عربي دولي

تعهّد أميركي برفع العقوبات | دمشق – واشنطن: خطوة أولى على طريق التطبيع

تعهّد أميركي برفع العقوبات | دمشق – واشنطن: خطوة أولى على طريق التطبيع

بالتزامن مع الزيارة التي يجريها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى العاصمة السعودية، يسافر الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى الرياض اليوم للقاء ترامب، بعد أن حصل على موافقة الأخير على إجراء لقاء سريع معه على هامش القمة الخليجية – الأميركية، سيظلّله إعلان ساكن البيت الأبيض عزمه رفع العقوبات التي تفرضها بلاده على سوريا.

ويأتي اللقاء الذي جرى التحضير له منذ أكثر من شهر عبر وساطة من السعودية التي تحاول لعب دور بارز في الملف السوري، وضغط من اللوبي السوري في الولايات المتحدة والذي يتوسط من أجل تعويم حكومة الشرع، بعد جدل واسع في الأروقة السياسية على خلفية عدم التزام الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية بثمانية شروط حدّدها البيت الأبيض لبدء علاقات مع الإدارة الجديدة، والتي لا يزال يرفض الاعتراف بشرعيتها. وشكّلت قضية المقاتلين الأجانب العقدة الرئيسية في هذا الملف، بعدما ردّ الشرع بالموافقة على معظم الشروط الأميركية، وحاول المراوغة في ملف هؤلاء الذين يريد أن يمنحهم الجنسية السورية، وسط تعهدات بعدم تشكيلهم أي تهديد لجوار سوريا، بما في ذلك إسرائيل.

وفي سياق التغييرات التي يحاول اللوبي السوري في الولايات المتحدة إحداثها في الملف السوري، أعلنت السيناتور الأميركية، إليزابيث وارن، أنها تقود حملة مشتركة بين الحزبين «الديمقراطي» و»الجمهوري»، لدفع الإدارة الأميركية إلى رفع العقوبات عن هذا البلد. وفي تغريدة عبر منصة «أكس»، قالت إنه «من المفترض أن يكون الاستقرار في سوريا والمنطقة هدفاً لبلدنا»، مؤكّدة أن «عقوباتنا الشاملة التي عفا عليها الزمن تؤثّر سلباً على نظام الرعاية الصحية في سوريا»، وفق تعبيرها.

وفي محاولة لتمهيد الأرض للقاء أيضاً، سارعت حكومة الشرع إلى بدء محادثات مباشرة وغير مباشرة مع إسرائيل، بوساطة تخللتها تسريبات عن استعدادات الرئيس السوري الانتقالي لبناء علاقات مع تل أبيب، التي تحتل الجولان السوري، ومناطق واسعة قرب الشريط العازل، بما فيها قمة جبل الشيخ ومنابع المياه العذبة في ريف درعا. وإلى جانب ذلك، تحدّثت التسريبات عن تحضير ملف استثماري يمكن من خلاله إغراء ترامب، المعروف عنه حبه للصفقات، يتضمن منح الشركات الأميركية عقوداً استثمارية في ملف الطاقة (النفط والغاز)، وبناء برج يحمل اسم «برج ترامب» في دمشق، والضغط على الصين ومنعها من التوسع الاقتصادي في سوريا.

زار الشرع البحرين، حيث التقى الملك حمد بن عيسى، وأجرى معه مباحثات

كذلك، حاولت قطر تقديم مساعدة عاجلة عبر بدء عملية بحث سريعة عن رفات مواطنين أميركيين قُتلوا على يد تنظيم «داعش» – ويُعتقد بأن من بينهم عامل الإغاثة بيتر كاسيج -، في مقبرة جماعية في قرية دابق، في ريف حلب الشمالي. وبدوره، كشف رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عن مساعي الدوحة المستمرة لعقد تفاهم مع واشنطن حول سوريا.

وقال، في تصريحات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، إن بلاده التي قامت بتقديم طائرة رئاسية هدية لترامب، ستقوم بطرح الملف السوري باعتباره أولوية في مباحثاتها مع الرئيس الأميركي، الذي تشمل جولته الخليجية إلى جانب السعودية، كلاً من قطر والإمارات، التي تلعب أيضاً دوراً كبيراً في تعويم حكومة الشرع، إلى جانب دورها في الوساطة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي زيارة عاجلة استبقت وصول الرئيس الأميركي إلى الخليج، زار الشرع البحرين التي تربطها علاقات قوية أيضاً مع إسرائيل، حيث التقى الملك حمد بن عيسى، وأجرى معه مباحثات موسّعة، لم يتسرب عنها الكثير.

وقبيل وصول ترامب، شهد النشاط الدبلوماسي تكثيفاً كبيراً؛ إذ عقد وزير خارجية تركيا، التي تملك النفوذ الأكبر في الملف السوري وتتمتع بعلاقات وطيدة مع الرئيس الأميركي، حاقان فيدان، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، لقاءً مطوّلاً في أنقرة طغى عليه الجانب الأمني، في محاولة لتوحيد الجهود في هذا الملف، ضمن مساعي تركيا لتشكيل حلف تحت مسمى «محاربة الإرهاب». ويهدف اللقاء، بشكل أساسي، إلى زيادة الضغوط على إسرائيل التي ترفض أي تمدّد عسكري تركي على الأراضي السورية، فيما بدا لافتاً غياب العراق، الشريك الرابع في هذا التحالف الذي تقوده تركيا، عنه.

كذلك، تتابع تركيا محاولتها الضغط على الولايات المتحدة في سياق عملية تعويم حكومة الشرع، والتي تحظى بدعم كبير منها. وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية التركي إجراء اتصال مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، تناول العلاقات الثنائية وملفات إقليمية، بما فيها التطورات في سوريا وقطاع غزة وأوكرانيا. وبحسب بيان للخارجية التركية، فقد شدّد فيدان لنظيره الأميركي على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، كخطوة نحو «تحقيق استقرارها وازدهارها»، وفقاً لما نقلته وكالة «الأناضول».

وبعيداً عن اللقاء الذي يسعى الشرع لتحقيقه، يبدو أن الجهود السابقة الذكر تمكّنت من إقناع ترامب باتخاذ خطوة كبيرة على الطريق السوري، عبر الإعلان عن عزمه رفع العقوبات التي تفرضها بلاده على سوريا، وهي النقطة الأبرز التي يحاول الشرع وحلفاؤه الوصول إليها.

وفي تصريحات للرئيس الأميركي، أثناء كلمته في منتدى «الاستثمار السعودي الأميركي»، أعلن أن روبيو سيلتقي نظيره السوري في تركيا، في وقت لاحق هذا الأسبوع، مضيفاً أن «الأهم من ذلك، وبعد مناقشة الوضع في سوريا مع ولي العهد (محمد بن سلمان)، وكذلك مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي اتصل وطلب مني أمراً مشابهاً، سآمر برفع العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة لتحقيق مزيد من التقدّم والازدهار». ورأى أن «سوريا شهدت كثيراً من البؤس وهناك حكومة جديدة نأمل أن تنجح في تحقيق الاستقرار»، مضيفاً: «إننا قمنا بالخطوة الأولى لتطبيع العلاقات مع سوريا»، وفق تعبيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب