عربي دولي

عودة أجواء الحرب إلى الشمال: اتفاق دمشق – “قسد” نحو الانهيار

عودة أجواء الحرب إلى الشمال: اتفاق دمشق – “قسد” نحو الانهيار

 

عادت أجواء الحرب لتفرض نفسها على منطقة سدّ تشرين الذي تسيطر عليه “قسد” في ريف حلب الشمالي الشرقي، وذلك بعد هدنة قصيرة غير مُعلنة بينها وبين تركيا والفصائل الموالية لها استمرّت أقل من شهر. ويأتي هذا وسط تلميحات تركية إلى إمكانية شنّ عملية عسكرية واسعة للسيطرة على مناطق “قسد”، والقضاء على مشاريع “الفيدرالية” و”الإدارة الذاتية”، وهو ما تذهب إليه أيضاً الحكومة السورية الجديدة. وعبّرت تركيا عن رغبتها في العودة إلى الخيار العسكري، من خلال تنفيذها استهدافين بواسطة الطيران المُسيّر، بالقرب من سدّ تشرين، ما أدّى إلى مقتل قيادية في “قسد” وإصابة آخرين، بالإضافة إلى عودة تحليق الطيران الحربي والمُسيّر في الأجواء.

ويُعتقد بأن هذا الهجوم التركي جاء ردّاً على مخرجات “الكونفراس القومي” الكردي في سوريا، والذي طالب بنظام لامركزي فيدرالي، ما أثار حفيظة أنقرة التي تكرّر أنها لن تقبل بأي شكل من أشكال الحكم اللامركزي أو الفيدرالي أو الذاتي في مناطق “قسد” الواقعة على حدودها الجنوبية، وتصرّ على مركزية الحكم في سوريا.

كما أن عدم ظهور أي بوادر إيجابية من قيادة حزب “العمال” الكردستاني تجاه مبادرة زعيمه المعتقل في سجن إمرلي، عبدالله أوجلان، لإلقاء السلاح، ومطالب “العمال” بإطلاق سراح أوجلان لقيادة خطة إلقاء السلاح، يُعتبر عاملاً إضافياً للتصعيد. وبالتوازي مع القصف التركي المستجدّ، نشرت وسائل إعلام محسوبة على دمشق، معلومات عن توجّه أرتال من الجيش الجديد و”الأمن العام” إلى سدّ تشرين في ريف حلب، في مؤشر إلى إمكانية استئناف المعارك، بعد تسريبات عن تعليق العمل باتفاق 10 آذار الموقّع بين الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، وقائد “قسد”، مظلوم عبدي.

أنقرة تهاجم قرب سدّ تشرين رداً على “الكونفرنس القومي” الكردي

وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان رأى، أن “الفيدرالية في سوريا ليست سوى حلم بعيد المنال”، داعياً، في تصريحات إلى الصحافيين، إلى “قرارات تخدم استقرار المنطقة، لا إلى أحلام بحكومة اتحادية”. وجدّد القول إن “بلاده لن تسمح بفرض أمر واقع في المنطقة، ولا بأي مبادرة تهدّد استقرار سوريا”، مشيراً إلى أن “السلطات السورية أعلنت أنها لن تقبل بأي سلطة غير حكومة دمشق أو هيكل مسلّح غير الجيش السوري”، لافتاً إلى “تطابق نهج البلدين تجاه أمن الحدود”. وتابع أن وحدة الأراضي السورية “أمر لا غنى عنه، وأن الخيار الأمثل هو أن تعمل جميع المكوّنات من أجل سوريا واحدة”.

ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه المفاوضات بين الإدارة السورية الجديدة و”قسد” تجميداً غير مُعلن، بعد أن توقّف تطبيق اتفاق نشر قوات “الأمن العام” السوري داخل سدّ تشرين، لخلافات حول رغبة “قسد” في أن تكون مهمة حماية السد مشتركة، مقابل مطالبة الحكومة بتسلّمها سدّ تشرين ومحيطه بالكامل. وعلى المنوال نفسه، توقّف تنفيذ الاتفاق في حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، في ظل خلافات حول تأكيد “قسد” الاكتفاء بنشر نقاط مشتركة مع العناصر الحكوميين في محيط الحيين، مقابل إصرار الحكومة على تسلّم مهام حمايتهما، ودمج قوى الأمن الداخلي الكردية “الأسايش”، مع “الأمن العام” في حلب. وأيضاً، علّقت الهيئة السياسية التي تنظّم عمل الحكومة الجديدة، قراراً بمنح الإذن لوزير التربية، محمد تركو، لتنفيذ امتحانات طلاب شهادتَي التعليم الأساسي والثانوي في محافظة الحسكة، وذلك بهدف ممارسة ضغوط إضافية على “قسد”.

وتوضح مصادر مطّلعة على الملف، لـ”الأخبار”، أن “الخلافات بين قسد والحكومة السورية على آلية تطبيق اتفاق 10 آذار، نجمت عن سعي كل طرف إلى تطبيقه بصورة تتوافق مع مصالحه”، مشيرة إلى أن “هذه الخلافات لم تصل حتى الآن إلى مرحلة تعليق الاتفاق”. وتلفت المصادر إلى أن “قسد تنظر إلى التصريحات التركية على أنها خطوة تعطيلية للتسوية، وتضرّ بمسارها”، مؤكّدة أن “النظر إلى فكرة نظام الحكم اللامركزي أو الذاتي أو الفيدرالي على أنها خطوة انفصالية، أمر غير صحيح”. وترجّح المصادر أن “يتم عقد اجتماع خلال الأسبوع الحالي بين الطرفين، لحل النقاط الخلافية، واستئناف تطبيق الاتفاق”، معتبرة أن “هناك حرصاً منهما على مواجهة العقبات بالحوار، وحل المشاكل من دون اللجوء إلى حلول عسكرية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب