فلسطينكتب

«دراما» المفاوضات لا تنتج حلاً: إسرائيل تبدأ عدواناً جديداً على غزّة

«دراما» المفاوضات لا تنتج حلاً: إسرائيل تبدأ عدواناً جديداً على غزّة

 

بتبادل أدوار مكشوف، تواصل الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل أداء مسرحية تفاوضية في الدوحة منذ أيام، من دون أن يسفر ذلك عن أي اختراق جدّي حتى مساء أمس. وفيما يكرّر المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون التصريحات بشأن «إعطاء فرصة للمفاوضات» والتوصّل إلى اتفاق، تتكفّل «المصادر الإسرائيلية الرفيعة» بإيصال الموقف الحقيقي عبر وسائل الإعلام العبرية، وهو أن أي اتفاق ينتهي بوقف الحرب في غزة مرفوض من جانب تل أبيب، في ظلّ غياب أي مؤشرات إلى ضغوط أميركية جدية على إسرائيل لتغيير هذا الموقف.

ولا يكاد يتجاوز السقف المقبول بالنسبة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار يتضمّن إطلاق لنصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء على الأقل، يعقبه استئناف عمليات القتل والتدمير. وفي المقابل، تتمسّك حركة «حماس» بموقفها الداعي إلى اتفاق يضمن وقفاً دائماً للحرب وانسحاب قوات الاحتلال من كامل قطاع غزة، مدفوعة بما تملكه من أوراق تفاوضية، خصوصاً ملف الأسرى الإسرائيليين الأحياء. وعلى هذا الأساس، أعاد المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، طرح مقترح «معدّل» يعتقد الأميركيون بأنه قد يكون مقبولاً لدى «حماس»، وينصّ على التزام واشنطن برعاية مفاوضات جادّة حول إنهاء الحرب خلال فترة الهدنة المؤقتة.

وفي غضون ذلك، واصلت آلة الحرب الإسرائيلية تصعيد عمليات القتل والتهجير، من خلال موجات قصف هي الأعنف منذ شهور، أسفرت عن مئات الشهداء المدنيين. وأعلن جيش الاحتلال أن هذه العمليات تأتي تمهيداً لمناورة عسكرية برية جديدة، أُطلق عليها اسم «عربات جدعون». وخرج نتنياهو مساء أمس ليعلن انطلاق العملية، محدداً هدفين رئيسييْن لها: «القضاء على حماس وتحرير الأسرى»، معتبراً أن الهدفين مترابطان، ومجدّداً تصميمه على تحقيق «النصر في غزة، بما في ذلك تحرير جميع الأسرى». كما دعا إلى وقف الحديث عن استحالة الانتصار، في رسالة مباشرة إلى من يشكّكون في إمكانية حسم المعركة ميدانياً، وتحرير الأسرى.

من جهته، أشار قائد هيئة أركان جيش الاحتلال، إيال زمير، إلى أن العمليات العسكرية تهدف إلى «إعادة المختطفين والقضاء على حماس»، مؤكداً أن الجيش سيوفّر «المرونة المطلوبة» لصالح المستوى السياسي في حال التوصّل إلى صفقة، لكنه شدّد على أن ذلك «لا يعني وقف الحرب، بل تحقيق أحد أهدافها بطريقة تفاوضية».

العرض الأميركي يسعى لإقناع «حماس» بصفقة جزئية تؤسّس لإنهاء الحرب لاحقاً

وبحسب قناة «كان» العبرية، فإن تل أبيب أبلغت واشنطن مسبقاً بنيّتها توسيع الهجوم البري، «من دون أن يصدر أي اعتراض أميركي حتى الآن». وأشارت إلى أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر (الكابينت) ناقش أمس إدخال المساعدات الإنسانية، تزامناً مع وصول موظفي شركات أميركية خاصة إلى تل أبيب، تمهيداً لبدء عملهم في غزة اعتباراً من السبت المقبل. وفي هذا الإطار، من المتوقّع أن يعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال أيام، عن إتمام «وعده» بإدخال المساعدات إلى القطاع عبر الآلية المذكورة، ويسوّقه كإنجاز في سياق تعامل إدارته مع الحرب الإسرائيلية المستمرة هناك.

وفي ما يتعلّق بمفاوضات الدوحة، لا تزال المحادثات مستمرّة من دون تحقيق أي اختراق حتى ليل أمس، فيما كشفت وسائل الإعلام العبرية عن أن المقترح المطروح حالياً يتضمّن البنود التالية:
– الإفراج عن 10 محتجزين أحياء.
– تسليم جثث نصف الأسرى الأموات.
– إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين.
استئناف فوري للمساعدات الإنسانية بإشراف الأمم المتحدة.
– انسحاب إسرائيلي من المناطق التي احتلّتها تل أبيب في عملية «العزة والسيف» (بعد تاريخ 18 آذار/ مارس)، مع بقاء القوات في محوري فيلادلفيا ونتساريم.
– وقف إطلاق نار لمدة 45 إلى 60 يوماً، تُستأنف خلالها المفاوضات بشأن إنهاء الحرب.

أما «القناة 12» العبرية فأوضحت أن تلك المفاوضات ستُجرى بضمانات دولية، من دون أي التزام إسرائيلي مسبق بإنهاء الحرب، بينما أكّد مراسل «القناة 13» أن «حماس» سبق أن رفضت هذا العرض مرّتين، في 18 آذار/ مارس الماضي، ومجدّداً في منتصف نيسان/أبريل، إلا أن التعديل الأخير المتعلّق بمناقشة إنهاء الحرب خلال فترة التهدئة وبضمانة أميركية، «قد يغيّر موقف الحركة»». ووفقاً لمراسل موقع «أكسيوس»، باراك رافيد، يسعى الأميركيون عبر هذه الصياغة إلى طمأنة «حماس» بعدم تكرار ما حدث في آذار/ مارس، حين أنهى نتنياهو وقف إطلاق النار من جانب واحد.

من جهتها، ذكرت قناة «كان» أن الوفد الإسرائيلي قد يعود إلى تل أبيب خلال 24 ساعة في حال لم يحدث اختراق حقيقي، في حين كشفت مصادر مطّلعة، بحسب رافيد، أن «نتنياهو قدّم رداً إيجابياً مشروطاً»، ولم تعطِ «حماس» موافقة نهائية بعد، كونها تطالب بضمانات واضحة بأن «التهدئة المؤقتة يمكن أن تتحوّل إلى وقف دائم للحرب». وأشار رافيد إلى أن المفاوضات الحقيقية لا تجري حالياً في الدوحة (فقط)، بل عبر قنوات خلفية يديرها رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، الذي أدّى دوراً محورياً في إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر الأسبوع الماضي، مضيفاً أنه «إذا تمّ الاتفاق على المبادئ العامة، فستنتقل المفاوضات مجدّداً إلى الدوحة لبحث التفاصيل».

وطبقاً لمصادر عبرية أخرى، فإن شرط نتنياهو يتمثّل بعدم تقديم أي التزام بإنهاء الحرب، في نهاية المفاوضات التي ستجري خلال وقف إطلاق النار. وهو ما يؤشّر إلى نيّة رئيس حكومة الاحتلال معاودة ممارسة ألاعيبه المعروفة في المراوغة والتهرّب من الالتزامات والانقلاب على الاتفاقات. وفي المقابل، نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية، عن مصادر في «حماس»، قولها إن الحركة أبدت استعداداً لقبول مقترح ويتكوف الأخير، رغم أنه مشابه في جوهره لما رُفض سابقاً، وذلك نتيجة التعديلات التي أُدخلت عليه والضمانات الأميركية المرفقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب