الصحافه

هآرتس.. رسالة بار “غير مسبوقة” والمستشارة القانونية في الاختبار: ماذا ستقول المحكمة؟

 هآرتس.. رسالة بار “غير مسبوقة” والمستشارة القانونية في الاختبار: ماذا ستقول المحكمة؟

 بيان رئيس “الشاباك”، رونين بار، الذي نشر كملحق لموقف المستشارة القانونية حول إقالته، بدا عملية شجاعة للدفاع عن أسس الديمقراطية. هذا بيان غير مسبوق، ليس فقط في تاريخ دولة إسرائيل، بل أيضاً في تاريخ دول أخرى مرت عليها إجراءات تشبه ما تمر فيه إسرائيل الآن.

 نظراء بار في تركيا وفنزويلا وهنغاريا وبولندا، لم يفعلوا مثله. هاكان فيدان، الذي ترأس في الأعوام 2010 – 2023 جهاز المخابرات الوطنية في تركيا، أصبح شخصاً مخلصاً لأردوغان، وطهر الصفوف من الجهات المعارضة، ويعتبر الآن الوريث المحتمل للرئيس. ميغوئيل رودريغز في فنزويلا، نُقل من منصبه فجأة في حزيران 2005. أما هوغو تشافيز فقد حول الجهاز إلى جسم بدون عمود فقري. وبيوتر بوغونوفسكي، من حزب “القانون والعدالة”، ترقى إلى منصب رئيس الجهاز السري في بولندا بعد فترة قصيرة من فوز الحزب بالحكم في 2015، ونفذ في هذا الجهاز تطهيراً واسعاً. وفي هنغاريا عين فيكتور أوربان مقربين منه على رأس جهاز المخابرات عندما وصل إلى الحكم في 2010، ثم غير بنية الأجهزة وأخضعها.

  إن قدرة بار على تحدي محاولة سيطرة نتنياهو على جهاز الأمن، لا تستند فقط على صفاته الشخصية، بل إلى العلاقة بين الاستخبارات والقادة، التي تطورت في إسرائيل على مدى السنين. في البداية، كان “المسؤول” عن الجهاز هو آيسر هرئيل، الذي أظهر ولاء لحزب السلطة “مباي”، لكن أفعاله كانت استثنائية، وثقافة إسرائيل السياسية مرت بتغييرات جوهرية منذ ذلك الحين.

  منذ بداية الستينيات، كان اللقاء بين رجال الاستخبارات الذين يمثلون “التجربة بدون صلاحية” وبين متخذي القرارات الذين هم أصحاب “صلاحية بدون تجربة”، يتميز بالمهنية، التي في مركزها كانت الثقة المتبادلة والاعتراف بأن واجب رؤساء أجهزة الاستخبارات هو قول الحقيقة للسلطة الحاكمة، وأن واجب السلطة الحاكمة تقدير إرشادات أجهزة الاستخبارات عند وضع السياسة. لقد كان واضحاً للطرفين الخط الذي يفصل بين الصلاحية المهنية للاستخبارات في بلورة التقديرات الاستخبارية، وبين حق السلطة في وضع السياسة، حتى لو كانت لا تتساوق مع موقف الاستخبارات.

 يبدو أن الأمر في إسرائيل مختلف؛ فمنذ بداية الستينيات، يتم تعيين رؤساء جهاز الأمن لفترة محددة، دون صلة بتشكيلة الحكومة. ومن غير المعروف أي حالة طلب منهم فيها تقديم “معلومات استخبارية لإرضاء الرغبة” أو “أنهم فعلوا ذلك بالفعل”. بالعكس، مثلاً، في أعقاب “الانقلاب” في العام 1977 أوضح مناحيم بيغن لرؤساء الجهاز عند توليه منصب رئيس الحكومة بأن لا نية له لإجراء تغييرات في قمة الجهاز، لأنه يثق بهم ويتوقع منهم التعاون المثمر. يمكن الافتراض أن بيغن عرف أن أبراهام احيطوف، رئيس “الشاباك” في حينه، وإسحق حوفي، رئيس الموساد في حينه، وشلومو غازيت، رئيس شعبة الاستخبارات في حينه، لم يصوتوا لليكود، ولكنه كان مخلصاً لتقليد أن ولاء رؤساء الجهاز ليس شخصياً أو حزبياً، بل هو “للدولة”.

  هي ثقة تم الحفاظ عليها. لذلك، لم يكن لأوري ساغي بصفته رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية، أي فرصة ليعرض على رئيس الحكومة إسحق شامير في العام 1992 تقديره بأن سوريا مستعدة لاتفاق سلام مع إسرائيل مقابل انسحاب كامل من هضبة الجولان. ساغي عرف أن شمير يعارض أي انسحاب، لكنه رأى أن من واجبه طرح تقديره. كان من حق شمير مواصلة سياسته، ولم يقلق ساغي على مكانته عندما عرض عليه تقديراً غير مريح له.

 هكذا كان الأمر أيضاً في حالات أخرى. رؤساء “الشاباك” الخمسة، الذين خدموا تحت حكومات الليكود، أوضحوا في مقابلات أجراها معهم درور موريه في كتابه “حراس العتبة”، أنهم اعتقدوا أن سياسة الليكود الاستيطانية في “المناطق” [الضفة الغربية] كارثية. أحدهم، آفي ديختر، قال إن سياسة الاستيطان وعدم التقدم نحو العملية السلمية مع الفلسطينية هي “خيبة الأمل الأكبر لي من حكومة نتنياهو”. الرؤية الأيديولوجية المختلفة لم تمنع الثقة بينهم وبين المسؤولين عنهم.

 المبدأ القائل بأن مهمة الاستخبارات هي حماية “المملكة” وليس “الملك” هو الأساس المتين الذي يعتمد عليه بار في رسالته. ثقة الجمهور بذلك تمنح موقفه مصداقية إضافية. مطالبة نتنياهو بـ “الولاء الشخصي” خلقت الأزمة الأخطر في العلاقة بين أجهزة الاستخبارات والمسؤولين. ونأمل أن يساعد قرار حكم المحكمة العليا على الخروج من الأزمة.

أوري بار زوهر

 هآرتس 7/4/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب