عربي دولي

حكومة الشرع أمام مجلس الأمن: همّ «طمأنة» إسرائيل يتصدّر… مجدّداً

حكومة الشرع أمام مجلس الأمن: همّ «طمأنة» إسرائيل يتصدّر… مجدّداً

بعد جهد مكّنه من الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، التي تسعى الإدارة السورية الجديدة للانفتاح عليها، وصل وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى نيويورك، حيث شارك في مراسم رفع العلم السوري الجديد الذي اعتمدته الإدارة، قبل أن يحضر اجتماع «مجلس الأمن»، والذي شهد تركيزاً من الحاضرين على قضيتَي مجازر الساحل والمقاتلين الأجانب، إلى جانب ملفات أخرى، وسط اتفاق على «هشاشة الأوضاع السورية».

وإذ ألقى الشيباني كلمة في المجلس، هي الأولى باسم حكومة الرئيس السوري في الرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، فقد شهد الاجتماع ترحيباً من الحاضرين بالتغييرات الحاصلة في سوريا، وتشكيكاً من قِبل البعض في الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة التي تعانيها البلاد، في ظل استمرار الانفلات الأمني، وعمليات القتل والخطف (ولا سيما خطف النساء)، وتراجع الدعم المقدّم إلى المحتاجين جراء «نقص التمويل»، والذي بلغ مستويات غير مسبوقة بعد توقيف الولايات المتحدة لعدد كبير من برامجها.

وأعلن الشيباني، في كلمته، إطلاق هيئتين جديدتين في سوريا، تُعنيان بالمرحلة الانتقالية (هيئة للعدالة الانتقالية، وأخرى للمفقودين)، محاولاً تبرير المجازر التي ارتُكبت في الساحل بقوله إن «فلول النظام حاولوا إشعال حرب أهلية في سوريا عبر أحداث الساحل»، مضيفاً: «إننا ننسّق مع المجتمع الدولي لمواجهة التهديدات الإرهابية». وتابع أن دمشق «تتعاون بفعالية من أجل حل ملف الأسلحة الكيماوية»، مشيراً إلى أن «المنظمات الدولية الكبرى مُنحت لأول مرة الوصول إلى أراضينا»، في خطوة قال إن «النظام البائد كان قد رفضها سابقاً».

كما ندّد، في ختام كلمته، بالاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، وقال إنها تمثّل «تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي»، داعياً المجتمع الدولي إلى «الضغط على إسرائيل لوقفها». وأضاف: «أعلنّا مراراً التزامنا بأن سوريا لن تشكّل تهديداً لأي دول في المنطقة والعالم، بما فيها إسرائيل». ويأتي كشف الشيباني عن إطلاق «هيئة للعدالة الانتقالية»، بعد تفشّي عمليات القتل من قبل فصائل تابعة أو مرتبطة بالإدارة الجديدة بحجة «تقصير الجهات المسؤولة في معاقبة مرتكبي الجرائم»، إذ شهدت حلب وحمص ومناطق أخرى عمليات قتل تمّ تبريرها بأنها جاءت بهدف «القصاص»، الأمر الذي راكم ضغوطاً متزايدة على الإدارة التي لم تخرج بعد من وطأة الضغوط التي تسببت بها المجازر التي ارتُكبت في الساحل على خلفية طائفية.

ورحّب المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، بدوره، بوحدة موقف «مجلس الأمن» بشأن سوريا، مشدّداً على أن الوضع في الساحل يشكّل تحدياً ملحّاً. وقال: «نحن بحاجة إلى عملية سياسية شاملة في سوريا»، مطالباً السلطات المؤقّتة بتقديم مرتكبي العنف إلى العدالة، وحماية جميع شرائح المجتمع السوري. كما نقل بيدرسن مخاوف «مجلس الأمن» بخصوص المقاتلين الأجانب، مشيراً إلى أن حوادث العنف لا تزال مستمرة «بشكل مقلق»، وأن الوضع في البلاد «لا يزال هشاً للغاية وهناك حاجة إلى مزيد من الشمول السياسي». ووصف الوضع الاقتصادي في سوريا بأنه «كارثي»، وشدّد على أنه «يجب وضع نهج تفاوضي لإعادة إشراك شمال شرق سوريا في العملية السياسية».

