عربي دولي

الخليج يخاصم السيسي: الخلاف حول غزّة يكبر

الخليج يخاصم السيسي: الخلاف حول غزّة يكبر

القاهرة | على رغم علم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بمستوى التمثيل المنخفض في القمة العربية التي عُقدت في بغداد، أول أمس، لكنّه ظلّ مصرّاً على ترؤّس وفد بلاده، في خطوة عكست حجم الفجوة بينه وبين قادة دول الخليج، حول كيفية معالجة الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولم يبادر السيسي، إلى الآن، إلى إعلان رفضه توجّهات الرياض وأبو ظبي، في هذا الخصوص، وما يقال إنه تنسيق تجريانه مع واشنطن وتل أبيب، وذلك بسبب اعتماد القاهرة شبه الكامل على الدعم الخليجي، فضلاً عن سياسة عدم الصدام التي يتّبعها الرئيس المصري.

ويبدو أن السيسي تحوّل من صديق مقرّب لكلّ من وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، إلى مصدر إزعاج للرجلَين، اللذين قرّرا وقف كل أشكال الدعم الاقتصادي لمصر، بعدما كان متوقّعاً دخول بعضها قريباً حيّز التنفيذ؛ علماً أن الدعم الخليجي لهذا البلد بلغ ذروته، العام الماضي، حين قرّرت الإمارات الاستثمار في منطقة رأس الحكمة، بمبلغ 36 مليار دولار جرى ضخّها في الاقتصاد المصري لإنقاذه من التعثّر. ويَظهر ممّا تقدّم، أن الخلافات بين الجانبين هي الأكبر، منذ وصول السيسي إلى السلطة، إلى درجة أن الترتيبات التي كانت جارية لمشاركة الرئيس المصري وملك الأردن، في القمة الخليجية – الأميركية، أُلغيت من دون اعتذار أو توضيح، فيما جاءت التوجهات الإعلامية في مصر، لتقلّل من شأن ما حدث.

ويبدو التباين بين القاهرة والعواصم الخليجية، باستثناء الدوحة، واضحاً، فيما لم يَعُد الموقف المصري في شأن رفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة قرار السيسي فحسب، بل قرار المؤسسة العسكرية التي لا يستطيع الرئيس تجاوزها، وهو ما يضعه في مأزق مع حلفائه الخليجيين، كما في مواجهة مع الإدارة الأميركية. وعلى رغم أن زيارة السيسي إلى البيت الأبيض، والتي كان يُفترض إجراؤها بعد زيارة ملك الأردن، عبدالله الثاني، قبل أشهر قليلة، ألغيت، بسبب خشية القاهرة من أيّ إحراج قد يتسبّب به ترامب للجنرال المصري، إلا أن قنوات التواصل بين البلدين لم تتعطّل، خصوصاً بالنسبة إلى مسألة مسارات التسوية المرتبطة بالوضع في قطاع غزة.

وفي هذا الإطار، استقبل السيسي في القاهرة، أمس، مستشار ترامب للشؤون العربية والشرق أوسطية والأفريقية، مسعد بولس، في لقاء اتّسم بالجدّية، مع حضور رئيس المخابرات العامة حسن رشاد. لكنّ الزيارة لم تحمل أيّ دلالات جوهرية على وجود انفراجة في غزة، خصوصاً مع نقل المفاوضات بشكل شبه كامل إلى الدوحة، الأمر الذي لم يكن ليزعج القاهرة سابقاً، لكنه بدأ يثير تساؤلات حول عدم رغبة الإسرائيليين في القدوم إلى مصر.

وحتى الجزائر التي كان السيسي يعوّل عليها لإظهار موقف داعم لخطواته السياسية، لم تستجب لزيارة وزير خارجيته، قبل أسابيع قليلة، من أجل التنسيق المشترك والتحرّك بصورة أكثر فعالية، بعدما اشتكت من التهميش لمصلحة دول الخليج. ومع أن الجنرال يكتسب جرّاء مواقفه تلك، شعبية داخل مصر، لكنه بدأ في المقابل يفقد جزءاً من مكانته الإقليمية، حتى بينما يسعى إلى الاستقواء بالأوروبيين، ولا سيما فرنسا وبريطانيا، التي قد يضطرّ، إرضاءً لهما، إلى الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح الذي يحمل الجنسية الإنكليزية.

ويستشعر السيسي ونظامه، خطراً من جرّاء التقارب الخليجي – الأميركي بهذه الصورة، كونه يعتقد بأنه سيضرّ بالأمن القومي المصري والعربي، ليس فحسب بسبب مسارات التطبيع، ولكن أيضاً على خلفية محاولات تحييد سوريا وجعْلها دولة غير مسلحة في مقابل الاعتراف بشرعية قيادتها، إلى جانب العمل على تعزيز الانقسام الفلسطيني، وهي أمور ستضع مصر في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب