الصحافه

نتنياهو بدور المتفرج.. المال الخليجي سيترجم سياسياً ودمشق تنتظر “برج ترامب”

نتنياهو بدور المتفرج.. المال الخليجي سيترجم سياسياً ودمشق تنتظر “برج ترامب”

صفقات سلاح خيالية بقيمة نحو 142 مليار دولار، وطلب 30 طائرة بوينغ 737 في أثناء زيارة ترامب كبادرة طيبة للضيف المحترم، وطائرة رئاسية جديدة وحتى نمر عربي هدية على شرف الرئيس – هذه هي القائمة الجزئية، الاتفاقات والهدايا التي حصل عليها الرئيس الأمريكي في اليوم الأول لزيارته السياسية في الشرق الأوسط. القائمة الرائعة بالتأكيد ستتسع في سياق الحدث. ترامب، فنان الصفقات الكبرى، وصل إلى الشرق الأوسط لجباية المال وترك الأثر. حتى الآن، ينجح في المهمتين. من ينظر إلى الجانب، ويتابع دوت أن يشارك، هو نتنياهو.

ثمة شك بأن نتنياهو تفاجأ من دور إسرائيل في هذه المسرحية اللامعة، مثلما فوجئ كثيرون هنا سلباً. بخلاف المتفاجئين، يعرف نتنياهو بأن مصالح أمريكا وإسرائيل ليست كلها متطابقة. لكنه لا يروي هذا للجمهور الغفير خوفاً من المس بصورته كساحر لا ينهزم أمام الأمريكيين. ولهذا تفجرت هذه الصراحة في وجوه كثيرين في الأيام الأخيرة.

الحقيقة مؤلمة أحيانا. والحقيقة أن ترامب لم يهجرنا لسبب بسيط، لأنه لم يتمسك بنا قط. فمع أو بدون نتنياهو، لترامب مشاعر أساسية لإسرائيل، وهذا لم يتغير. أما موقفه الشخصي من نتنياهو فقصة أخرى؛ موقف تغير مقارنة بولاية ترامب الأولى، تغير سلباً. لكن النقطة الأهم في فهم الصورة الشاملة أن ترامب مخلص لنفسه ولأعماله التجارية، وهذا جوهر الرحلة إلى الخليج – أعمال تجارية. يؤمن ترامب بأن ما هو خير لتجارته، خير لتجارة أمريكا. هكذا ببساطة. هذه كل العقيدة بكاملها، على ساق واحدة.

نتنياهو يتكلم الإنجليزية اللامعة، لكنه لا يتحدث مع ترامب بلغته، لغة التجارة. وعليه، بدا هذا الأسبوع منقطع الصلة لضيف الشرف لدى زعماء دولة الخليج. نتنياهو لن ينافس زعماء السعودية أو قطر أو الإمارات في حجوم الصفقات بقيمة مليارات الدولارات.

كما أن نتنياهو لا يساعد ترامب في مجال المليارات، ولا في نوبل للسلام. صحيح أن السلام الدراماتيكي لم يبدأ هنا في زمن زيارة ترامب لكنه لا يتوقف عندنا. ليس له ما يكسبه. لا إيماءات طيبة مجانية، ونتنياهو غير مستعد لإعطائه مقابلاً مساويا. لا شيء شخصياً هنا، بل تجارة صرفة.

وهذا لا يعني أن الرئيس الأمريكي انقلب لدرجة أنه لا يلتقي رئيس وزراء إسرائيل، بل مستعد لمصالحة شخص آخر مثل الجولاني، زعيم سوريا الجديد. يريد الشرع أن يعرض على ترامب قدرة وصول إلى حقول النفط والغاز في سوريا، وامتيازات لبناء برج ترامب في دمشق. لهذا السبب، المقابل قادم. ترامب سيلتقي الجولاني، بل وسيرفع العقوبات عن سوريا. ومثلما قال، “سأعطي فرصة” للشاب الفهيم.

دور نتنياهو بصفته مشاهداً لن يتغير. إذا ما جاءت صفقة مخطوفين قوية للاقتراب من هجوم تحقيق السلام المنشود، فسنرى ترامب ينثر الثناء للصديق بيبي. صفقة جزئية ستكون مهمة لنا قبل أي شيء، لأن كل مخطوف يعود إلى الديار، عالم بكامله. وحسب “مقياس ترامب”، لم يكن هذا حدثاً بحجم إنهاء القتل ووقف نار دائم يمكن لترامب بفضله أن يعرض نفسه كمن يحل السلام.

وعليه، تتابع إسرائيل عن كثب حقنة المليارات لدى الجيران وتركز على التقديرات لسياق الطريق. أما في إطار العلاقات الأمريكية مع دول الخليج، فالمال ليس مالاً فقط، بل أكثر بكثير. الارتباط التجاري معناه أيضاً ارتباط شخصي وارتباط سياسي. كيف سيعبر هذا عن نفسه؟ سنرى قريباً.

آنا برسكي

معاريف 14/5/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب