عربي دولي

حلحلة في الطاقة وتعثّر في المياه | بغداد – أنقرة: نقطة تحوّل

حلحلة في الطاقة وتعثّر في المياه | بغداد – أنقرة: نقطة تحوّل

فقار فاضل

بغداد | شهدت زيارة رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، على رأس وفد كبير إلى أنقرة، أول أمس، توقيع عشر مذكّرات تفاهم شملت قطاعات استراتيجية هي: الأمن، والطاقة، والتجارة، والنقل، والمياه، والتعليم، والتكنولوجيا، والثقافة، والصناعة، والسياحة.

ووصف وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الزيارة بـ”الاستراتيجية”، مؤكّداً أنها “عكست تحوّلاً لافتاً في طبيعة العلاقة بين بغداد وأنقرة، من التنسيق الثنائي إلى بناء شراكات متعدّدة المسارات”. وأشار، في تصريح إلى “الأخبار”، إلى أن “العلاقات الثنائية بدأت تتطوّر، ولا سيما في القضايا الشائكة، وتحدّثنا مع الجانب التركي في ملف الطاقة بفروعه المختلفة، ولا سيما النفط الذي ناقشناه بشكل عميق، وخاصة تجديد عقد الأنبوب النفطي الممتدّ من إقليم كردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي”.

وأضاف حسين أن “المباحثات شملت أيضاً الاتفاق على تصدير النفط ومستقبلاً كيفية تصدير الغاز؛ وفي الوقت الحاضر كيفية استيراد الغاز للاستفادة منه في إنتاج الطاقة الكهربائية”، لافتاً إلى أن “هناك اتفاقاً مبدئياً على شراء الكهرباء بواقع 300 ميغاواط من تركيا وبالإمكان زيادتها إلى 600 ميغاواط”. وتابع أن “النقاشات ركّزت كذلك على ملف المياه، خاصة الجفاف الواضح في العراق وسبل معالجته، وتأسيس مشاريع في العراق تخصّ إدارة وخزن وحصر المياه عبر شركات تركية”. والجدير ذكره، هنا، أن العراق يواجه ضغوطاً أميركية للابتعاد عن شراء الغاز واستجرار الكهرباء من إيران التي تشكّل مصدراً رئيسياً لتزويده بهما، ولا سيما في فترات الصيف حين تثير انقطاعات الكهرباء أزمات يمكن أن تهدّد الحكومة نفسها.

وفي ما يتعلّق بالقضايا الأمنية، نبّه وزير الخارجية العراقي إلى أهمية “الاستقرار وعدم التصعيد في المنطقة والحفاظ على الحياد في الأزمات، فضلاً عن أن الأمن التركي والعراقي والسوري مشترك وواحد. ولذا، الاتفاق مهم في ظل تهديد عصابات داعش”. وكان الجانبان شدّدا، في محادثاتهما، على ضرورة تأمين الحدود المشتركة، ومنع استخدام الأراضي العراقية منطلقاً لهجمات ضد تركيا، في إشارة إلى وجود حزب “العمال” الكردستاني في شمال العراق. كما أن الجانب العراقي دعا إلى احترام السيادة الوطنية، بينما أصرّ الجانب التركي على حقه في حماية أمنه القومي. ومع ذلك، توصّل كلاهما إلى تفاهم مشترك حول آليات التنسيق الأمني، وتفعيل غرف الاتصال الاستخباري، وتوسيع نطاق الدوريات المشتركة في المناطق الحدودية.

وزير الخارجية العراقي يؤكّد أن بغداد تريد الاستقرار وعدم التصعيد في المنطقة والحفاظ على الحياد في الأزمات

وعلى المستوى الاقتصادي، تصدّر مشروع “طريق التنمية”، الذي يربط ميناء الفاو الكبير في البصرة بشبكة نقل تصل العراق بتركيا، ومن ثم بأوروبا، جدول المباحثات؛ علماً أن هذا المشروع نال اهتماماً تركياً لافتاً، بوصفه فرصة لربط الاقتصاديْن وتفعيل دور العراق كممرّ تجاري إقليمي. وفي السياق، أكّد وزير التجارة العراقي، أثير الغريري، أهمية “طريق التنمية” في جعل العراق من البلدان المزدهرة اقتصادياً وتجارياً، لافتاً، في تصريح إلى “الأخبار”، إلى أن “العراق وتركيا بصدد تأسيس مجلس مشترك لإدارة هذا الملف”.

وبيّن أن “هناك تعاوناً استراتيجياً بين البلدين يتضمّن اتفاقاً يغطّي جميع مجالات الطاقة والمياه والتجارة والصناعة العسكرية، بالإضافة إلى تعزيز التواجد التجاري، وزيادة الاستثمار، وتطوير حجم التبادل التجاري”، مشيراً إلى أنه “تمّ عقد اجتماع مشترك ضمّ رجال الأعمال من الجانبين العراقي والتركي، حيث جرى الاستماع إلى ملاحظاتهم والعمل على تذليل العقبات التي تواجه حركة مرور البضائع بين البلدين”. وتابع أن “اللقاءات أسهمت في معالجة العديد من المعوقات أمام التبادل التجاري بشكل دائم”.

كما أكّد “التعاون مع مكتب الاستثمار في الجمهورية التركية للترويج للفرص الاستثمارية الواعدة في العراق”، لافتاً إلى “وجود زيادة كبيرة وتطور ملحوظ في حجم الاستثمارات بين البلدين، بالاستفادة من حملة الإعمار والبناء التي تشمل جميع القطاعات في السوق العراقية”.

إلا أن الزيارة حملت مؤشرات سلبية بشأن ملف المياه، في وقت يمر فيه “العراق بسنة جفاف شديدة تتطلّب دعماً لمعالجة هذه الأزمة”. وفي هذا الإطار، أشار وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب، في تصريح إلى “الأخبار”، إلى أن “موضوع المياه حاضر بشدة. وتمّ طرحه بشكل موسّع من قبل رئيس الوزراء خلال المباحثات مع الجانب التركي”.

وتابع أن “الوفد العراقي شرح الظروف الصعبة التي يواجهها العراق بسبب الجفاف الشديد والمشاكل الحادّة المرتبطة بنقص المياه”، لافتاً إلى أن “الحكومة اضطرت إلى اتخاذ قرار بمنع زراعة المحاصيل الصيفية، نظراً إلى محدودية الموارد المائية”، معتبراً “أن القرار صعب ولكن لا بد منه في ظل التحديات الحالية”.

الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب