عربي دولي

الصحة العالمية تحذّر من “كارثة بكل معنى الكلمة” في السودان.. المبعوث الأممي: البرهان وحميدتي اتفقا على التفاوض عبر ممثلين

الصحة العالمية تحذّر من “كارثة بكل معنى الكلمة” في السودان.. المبعوث الأممي: البرهان وحميدتي اتفقا على التفاوض عبر ممثلين

جنيف: كشف فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان عن اتفاق أطراف الصراع في البلد الإفريقي، الجيش وقوات “الدعم السريع”، على إرسال ممثلين عنهم للتفاوض.
وقال بيرتس لوكالة أسوشييتد برس، إن الجنرالين المتحاربين في السودان (رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي” اتفقا على إرسال ممثلين للتفاوض، لافتا أن المفاوضات يُحتمل أن تجري في السعودية.
وأوضح المسؤول الأممي أن المحادثات المتوقعة ستركز في البداية على فرض وقف إطلاق نار “ثابت وموثوق” يتابعه مراقبون “وطنيون ودوليون”.

فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان

المعارك تحتدم في الخرطوم والسودان على شفا كارثة إنسانية”

تجددت، الإثنين، الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم، رغم تواصل الهدنة الإنسانية بعد تمديدها اعتباراً من ليلة الأحد/ الاثنين لمدة 72 ساعة.
وأفاد شهود عيان، بأن “أصوات المدافع دوت في المناطق الجنوبية من الخرطوم”، فيما شهدت مناطق شمال مدينة بحري (شمال شرقي العاصمة) “اشتباكات عنيفة”.
وقال الشهود إن “الطائرات الحربية ما زالت تحلق بشكل كثيف في مناطق شرق النيل، فيما يسمع أصوات مضادات الطيران”.
وذكر الشهود أن “الطائرات العسكرية استهدفت تجمعا للدعم السريع، في مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون المحلية، بمدينة أم درمان غرب الخرطوم، ومستشفى شرق النيل شرق العاصمة”.

أتى ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي منتصف ليل الأحد الإثنين (22:00 ليل الأحد ت غ).

إلا أن الهدنة الأخيرة بقيت هشّة كغيرها من محاولات التهدئة التي تمّ التوافق عليها منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 نيسان/أبريل والذي أغرق السودان في فوضى حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف للمغادرة أو النزوح.

ويرى الخبراء أن اتفاقات وقف النار تهدف خصوصا الى ضمان أمن طرق إجلاء الرعايا الأجانب، والسماح بمواصلة بعض الجهود الدبلوماسية التي تقودها أطراف خارجية في ظل رفض القائدين العسكريين التواصل بشكل مباشر.

ويبدو أن كل محاولات الحلّ تصطدم بصراع النفوذ الشخصي بين البرهان ودقلو المعروف بحميدتي، واللذين أطاحا معا عام 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ الاطاحة بنظام الرئيس عمر البشير عام 2019.

ودقت الأمم المتحدة جرس الإنذار من تحوّل الوضع الى مأساة انسانية.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إن “الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين”، مبديا “قلقه الكبير”.

وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرر أن يرسل “فورا الى المنطقة” رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث “في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان”.

وأكد غريفيث أنه في طريقه الى المنطقة “لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية”، معتبرا أن “الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة” في بلاد كانت تعدّ من الأكثر فقرا في العالم حتى قبل تفجر النزاع الأخير.

وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها “استنزف غالبية مخزوناتنا”.

وفي بلد كان ثلث سكانه يعانون من من الجوع قبل اندلاع الحرب، فرر برنامج الأغذية العالمي أن يستأنف “أنشطته فورا” بعد تعليقها عقب مقتل ثلاثة من موظفيه خلال الأيام الأولى للنزاع.

 “كارثة”

تحولت الأزمة الصحية التي كان يعانيها السودان قبل اندلاع القتال منتصف الشهر الماضي إلى “كارثة بكل معنى الكلمة”، بحسب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط أحمد المنظري.

أوضح المنظري أن قبل المعارك الأخيرة “مرّ النظام الصحي في السودان كما هو معروف بسنوات من الأزمات المختلفة مما عرّضه للكثير من الهشاشة والضعف الحقيقي، ضعف بكل ما تعنيه الكلمة من حيث البنى التحتية، أي المستشفيات أو مراكز رعاية صحية أولية بمختلف مستوياتها في عموم السودان”.

وتابع “هناك فعلا نقص حقيقي في الكادر الطبي وخصوصا بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين … وخصوصا الكادر الطبي المتخصص على سبيل المثال في الجراحة والتخدير”.

وأشار إلى أن “23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها”

أسفرت المعارك عما لا يقل عن 528 قتيلًا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.

ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، تمكنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأحد من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، وذلك الى مدينة بورتسودان الواقعة على مسافة 850 كلم الى الشرق من الخرطوم.

وأوضحت اللجنة أن الشحنة “ضمّت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال”، إلا أنها لن تكفي سوى لمعالجة “1500 جريح”.

وأدت المعارك الى نزوح داخلي وخارجي. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص الى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية إفريقيا الوسطى وغيرهم الى إثيوبيا وجنوب السودان. وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أبدت خشيتها من أن تدفع المعارك لفرار ما يصل الى 270 ألفا نحو تشاد وجنوب السودان.

وتطال الاشتباكات 12 من الولايات الـ18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة.

 جهود دبلوماسية

ويضطر سكان العاصمة غير القادرين على مغادرتها الى الاحتماء من إطلاق النار والقصف لكنهم يواجهون ظروفا تزداد صعوبة في ظل انقطاع الكهرباء وشحّ المواد التموينية والمياه والوقود.

ومنحت السلطات المحلية في الخرطوم موظفي القطاع العام “إجازة حتى إشعار آخر”، بينما تؤكد الشرطة أن عناصرها ينتشرون للحؤول دون أعمال النهب.

وأعلنت سلطات ولاية النيل الأبيض، جنوب الخرطوم، وصول 70 الف نازح خلال الأيام الأخيرة إلى مخيمات أقامتها الولاية.

وعلى مدى الأيام الماضية، أجلت العديد من الدول الغربية والعربية رعاياها توازيا مع جهود دبلوماسية سعيا للحل.

وعقدت الجامعة العربية الإثنين اجتماعا على مستوى السفراء بناء على طلب مصر.

وكان الأحد شهد اجتماع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع موفد للبرهان، بينما تواصل الأخير هاتفيا مع نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وسيقوم الثلاثاء بزيارة إلى القاهرة.

وبحسب خبراء، تعد الإمارات أقرب الى دقلو الذي سبق لها أن دعمته.

ووفق مركز كارنيغي الشرق الأوسط للأبحاث “كلما تمكن دقلو من الحفاظ على مواقعه في الخرطوم، صار تأثيره أكبر على طاولة المفاوضات”.

وضع “خطير” في دارفور

وكان دقلو قائدا لميليشيات “الجنجويد” التي شكّلها البشير لدعم قواته في الحرب الدامية التي شهدها إقليم دارفور (غرب) اعتبارا من العام 2003، في مواجهة متمردين ينتمون إلى أقليات إثنية.

وتطوّرت هذه المجموعات لاحقا إلى قوات الدعم التي أنشئت رسميا في 2013.

وبحسب الأمم المتحدة، قتل زهاء 100 شخص منذ الإثنين الماضي في غرب دارفور حيث الوضع “خطير” وفق المنظمة الدولية.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة من أن “القبائل تسعى للتسلح” في المنطقة.

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت الى “وقف كل أعمالها تقريبا في غرب دارفور” بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.

 الصحة العالمية تحذّر من “كارثة بكل معنى الكلمة” في السودان

تحولت الأزمة الصحية التي كان السودان يعانيها الى “كارثة بكل معنى الكلمة” جراء تواصل المعارك منذ أكثر من أسبوعين، في ظل نقص العاملين والمستلزمات الطبية وانتشار الأوبئة، وفق ما أفاد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية وكالة فرانس برس.

وقال المدير الإقليمي لشرق المتوسط أحمد المنظري خلال حوار في مقره بالقاهرة “إنها كارثة بكل معنى الكلمة”.

وتعرضت المستشفيات والمراكز الصحية في السودان، أحد أفقر بلدان العالم، الى قصف متكرر واحتل بعضها مقاتلون من طرفي النزاع، أو باتت خالية من العاملين أو الأدوية والمستلزمات الطبية، بحسب ما قال مرارا الأطباء السودانيون منذ 15 نيسان/أبريل.

واندلعت يومها المعارك بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.

وأدت المعارك المتواصلة خصوصا في الخرطوم ودارفور (غرب) الى مقتل أكثر من 500 شخص وجرح قرابة خمسة آلاف، وفق أرقام لوزارة الصحة السودانية يرجح أنها أدنى بكثير من الحصيلة الفعلية.

