مقالات

 مع نهاية الحرب ايضا بوادر اسرائيل الجديدة قد تبدو ملامحها بقلم مروان سلطان.   فلسطين

بقلم مروان سلطان -فلسطين

 مع نهاية الحرب ايضا بوادر اسرائيل الجديدة قد تبدو ملامحها

 

 

بقلم مروان سلطان.   فلسطين 🇵🇸 

30.4.2025

————————————-

الحرب على غزة اظهرت تاثيرا كبيرا على دول محور دول الاقليم في الشرق الاوسط. ونتج عنه ظهور ملامح تشكيل شرق اوسط جديد بدت بوادره تتضح وترتسم معالمه في المنطقة التي يبدو انها تاثرت بشكل واسع من الحرب. فاذا كانت الحرب تسببت في اضعاف محور ما عرف بالمحور الايراني وسقوط النظام السوري او ما تم التعارف عليه بمسمى محور المقاومة، فان الحرب كشفت عن واقع كان مخفيا لم يبدو للعيان حول  الواقع في  اسرائيل  من الداخل، وما يمكن ان تكون عليه الاثار النتائج المترتبة على ذلك بعد الحرب .  لقد كشفت الحرب عن واقع اسرائيل الهش في منظومتها الاجتماعية، الامنية ، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية،  وبالرغم من مظاهر استعمال القوة المفرطة على قطاع غزة ، وما نتج عنها من سقوط الالاف من الشهداء والجرحى في سبيل ما يسمى استعادة هيبة الدولة وتامين قوة الردع الاسرائيلية المرتبطة بالوعي العام لشعوب المنطقة.

وجه اسرائيل الجديد اخذت ملامحة تبدو جلية وواضحة من خلال قراءة المشهد السياسي في اسرائيل حيث تواجه اسرائيل والحكومة الاسرائيلة ازمات وتحديات كبيرة  في الشان العام الاسرائيلي من جوانب متعددة.

لقد كانت اسرائيل تبدو كقلعة امنية وعسكرية كبيرة ، وهالة لا يمكن الاقتراب منها. بسبب سمعة الجيش الاسرائيلي وتفوقه النوعي والكمي والتقدم في الصناعات والتكنولوجيا العسكرية الاسرائيلية ذات السمعة العالية، ولكن كل هذه الهالة لم تعمل عند الحاجة اليها ، وهذا سببه كان الغرور العسكري والشعور بالتفوق الامني. فقد سبب ذلك الشعور بعد الحرب  في سقوط القناعة بهيبة الجيش الاسرائيلي من قبل الجمهور الاسرائيلي. وبناء عليه تصدر الموقف رئيس الحكومة الاسرئيلية نتنياهو الذي حشد كل العالم واسرائيل للحرب تحت حجة الدفاع عن النفس ، وتبين لاحقا زيف نظريته وان نتنياهو كان يسعى للحرب بدواعي شخصية.

كشفت هذه الحرب زيف ادعاءات وخداع الحكومة الاسرائيلية والتزاماتها اتجاه شعبها، وتكرس لدى الجمهور الاسرائيلي ان رئيس الحكومة والائتلاف الحاكم يقودون حروبا لاسباب شخصية وليس من اجل الدولة وهيبتها ووجودها، مما جعل  هذه الحكومة تواجه ازمة ثقة فيها وفي سياساتها، ستترك اثرها في المستقبل المنظور ومن الممكن ان تعصف بها. هذا عن القضايا التي تتكشف يوما بعد يوم من قضايا المحاكم الداخلية قطر غيث، والتلاعب في المعلومات، والانتكاس السياسي وقضايا اخرى خارجية، وسوء العلاقات الخارجية.

الصراعات التي تسود اليوم في المجتمع الاسرائيلي ، تفجرت بشكل واسع بين مختلف الاقطاب والجهات في المجتمع الاسرائيلي واطيافه والوانه وشكلت ازمة ثقة ، وسقوط لمثالية الهوية والديمقراطية التي ضجت بها اذان العالم وتباهت بها امام ما تدعيه دكتاتوريات الدول المحيطة بها. قال الشارع كلمته، وحصل تمرد في الجيش الاسرائيلي واجهزة الامن، وقطاعات مختلفة تنادي بوقف الحرب وتحرير الرهائن.

لقد اظهرت الحرب وجه اسرائيل الحقيقي ، وسببت الضحايا باعداد كبيرة في وسط الاطفال والنساء والمدنيين، مما سبب لحلفائها احراجا كبيرا ، لا زالت شوارع الحلفاء في دول العالم تضج بها. وبسبب تلك السياسة الهمجية التي اتبعتها الحكومة الاسرائيلية التي  ارادت استعادة الهيبة للدولة من خلال القتل والتدمير ، فقد ادت الى الانكفاء السياسي في الاقليم التي اوشكت على الانفتاح والتطبيع مع الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية الامر الذي طالما حلمت به الدولة العبرية.

وجه اسرائيل الجديد القادم  النابع من ازمة الثقة التي سببتها مخرجات هذه الحرب في مكونات العلاقات المتعددة الوجوه والرؤوس داخل اسرائيل. كما ان الانقسامات الداخلية الواسعة،  التي تتصاعد وتتفاقم بين الحكومة والمجتمع الاسرائيلي الذي بات يدرك ان سياسات الحكومة تقوم على المصالح شخصية لرئيس الحكومة والاعضاء وليس من اجل دولة اسرائيل.وبناء عليه فان اسرائيل من خلال منظومتها في الدولة العميقة وقيادات المجتمع المدني الاسرائيلي اليوم تعمل بكل طاقاتها ومكوناتها احتواء تلك القضايا والازمات التي سببت الانكماش السياسي بدل الذي كانت تسعى اليه دوما من فرض السطوة والهيمنة في الاقليم.

تدخل الدولة العميقة في اسرائيل على ما يبدو  في امكانية منح نتنياهو العفو العام مقابل الاعتراف بالذنب وانهاء دوره السياسي، هو احد اوجه الحل في انهاء دور الائتلاف اليميني الحاكم، بحيث يقود هذا الى نوع من الانفراج السياسي الداخلي في منطقة الشرق الاوسط وسط ضغوط شعبية في سبيل انهاء الازمات التي تواجهها اسرائيل، مع الانتخابات القادمة، وهذا قد  يقود الى انفراج في الملف الفلسطيني ، وبداية لامكانية تبلور الكيان الفلسطيني  الذي طال انتظاره. وفي حالة تعقد المشهد واستمرار نتنياهو بالاضطلاع في دور سياسي ويحمل ذات التوجه والسياسات مع اعتقادي ان نتنياهو متلون ويعمل وفق البيئة الحاضنة في كل مرحلة ، فذلك يعني ان هذا هو بداية للانهيار الداخلي في اسرائيل بسبب تفاقم الصراعات ، وهو الامر الذي يفقد اسرائيل ثقة الحلفاء بها وبالتالي التخلي عن دورها الاقليمي المناط بها في الشرق الاوسط، وهو ما يعقد المشهد العام في الشرق الاوسط وسط تفاعلات وتحالفات اقليمية جديدة. اعتقادي الواسع ان التغير في اسرائيل قادم مع نهاية تلك الحرب التي اوجعت قلوبنا  جميعا بوجه جديد ورؤيا جديدة وتحسن من جودة المناخات السياسية، وخلق فهم جديد في المجتمع الاسرائيلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب