حتى العظمة لها أجل

حتى العظمة لها أجل
قرار مسعود
فعلا لكل أمر أجل ولكل برنامج نهاية و لكل مسيرة تحول و مسير. فمَنْ تعظم بجهد الأخرين تلاشى و اندثر و بقي التاريخ يعاتبه و يلاحقه في كل مناسبة يريد أن يتعظم فيها و يتجبر و يتضخم و هو يعيش على حساب الأخرين. فزوبعة فرنسا المصطنعة مع الجزائر انكشف أمرها و لم يعد يقلق لا الجزائر و لا محيطها.
العالم لا يستطيع السير لا بالمادة و لا بالغطرسة و لا بالتمويه. العالم خلق من أجل السير بالتعايش السلمي و التبادل الاجتماعي المنصف لا من أجل تلفيق التهم لإصطناع النزاعات و التوتر للربح و المصلحة المدبرة للسطو على خيرات الدول الضعيفة و تخويفها. فمع التحول الذي طرء على العالم من خلال نمط التواصل و الإعلام و البحث العلمي، صارت المعمورة عبارة عن قرية و جعلت المجتمع يتفطن و يكشف الفرق بين ميزان الصواب و ميزان الخطأ. و من ثم بداء يطالب بمكانته في الوجود و المناصفة مع الغير الذي يراه غير منصف في حقه. إن تعنت الغرب و رفض السماع زاد من الإصرار و تكتل دول النامية في ما بينها و الإعتماد على نفسها بالعمل في محيطها دون الاتكال على الغرب كما كان في السابق و مع الدول التي تجد نفسها في التبادل و المعاملة المنصفة كرابح رابح.
كل هذا التحول أصبح يقلل من فعالية الدول المهيمنة و يحجب إقتصادها و يتدهور مقارنة مع مجتمعها الذي تَعَوَدَ على الرفاهية المفرطة و لم يتوقف أو يقلل من استهلاكه. مما جعلها تبحث على النفوذ و التعويض بنمط لم تجده إلا بتبديل خطابها و سلوكها مع الدول التي كانت يوما ما مستفيدة منها بدون حق. فالتكنولوجية اليوم توزعت عبر العالم و الإبتكار ما عاد ملكا لأحد معين. كيف يكون حال العالم ياترى ان بقي على طريقة سيره الحالية ؟ الأكيد و المؤكد أن الإصطدام يكون عنيف و الخسائر تكون وخيمة من الطرفين و الرابح هو الخاسر. لأن ما ربحه في وقت الغفلة لن يربحه في زمن أعد له العدة من العلم و الإطلاع على ما يجري في الساحة الذي أظهره الإعلام المعارض بسرعة و على نطاق واسع بواسطة التواصل الاجتماعي و جعل المجتمع النامي يدرك و يفكر و يدبر في شؤونه بنفسه بعدما تيقن في نهاية الأمر أنه كان منوما بمفعول عقار محضر من شعارات من ديمقراطية مزيفة و نصائح هدامة و حماية الفتنة الداخلية و الخارجية و العمل الإنساني لتثبيت الطبقية و تعميق الفقر داخل المجتمع و المشاريع الذي تهدم و تتلف البنية الحقيقية لفائدة الفرد و نشر الاهتمام بما يفسد القيم الراسخة للمجتمعات بالتشويش و العادات المستوردة لطمس كل ما يثبت تلك الفرد على أصوله.
فإتضح للملأ، أن كل عظمة تأسست في دول الغرب وبنيت بركائز الغير و بالنهب و السرقة لا تدوم طويلا و هو الحال و المشهد في بعض الدول التي تدعي الريادة و أن محتواها متكون من سواعد الغير و علمها من الغير وقوتها من بلدان الغير و رجال حمايتها من الغير كذلك. فأصبحت لا تقنع نفسها و لا غيرها. فحان الوقت أن تتخذ دول إفريقيا و آسيا و أمريكة اللاتنية كل التدابير و الإجراءات الحكيمة لجلب و عودة أدمغتها و رجال الاقتصاد و ذوى الخبرة في كل المجالات من الدول الغربية المستعملة لهم و فتح المجال لكل مبادرة تساهم في بناء دولة من ديمقراطية منصفة و شفافة بين كل الفئات و الإعتقادات و التشجيع السعي في حب الوطن و إطمئنان المواطن و إستقرار مسعاه في بلده و بناء الوحدة الوطنية و اتساع التشاور مع الساسة و التسامح في بعض المسائل. كل هذا يجعل العظمة الحقيقية تتحول في محيط تحترم فيه، بعدما كانت مزيفة عند محيط ماكر يريد العيش على ظهر الأخرين.