فلسطين

كعك العيد نافذة لانتزاع بسمة من أطفال غزة وسط الإبادة

كعك العيد نافذة لانتزاع بسمة من أطفال غزة وسط الإبادة

الاناضول

رغم حالة الألم، والقهر، والحسرة التي تلف قلوب تلك الفلسطينيات على ما فقدنه خلال الإبادة من منازل وأحباء، إلا أنهن يسعين من أجل توفير الحد الأدنى لأطفالهن، وإنقاذهم من دائرة “الحرمان” التي يدفع الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيي غزة إليها عبر التجويع.

داخل أحد مراكز الإيواء بمدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، تُصر نساء فلسطينيات على إعداد كعك العيد، رغم استمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وما يرافقها من جرائم التجويع والقتل، في محاولة منهن لانتزاع بسمة من وجوه أطفالهن الذين أنهكتهم الحرب.

ورغم حالة الألم، والقهر، والحسرة التي تلف قلوب تلك الفلسطينيات على ما فقدنه خلال الإبادة من منازل وأحباء، إلا أنهن يسعين من أجل توفير الحد الأدنى لأطفالهن، وإنقاذهم من دائرة “الحرمان” التي يدفع الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيي غزة إليها عبر التجويع.

ويحل عيد الفطر على فلسطينيي غزة هذا العام، وسط ظروف إنسانية واقتصادية صعبة، في وقت يصعّد فيه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادته الجماعية، بارتكاب المجازر، والتجويع، والتعطيش.

نساء فلسطينيات في خانيونس يجهزون كعك العيد (الأناضول)

ومنذ 2 آذار/ مارس الجاري، يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على قطاع غزة، عبر إغلاق المعابر أمام دخول المساعدات الإنسانية، والإغاثية، والطبية، حيث باتت الأسواق شبه خالية من البضائع، فيما ترتفع أسعار المتوفر منها لمستويات كبيرة، ما يحول دون قدرة الفلسطينيين، الذين حولتهم الإبادة الإسرائيلية إلى فقراء، على تأمين احتياجاتهم الأساسية.

تواصل هذا الإغلاق يُنذر بتفاقم الكارثة الإنسانية، التي تسببت بها الإبادة المتواصلة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وفق ما حذرت منه حركة “حماس”، الجمعة.

والأسبوع الماضي، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة دخول القطاع أول مراحل المجاعة، جرّاء إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات التي تشكّل شريان الحياة للفلسطينيين في غزة.

إصرار على الحياة

في مشهد يحمل في طيّاته تناقضًا، لكنه يعكس إصرارًا كبيرًا على الحياة، تجلس الفلسطينية كوثر حسين أمام فرن مصنوع من الطين، تم وضعه في أحد زوايا مركز الإيواء، وتحاول إشعال النار تمهيدًا لخبز كعك العيد، فيما تقصف المدفعية الإسرائيلية مناطق مختلفة من القطاع.

إشعال النيران بات من المهام التي تُثقل كاهل الفلسطينيات في غزة، لما يتطلبه من جهد ووقت كبير، حيث يتم ذلك باستخدام قطع الكرتون والأخشاب، بعدما نفد غاز الطهي من القطاع جراء الإغلاق الإسرائيلي.

ودون أن تكترث للدخان المنبعث من عملية الاحتراق، تُدخل حسين الأواني التي تم ترتيب قطع الكعك عليها تباعًا من أجل خبزها.

وتقول، بينما تخبز الكعك: “الأجواء حزينة جدًا هنا، لقد فقدنا الكثير من الأقارب والأحباب، ونعاني من حصار وأزمة إنسانية كبيرة”.

وأوضحت، في حديثها لوكالة الأناضول، أنه رغم الفقد والحرمان الذي يعاني منه النازحون الفلسطينيون، وفقدان مستلزمات الحياة الأساسية، إلا أنهن يحاولن صناعة الحياة، رغم الدمار والموت.

وتابعت: “نحن شعب يحب الحياة. لا نريد لأطفالنا أن يعيشوا هذا الحرمان، نحاول أن نوفر لهم من كل شيء القليل”.

وأشارت إلى أنها كانت تصنع في الأعياد التي سبقت حرب الإبادة الجماعية نحو 9 كيلوغرامات من الكعك، إلا أنها ستكتفي هذا العام بكيلو واحد فقط، من أجل زرع البهجة في قلوب الأطفال المتعبين من الحرب.

ورغم الحزن، إلا أن إظهار مظاهر الفرح بالعيد هو من “شعائر الله التي يجب إحياؤها”، كما قالت.

بهجة رغم الإبادة

الفلسطينية “أم محمد” تحاول تعويض أطفالها وأحفادها عن مستلزمات العيد، بـ”توفير الكعك لهم”.

وفي ظل شُحّ الدقيق والمواد الخام المستخدمة في صناعة الكعك، تحاول الفلسطينيات توفير البدائل، والاكتفاء بما يتوفر لديهن من القليل من التمور، وذلك في إطار إحياء الشعائر الدينية، وزرع الفرح على وجوه الأطفال.

وتقول “أم محمد”، إنها تمكنت من صناعة القليل من الكعك، من أجل تعويض الأطفال عمّا فقدوه من طقوس الأعياد خلال الإبادة.

وتتابع: “الحزن يلفّ الأطفال. نحاول أن نفرحهم بتوفير كعكة لكل واحد منهم، وهذا ما نستطيع توفيره”.

وأشارت إلى أن الأطفال، ومع اقتراب العيد، يتساءلون عن الملابس الجديدة التي اعتادوا عليها ما قبل الإبادة، إلا أن هذا السؤال يُشكّل ألمًا مضاعفًا لذويهم، فيحاولون تعويضهم بإعداد الكعك.

ورغم ذلك، فإن مئات الآلاف من العائلات لا يتوفر لديها الحد الأدنى من المواد الغذائية، بما يحول دون قدرتهم على إسعاد أطفالهم في العيد، فيقضون أيامه بألم يعتصر قلوبهم على هذا الحرمان، الذي أُجبروا عليه.

ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية في غزة، في 18 آذار/ مارس الجاري، قتل الاحتلال الإسرائيلي 896 فلسطينيًا، وأصاب 1984 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، وفق بيان صادر عن وزارة الصحة في القطاع، صباح الجمعة.

ويمثّل التصعيد الإسرائيلي الراهن، الذي قالت تل أبيب إنه تم بتنسيق كامل مع واشنطن، أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي بدأ في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، وامتنعت إسرائيل عن تنفيذ مرحلته الثانية بعد انتهاء الأولى مطلع آذار/ مارس الجاري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب