عربي دولي

إيران تنتظر ردّ ترامب: لا تفاوض نيابةً عن «قوى المقاومة»

إيران تنتظر ردّ ترامب: لا تفاوض نيابةً عن «قوى المقاومة»

محمد خواجوئي

طهران | بعد أسبوعين على تسليم رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، عبر المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات العربية المتحدة أنور قرقاش، أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن بلاده سلَّمت ردّها الرسمي مكتوباً عبر سلطنة عُمان، یوم الأربعاء الماضي، فیما تتجه كل الأنظار إلى البيت الأبيض لمعرفة ردّ فعله على الردّ الإيراني.

وفي هذا الصدد، قال مصدر دبلوماسي مطّلع، في حديث إلى «الأخبار»، إن إيران أكّدت في رسالتها «استعدادها للتفاوض غير المباشر في شأن الملف النووي». وأضاف أن «طهران مستعدّة، كما في الماضي، للدخول في مفاوضات لإثبات سلمية برنامجها النووي، في مقابل رفع العقوبات. لكنّ قضايا أخرى، بما في ذلك القدرات الدفاعية الإيرانية، ووضع قوی المقاومة في المنطقة، ليست على جدول الأعمال، وإيران لن تتفاوض نيابةً عن هذه القوی». ووفقاً للمصدر نفسه، «أكّدت طهران في رسالتها، ردّاً على تهديدات ترامب، أن أيّ إجراء ضدّها، سيقابَل بردٍّ حاسم».

ولعلّ ممّا لفت، قرار إيران إرسال ردّها على رسالة ترامب، عبر سلطنة عُمان بدلاً من الإمارات، وهو ما قد يشير إلى عدم ثقة طهران بدور أبو ظبي في إدارة الخلافات بينها وبين واشنطن، مقابل ثقتها العالية بمسقط، على اعتبار أن هذه الأخيرة لطالما لعبت دوراً مهمّاً في تبادل الرسائل بين البلدين، خلال العقدَين الماضيَين، كما أنها استضافت محادثات بين دبلوماسيين إيرانيين وأميركيين مرات عدّة. كذلك، يشير الردّ الإيراني على رسالة ترامب، إلى رغبة طهران في سلوك طريق الحلّ الدبلوماسي، لكن يثبت، في الوقت نفسه، أن إيران لا تريد إجراء المفاوضات بناءً على الأجندة الأميركية، وفي ظل تهديدات ترامب.

من جهتها، اتّبعت الإدارة الأميركية، على مدى الشهرين الماضيَين، سياسة مزدوجة تجاه إيران. فمن ناحية، أعلنت استعدادها للتوصّل إلى اتفاق شامل مع الجمهورية الإسلامية حول مختلف القضايا النووية والصاروخية والإقليمية؛ ومن ناحية أخرى، أعادت العمل بسياسة «الضغط الأقصى» ضدّها بهدف خفض عائدات النفط الإيرانية إلى الصفر، کما هدّدتها باللجوء إلى العمل العسكري، في حال عدم التوصّل إلى اتفاق.

اللافت هو قرار إيران إرسال ردّها على رسالة ترامب، عبر سلطنة عُمان بدلاً من الإمارات

في المقابل، أكّد المسؤولون الإيرانيون، مراراً، عدم استعدادهم للتفاوض مباشرةً مع الولايات المتحدة، تحت الضغط والتهديدات. ويبدو أن إصرار إیران على «المفاوضات غير المباشرة»، یرجع إلی اعتقادها بأن هذه الطريقة ستحدّ من قدرة الأميركيين على فرض شروطهم. كما يبدو أن طهران تريد قياس مدى جدية واشنطن في التوصّل إلى اتفاق «مربح للجانبين»، من خلال المفاوضات غير المباشرة وتبادل الرسائل. ولكن، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيوافق على الدخول في مفاوضات كهذه، وفي شأن الملف النووي فقط.

وقال عراقجي، للصحافيين، على هامش مسيرة «يوم القدس العالمي» في طهران، أمس، إنه «تمّ تدقیق رسالة ترامب بعد تسلّمها بعناية»، ونُقل الردّ إلى الجانب الأميركي «بشكل مناسب». وعن محتوى الرسالة الأميركية، أوضح عراقجي أن «هذه الرسالة لها أبعاد مختلفة. من ناحية، كانت هناك محاولة لفتح نافذة للدبلوماسية؛ ومن ناحية أخرى، هناك تهديد، ولكن بطبيعة الحال، لن نسمح لأحد بالتحدّث إلى الشعب الإيراني بلغة التهديد».

وبدوره، رأى رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، في كلمته ضمن فعاليات إحياء «يوم القدس»، أن الولايات المتحدة «تريد أن تسلب إيران قدراتها الدفاعية»، مؤكّداً أنّ المفاوضات التي «تحمل فرض إملاءات، هي مقدّمة للحرب»، وأنّ «أيّ إنسان عاقل وشجاع لا يقبل بهذا الأمر». وأشار قالیباف إلى أنّ إهانة الرئيس الأميركي لبقيّة رؤساء الدول «تشكّل عبرةً، ولا يمكن خداع الشعب الإيراني أو إهانته». أمّا وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، فأكّد أنّ بلاده «لن تستسلم أمام التهديدات والضغوط الأميركية»، مضیفاً: «لا معنى للاستسلام في نهجنا، وعلى الأعداء عدم المغامرة، وإلّا سيتلقّون الردّ المناسب»، وأنّ «النصر هو نهاية خطّ المقاومة بالتأكيد».

وأعرب مستشار المرشد، علي لاريجاني، من جهته، عن أمله في أن تنجح العملية الدبلوماسية الأخيرة، قائلاً: «شروط الاتفاق يجب أن يقبلها الطرفان، وليس طرفٌ واحد فقط. الآن، هم يقولون ما يريدونه ونحن نقول ما نريده». وفي سیاق متّصل، وصف المستشار السیاسي للمرشد، علي شمخاني، ردّ بلاده بأنّه کان «متحفّظاً». وقال، لوكالة «تسنيم» القریبة من «الحرس الثوري»، إنه «تم إعداد هذا الردّ من قِبَل الجهات المعنية في البلاد. الردّ الذي أرسلته إيران في هذه الرسالة كان متحفّظاً›».

وأضاف: «تمّ إرسال الردّ عبر القناة العُمانية إلى الأميركيين، في حين كانت أميركا تفضّل قناة أخرى، لكنّ إيران فضّلت إرسال الردّ عبر عمان». وفي ما يتعلّق بمحتوى الردّ، لفت شمخاني إلى أن «إيران دائماً ما أجرت محادثات غير مباشرة مع الأميركيين. ولذلك، تمّ التأكيد في هذه الرسالة على أنها مستعدّة للتفاوض غير المباشر، وإذا كانت المحادثات على أساس متساوٍ، فإيران مستعدّة أيضاً لاتخاذ خطوات إضافية في التفاوض». وفي ردّه على تهديدات الأميركيين، تابع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني السابق: «نأخذ كلّ تهديد على محمل الجدّ، ولكن ليس من أجل الاستسلام، بل لمواجهته. الشعب الإيراني لم يقبل الاستسلام ولن يقبله، ونحن نعتقد بأن أميركا ليس لديها خيار سوى متابعة منطق عادل في الحوار مع إيران».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب