الواقع وأسئلته؟ أم أنه استخدم الواقع لخلق حكاية مشوّقة نجاحها مضمون؟
ريف مصر الحقيقي
«القضية ثم الواقعية» كلمتان أسهمتا في نجاح «ظلم المصطبة» (تأليف أحمد فوزي صالح ـ وسيناريو محمد رجاء وإسلام حافظ ــ إخراج هاني خليفة ومحمد علي) الذي يقدم نظرة مختلفة وناقدة للريف المصري. دعاوى الجهل والتضليل تحت ستار الدين، الطرق القديمة للكشف عن الحقائق بدل المحاكم واللجوء إلى الشرطة، كلها أمور تحسب لصناع العمل. لم يقع المسلسل في فخ تقديم الريف على طريقة الكمبوندات، حيث النساء بميك آب كامل، والرجال أعضاء في عصابات المافيا. جاء عملاً واقعياً، لا يشعرك بالغربة عن المكان الذي تدور فيه الأحداث في دلتا مصر. كما أن الاستعانة بممثلين مثل ريهام عبدالغفور التي تعيش حالة نضج فني، وأياد نصار، وفتحي عبد الوهاب وبسمة، تؤكد أنّ المخرجين لم يهملا الكاستينغ، حتى أحمد عزمي الذي عاد إلى الشاشة بعدما طلب العمل عبر منصات التواصل، قدم شخصية رجل الدين بشكل قريب من الواقع. وكان احتيار أغنية التتر «حالك وحالي» (تأليف وتلحين وغناء محمود الخطيب) مناسباً لتعبّر عن العمل، إلى جانب أغنيات أخرى وظِّفت بما يخدم أفكار المسلسل.
كاميرا حنونة على عالم المنبوذين
حقق «ولاد الشمس» (تأليف مهاب طارق ــ إخراج شادي عبد السلام) نجاحاً جماهيرياً ضمن مسلسلات النصف الأول من رمضان، فالعمل المصري يتكون من 15 حلقة فقط، وهذا التفصيل من أهم أسباب نجاحه، فقد قدم صناع العمل حكاية مقتضبة معبرة. على صعيد الحكاية، دخلنا عالم المنبوذين، عالم الأيتام ومجهولي النسب. ودخول هذا العالم على الصعيد الدرامي خطر قد يقع في فخ التنميط، لكن أسلوب معالجة الحكاية كان وفياً لهذه الموضوعة الحساسة. فقد نجح العمل في التعبير عن أبعاد نفسية متراكمة عند الشخصيات عبر الصراع الداخلي لدى الأطفال الأيتام وإحساسهم العميق الذي يولد من التخلي عنهم ويبني علاقتهم مع العالم. قدّم المسلسل نماذج مختلفة وشخوصاً لدى كل منهم أحلام وطموحات وصفات مختلفة مع تشابه رغباتهم بسبب ظروف فُرضت عليهم. هذه الظروف التي خلقت لديهم منظومة أخلاقية خاصة تحقق لهم عدالتهم الخاصة في عالم غير عادل. كل هذه العناصر الدرامية التي نقلها الممثلون بصدق (طه دسوقي أحمد مالك وحتى محمود حميدة في دور صاحب الدار الشرير)، ورّطت المشاهدين عاطفياً مع أطفال يحاولون أن يبحثوا عن الجمال في عالم قبيح جداً.
الاخبار اللبنانية