وشهد السودان سلسلة من النزاعات على مدى الأعوام الماضية، وعانى حظرا دوليا على مدى عقدين من الزمن.

وأوضح المنظري أنه قبل المعارك الأخيرة “مرّ النظام الصحي في السودان كما هو معروف بسنوات من الأزمات المختلفة مما عرّضه للكثير من الهشاشة والضعف الحقيقي، ضعف بكل ما تعنيه الكلمة من حيث البنى التحتية، أي المستشفيات أو مراكز رعاية صحية أولية بمختلف مستوياتها في عموم السودان”.

وتابع “هناك فعلا نقص حقيقي في الكادر الطبي وخصوصا بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين، وخصوصا الكادر الطبي المتخصص على سبيل المثال في الجراحة والتخدير”.

 هجمات على المستشفيات 

حلّ هذا النقص في توقيت سيئ للغاية، بحسب المسؤول في المنظمة التابعة للأمم المتحدة، خصوصا وأن الملاريا الموجودة في البلاد قد تنتشر مع اقتراب موسم الأمطار، والكوليرا يمكن أن تتفشى بسبب نقص مياه الشرب.

وبسبب الهجمات المباشرة أحيانا، بات الوصول الى المستشفيات صعبا، وتوقف العديد منها عن العمل تماما.

وقال المنظري إنه “بلغة الأرقام … هناك ما يقارب من حوالي 61 بالمئة من المؤسسات الصحية العاملة في الخرطوم توقفت عن العمل بالإضافة الى الهجمات العسكرية المباشرة والاحتلال العسكري لهذه المؤسسات وطرد العاملين منها”.

وأشار إلى أن “23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها”.

وفيما تسوء الأزمة الإنسانية في السودان، علقت منظمات الأمم المتحدة أنشطتها في السودان بعد مقتل خمسة من موظفيها في الأيام الأولى للمعارك.

وأوقفت منظمة أطباء بلا حدود كل نشاطها تقريبا في دارفور بسبب أعمال العنف في هذا الإقليم الغربي الذي سبق أن شهد نزاعا داميا في بداية الألفية الثالثة أوقع 300 ألف قتيل وتسبّب بنزوح 2,5 مليون شخص.

وكان المجتمع الدولي قرر في العام 2021 ، بعد انقلاب البرهان ودقلو الذي أطاح المدنيين من السلطة، تعليق كل مساعداته للسودان البالغة ملياري دولار والتي كانت تشكل 40% من موازنة الدولة، ما أدى إلى انتشار الجوع.

في 2022، كانت أرقام الأمم المتحدة تدل على الوضع الصحي المتأزم.

فقد كان واحد من كل ثلاثة سودانيين يضطر للمشي أكثر من ساعة لبلوغ مركز صحي حيث كانت 70% من الأدوية الأساسية مفقودة.

 هجرة الأطباء

ووفق المنظري هناك كذلك “ما يقارب من4 ملايين امرأة مرضى أو حامل وطفل يعانون نقص تغذية حادا وبالأخص 50 ألف طفل يعانون من نقص حاد في التغذية يحتاجون إلى عناية على مدار الساعة، وللأسف هذا سوف يتوقف”.

وتشير منظمة الصحة الى أن 3 ملايين سيدة وفتاة تعرضوا لعنف جنسي وذكوري.

وبحسب الأمم المتحدة فإن الأطفال خصوصا كانوا ضحايا “معاناة نفسية” بسبب النزوح وانعدام الأمن والمعارك.

وأكد المنظري أن النظام الصحي في السودان كان يحتاج قبل المعارك “الى مئات الملايين من الدولارات”، وأن الأمم المتحدة كانت وجهت “نداء لدعم السودان في العام 2023 في الجانب الإنساني والذي يشمل الجانب الصحي، بما يقارب من 1،7 مليار دولار”.

ولكن “للأسف لم نتمكن من الحصول إلا على فقط ما يقارب 13% من هذه المساعدات” وفقا للمسؤول ذاته.

وفيما تعاني البلاد من نقص في كل شيء تقريبا، انضم العديد من الأطباء إلى عشرات الآلاف من السودانيين الذين يهاجرون هربا من الأوضاع المتردية.

وأجلت بريطانيا أخيرا أطباء سودانيين يعملون في مستشفيات حكومية بريطانية، وهو الاستثناء الوحيد لقرارها بإجلاء الرعايا البريطانيين فقط.

وأكد المنظري أن هناك حاليا “فرار للكثير من العقول العاملة والمدرّبة في النظام الصحي إلى خارج السودان”.

(وكالات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب