“استهتار خطير بالحياة البشرية”.. أعضاء في الكونغرس يطالبون بتفسيرات حول ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في اليمن

“استهتار خطير بالحياة البشرية”.. أعضاء في الكونغرس يطالبون بتفسيرات حول ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في اليمن
رائد صالحة
واشنطن- طالب ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزب الديمقراطي، يوم الخميس، وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث بتقديم تفسيرات حول الغارات الجوية الأمريكية في اليمن، والتي أفادت تقارير بأنها تسببت في مقتل العشرات من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، منذ الشهر الماضي.
وجاء في الرسالة التي وجهها كل من كريس فان هولين (ماريلاند)، إليزابيث وارن (ماساتشوستس)، وتيم كين (فرجينيا) إلى هيغسيث: “نكتب إليكم بشأن تقارير تشير إلى أن الضربات الأمريكية على محطة وقود رأس عيسى في اليمن الأسبوع الماضي أسفرت عن مقتل ما يُقدّر بأكثر من 70 مدنيًا”.
وأشار المشرّعون إلى أن “مشروع رصد الأثر المدني التابع لمجموعة حماية الأمم المتحدة قدّر أن شهر مارس/ آذار 2025 شهد أعلى حصيلة للضحايا المدنيين في اليمن منذ عامين، مع تضاعف الأرقام ثلاث مرات مقارنة بالشهر السابق، ليبلغ العدد 162 ضحية مدنية”.
وأضاف أعضاء مجلس الشيوخ: “إذا كانت هذه الأرقام صحيحة، فلا غرابة فيها، بالنظر إلى أن استخدام الأسلحة المتفجرة في مناطق مأهولة – كما يبدو أنه حدث في هذه الضربات – يحمل خطرًا كبيرًا بإلحاق أذى بالمدنيين”، حسبما ذكرت منصة “كومن دريمز”.
وتطرّقت الرسالة إلى تقارير عن نية إدارة ترامب تفكيك السياسات والإجراءات المصممة لتقليل الخسائر المدنية في وزارة الدفاع. ووفقًا للرسالة، تم بالفعل عزل كبار المستشارين القانونيين (ضباط JAG)، الذين كانوا يقدّمون مشورة حيوية للمقاتلين الأمريكيين بشأن التزاماتهم القانونية، بما في ذلك قانون النزاعات المسلحة وسياسات تخفيف الأضرار.
وتابعت الرسالة: “خفّفت وزارة الدفاع مؤخرًا من قواعد الاشتباك، ما سمح للقيادة المركزية وقيادات قتالية أخرى بتنفيذ ضربات دون العودة إلى البيت الأبيض، ما يضعف الرقابة الضرورية على قرارات مصيرية تتعلق بالحياة والموت”.”هذه الخطوات تشير إلى تخلي الإدارة عن التزاماتها بتقليل الخسائر بين المدنيين”.
وسعى أعضاء مجلس الشيوخ إلى الحصول على إجابات واضحة من وزير الدفاع حول عدد من النقاط الجوهرية المرتبطة بالعمليات العسكرية الأمريكية في اليمن. فبدأوا بالسؤال عمّا إذا كانت الوزارة قد أجرت تقييمًا دقيقًا لعدد الضحايا، سواء من المدنيين أو المقاتلين، في كل غارة جوية نُفذت داخل الأراضي اليمنية.
كما تساءلوا عن الإجراءات المتبعة مسبقًا لتقييم الأضرار المحتملة على المدنيين قبل تنفيذ أي ضربة، ومدى التزام الوزارة بوضع هذه الاعتبارات ضمن أولويات التخطيط العسكري.
وتطرّقت الأسئلة إلى دور المستشارين القانونيين، بمن فيهم ضباط مكتب المدعي العام (JAG)، في مراجعة شرعية هذه الضربات، والتأكد من توافقها مع القوانين الدولية والإنسانية.
وطرحت الرسالة استفسارًا حول السياسات الحالية المعتمدة لدى وزارة الدفاع لتقليل الأضرار المدنية والاستجابة لها، ومدى فاعلية هذه السياسات في الميدان.
كما طُرِح سؤال حول مدى مشاركة خبراء التخفيف من الأضرار، سواء في القيادة المركزية الأمريكية أو في مركز التميز لحماية المدنيين، في عمليات التخطيط لتلك الضربات الجوية.
واختُتمت الأسئلة بالتركيز على الجانب الإنساني، حيث استفسر أعضاء المجلس عن الكيفية التي تعتزم بها الوزارة التواصل مع العائلات والمجتمعات المتضررة، ومدى استعدادها للاعتراف بالخسائر المدنية والنظر في سبل تعويض الضحايا.
يُذكر أن هيغسيث أعلن مؤخرًا عن إغلاق مكتب البنتاغون لتخفيف أضرار المدنيين ومركز التميز لحمايتهم، اللذين أُنشئا خلال إدارة بايدن. وخلال جلسة تعيينه، أبدى هيغسيث معارضته لما وصفه بـ”قواعد الاشتباك التقييدية”، قائلًا إن “عدونا لا يحتاج إلى محامين، بل إلى رصاص”، في إشارة إلى رأيه بأن القانون لا ينبغي أن يقيّد العمليات العسكرية.
ومن الجدير بالذكر أن إدارة ترامب، خلال ولايته الأولى، خففت من قواعد الاشتباك التي تهدف إلى حماية المدنيين. وقد أدّت هذه السياسات إلى ارتفاع حاد في أعداد الضحايا، ولا سيما خلال الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والتي اتبعت سياسة “الإبادة” بحسب تصريحات وزير الدفاع الأسبق جيمس ماتيس.
وقدّر مشروع “تكاليف الحرب” التابع لمعهد واتسون في جامعة براون، أن أكثر من 400 ألف مدني لقوا حتفهم نتيجة مباشرة للحرب الأمريكية على الإرهاب في كل من أفغانستان، وباكستان، والعراق، وسوريا، وليبيا، واليمن.
أما في اليمن، فتقول منظمة “إيروورز” البريطانية إن القوات الأمريكية تسببت في مقتل مئات المدنيين في 181 غارة معلنة منذ عام 2002. ويُعتقد أن الغارات الجوية التي تنفذها السعودية، بدعم أمريكي، أسهمت أيضًا في مقتل أكثر من 150 ألف يمني منذ بداية الحرب في 2014.
ورغم ذلك، لم تحظَ هذه الغارات بتغطية إعلامية واسعة، على عكس فضيحة استخدام هيغسيث لتطبيق “سيغنال” في تنسيق هجمات على اليمن مع زملائه وصحافي وأفراد من عائلته، والتي أثارت جدلًا واسعًا في واشنطن.
وفي ختام رسالتهم، قال أعضاء مجلس الشيوخ: “ادعاء الرئيس ترامب بأنه صانع سلام يبدو فارغًا عندما تؤدي عملياته العسكرية إلى مقتل عشرات المدنيين. إن هذا الاستهتار بأرواح المدنيين يُشكك في قدرة إدارته على الالتزام بالقانون الدولي والمعايير الأخلاقية في خوض الحروب”.