ناريشكين: عقدنا اجتماعاً في باكو مع ممثّل عن الأجهزة الأمنية في سوريا، حضره قادة وممثلون رفيعو المستوى

وفي وقت قالت فيه مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، إن «أكثر من نصف السكان في سوريا يعانون انعدام الأمن الغذائي»، شدّد المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، على ضرورة تنشيط عمل المنظمات الإغاثية، ولا سيما في منطقة الساحل، مؤكّداً أن «الوضع الأمني ما زال هشاً للغاية».

وقال: «ما زلنا قلقين جداً من الوضع الأمني في اللاذقية وطرطوس بعد المجازر الفظيعة هناك، والتي أدّت إلى قتل آلاف المدنيين وخاصة من العلويين، كما هرب العديد من المدنيين من العنف ولم يعودوا إلى قراهم، وهناك الآلاف منهم محتمون بقاعدتنا العسكرية في حميميم وما زالوا موجودين الى الآن، في حين هرب الآلاف خارج البلاد خوفاً من العنف»، آملاً في أن تصدر لجنة التحقيق، التي مدّدت عملها، لثلاثة أشهر، «تقريراً شفافاً بحسب المعايير الدولية في الأمم المتحدة ومحاسبة المسؤولين عن المجازر»، بما «سيحدد مستقبل العلاقة بين دمشق والمجتمع العلوي وغيره من الأقليات». كما قال إن خطف الفتيات في الساحل «غير مقبول أبداً في أي دولة ويجب أن تتم اعادة الفتيات ومحاسبة المختطفين بأقصى العقوبات»، مشدّداً على ضرورة أن تشعر الأقليات بأنها غير مهمّشة، عبر إشراكها في بناء أجهزة الجيش والأمن.

من جهتها، ركّزت سفيرة الولايات المتحدة في المجلس، دوروثي شيا، على أهمية «مكافحة الإرهاب» من قبل السلطات في دمشق وعدم الاعتداء على دول الجوار (في إشارة إلى إسرائيل)، وإبعاد المقاتلين الأجانب (وهو أحد الشروط الأميركية لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، والتي يحاول الشرع الالتفاف عليها عبر منح هؤلاء المقاتلين الجنسية السورية). وأعادت التذكير بأن واشنطن لا تثق بهذه السلطات وترفض نقل سجناء تنظيم «داعش» إلى مناطق سيطرتها، خوفاً من إفلاتهم من العقاب، مشدّدة على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن مجازر الساحل للتأكيد أنْ لا أحد فوق القانون، مشيرة إلى أن بلادها تواصل مراقبة أفعال السلطات الجديدة.

وإلى جانب ملفَّي مجازر الساحل والمقاتلين الأجانب، تطرّق المجتمعون، الذين يعقدون جلسة أخرى مغلقة، إلى الاعتداءات الإسرائيلية، التي أشار المندوب الروسي إلى أنها «تهدد استقرار سوريا»، وطالب بإنهائها، في وقت خصّص فيه المندوب التركي جل كلمته للحديث عن هذه الاعتداءات، في سياق التصعيد السياسي التركي – الإسرائيلي حول سوريا، على خلفية منع تل أبيب أنقرة من التمدد العسكري في الداخل السوري، وفشل المفاوضات التي انطلقت في آذربيجان بين الطرفين، حتى الآن، في الوصول إلى توافق ينهي هذا التصعيد.

في غضون ذلك، كشف مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، في حديث إلى وكالة «تاس»، عن اجتماع تمّ عقده في العاصمة الآذربيجانية – التي باتت تحتضن مفاوضات عديدة مرتبطة بالملف السوري – مع ممثل عن الأجهزة الأمنية في سوريا، قبل أيام، وحضره قادة وممثلون رفيعو المستوى من الشرق الأوسط وآسيا الكبرى، وتخلّله لقاء بمسؤول سوري رفيع المستوى. وقال: «عقدنا معه اجتماعاً بنّاءً وودوداً للغاية»، من دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل، علماً أن المسؤول الروسي زار آذربيجان في الـ17 والـ18 من نيسان الحالي، للمشاركة في مؤتمر بعنوان «أفغانستان: الترابط الإقليمي والأمن والتنمية».
(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب