القاهرة تعوّل على «هدنة محدودة»

القاهرة تعوّل على «هدنة محدودة»
القاهرة | في وقت لم تفضِ فيه الأسابيع الأخيرة من الاتصالات المكثّفة بين القاهرة وواشنطن وتل أبيب والدوحة إلى اختراق حقيقي في مسار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط «تلكؤ إسرائيلي وانشغال أميركي بملفّات أكثر إلحاحاً من وجهة نظر البيت الأبيض»، يخفي السكون الظاهري ما تقول مصادر مصرية مطّلعة إنه تحوّل تدريجي في طبيعة المقترحات المطروحة، والتي باتت تتّجه أكثر نحو تبنّي صيغة «هدنة إنسانية» محدودة الزمن، تتضمّن إدخالاً محدوداً للمساعدات.
وفيما وصل وفد من حركة «حماس»، إلى العاصمة المصرية برئاسة خليل الحية، أعادت زيارة رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، إلى الدوحة، المفاوضات إلى مستوى رفيع، بعد الجمود الذي ساد في الأسابيع الماضية. لكن على رغم هذا التطوّر، تراجع الحديث عن «هدنة طويلة الأمد» لمصلحة صيغة أكثر تواضعاً: «وقف مؤقت لإطلاق النار لعدّة ساعات يومياً، يتضمّن إدخال مساعدات غذائية وطبية محدودة، ضمن آلية مراقبة إسرائيلية مشدّدة»، وهو ما تعمل القاهرة على «تحقيقه خلال الاتصالات الجارية مع واشنطن في المقام الأول، في وقت تضغط فيه على تل أبيب للتعاطي معه بمرونة بما يجنّب الأوضاع في القطاع مزيداً من التدهور، ويمهّد لتفاهم أوسع تُراهن القاهرة على بلورته قبل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة الشهر المقبل».
ومع تبنّي مصر لهذا المقترح، فإنها لا تتحرّك بمعزل عن التنسيق مع قطر؛ إذ «يجري التفاهم على ربط الهدنة المؤقتة بالإفراج عن عدد محدود من المحتجزين الإسرائيليين، مقابل تسهيلات في إدخال المساعدات، وبعض الأمور الأخرى». ويعتقد المسؤولون المصريون بأن الصيغة المطروحة حالياً «قد تكون كفيلة بتأمين توازن داخلي داخل حكومة الاحتلال، يرضي رئيسها بنيامين نتنياهو، إلى حين تبلور تسوية أوسع تأمل مصر في أن تتقدّم عبر القمة المرتقبة بين نتنياهو وترامب».
وفي كلمته خلال احتفالات ذكرى تحرير سيناء أمس، جدّد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، المطالبة بوقف شامل لإطلاق النار، والإفراج عن جميع المحتجزين، وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية «بكميات كافية»، مكرّراً، في الوقت ذاته، رفض مقترحات التهجير خارج الأراضي الفلسطينية.
على خط موازٍ، تُراهن مصر على التلويح بالكارثة الإنسانية المحدقة في غزة، في ضوء التحذيرات الأممية من نفاد المساعدات. كما تكثّف تنسيقها مع باريس والرياض تحضيراً لمؤتمر مسار «حلّ الدولتين»، والمُفترض انعقاده في نيويورك في حزيران المقبل، على رغم «التباينات بينها وبين الرياض، ولا سيّما حول إدارة العلاقة مع تل أبيب، وتفاصيل الدور الأردني في المرحلة المقبلة، والذي تتحفّظ القاهرة على بعض ملامحه، خصوصاً في ما يتعلّق بالموقف من المقاومة».