كتب

المواطنة والديمقراطية الثنائي الحاضر الغائب في الحيآة العربية بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -

المواطنة والديمقراطية الثنائي الحاضر الغائب في الحيآة العربية
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
لن تعود هذه المقاربة للغة العربية ومراجعها،ولا إلى ما تداولته العلوم الاجتماعية من شرح وتفسير وتأويل لهذا الثنائي الذي نبحث عن حضوره وتواجده في حياتنا اليومية العربية،وإنما سنأخذهما،كما يقول عنهما الشارع العربي،بل قل في ثقافته الشعبيّة الشفاهية،وسؤاله-الهتاف الذي يسأله يومياً،ويقوله في أحاديثه وفي جلساته،وخلال واقعاته البنائية داخل البناء الاجتماعي العربي،في مستوياته الجهوية والوطنية والعربية.
وأنت في مقهى،وفي جلسات الحارة،والطريق إلى لقمة العيش والعمل،والطالب والأستاذ في طريقه إلى المدرسة،والموظف وهو يهم نحو وظيفته،والبستاني الفلاح في حقله وبستانه،والعامل وهو يزاول مهنته،تسمع مرة كلمة المواطنة،ومرة إخرى الديمقراطية،أو بعفويته الحاضرة في ذاته،حضوراً مبالغا فيه
بحكم مشاغل الحياة العربية وهمومها وتحدياتها،وسؤال المستقبل الذي يشكل هاجسه اليومي.
وتقول المواطنة على لسان كل هؤلاء بأنها الشعور بالأمان،و الأخوة،والجيرة،وما أوصت به قيمه عن قيمة الجار والجيرة،والعيش النشترك،والعيش والملحالذي يشكل في حياة الناس وعداً بالوفاء وصدق الكلمة والعيش الحلال،هي حريتي وحريتك بالتساوي والعدل الاجتماعي،وحقوقي وحقوقك،وواجباتي وواجباتك،ومالك وماعليك،بالتساوي لافضل لهذا على ذاك،لأنّ الفضل في الثقافة العربية الشعبية الشفاهية والمكتوبة واجب،لافضل لك فيه،إلا إنسانيتك وقناعاتك المنبثقة من قيمك الأخلاقية والدينية.
إذن؛المواطنة هي الأمان المتبادل والمتعرف بين الناس ،بين أفراد العائلة والجار والجار ،والصديق والصديق،وابن الحارة والعمل والدراسة،وهي بهذه الحالة السلم الأهلى والمحبة المجتمعية،والتعاون الخلاق بين أبناء الوطن الواحد.
أما الديمقراطية في وعي الشارع العربي،وتداوله بمعانيها،أن تعطيني وأعطيك حقك،وأن لاتغلبني وأغلبك،وأن تناقشني وأناقشك في الشأن المشترك،وأن ننحي الظلم جانباً،الديمقراطية في عرف الشارع العربي هي المواطنة في كل تجلياتها،وخاصة حق الناس،في حين المعاملة،لاتغالبني ولا أغالبك،نتعرف على الحقوق والواجبات،وأن أخطات تنبهني بالنوتة الشعبية والمحبة،والتعاون لدفع الظلم والقضاء على أسبابه،وأن نبعد استعمال القوة والنخوة العائلية والجهوية والطائفية،بيني وبينك،فالوطن الذي يجمعنا وطن الجميع بين الحاكم والمحكوم،والغني والفقير وذوي الجاه والعامة من الناس،الديمقراطية أن للتعادي على حريتي ولاتكلفني بدفع
ثمن الأخطاء التي قمت بها،وحقي وحق أبناء وطني أن نمنعك عن الظلم والفساد ونهب أموال الناس،إذن الديمقراطية هي الحالات الاجتماعية الفردية والمجتمعية التي توقف القوي عن استعمال قوته ضد أبناء جلدته،وأن تمنع الغني من استعمال غناه في ظلم قريبه وحاره وابن حية.ومنع الحاكم من التصرف بأمن الوطن وثرواتهوأمن الاجتماعي،وأن يكون القضاء المشترك في بلوغ العدالة الاجتماعية،هي مؤسسات مدنية
يبنيها أبناء المجتمع ليعودوا إليها في خل خلافتهم،وهي القوة المجتمعية التي تجعل الحكم سوياً لكل الناس،الديمقراطية هي قيمتي وقيمتك،ومكانتك ومكانتي وما ينهما من مشتركات ثقافية،هي العمل الاجتماعي والسياسي الذي يضمن للمواطن حقه،وتظل الحرية الوسام الذي يقلده المجتمع لكل أبنائه،فقد ولدنا أحراراً وبالفطرة،وثقافة المحبة المجتمعية هي البرهان في وجودها على أن أبناء الوطن يعيشون الحرية المجتمعية بكل ما ملكت من أخوة في المواطنة والعيش المشترك،والتلاقي بين أبناء الوطن في سوية واحدة،وفي هذه السوية يأتي الحاكم بالاختيار والنفع العام، ويعد له المجتمع بالتراضي مجموعة من المحددات البنائية،التي تشكل خطوط حمر يتوقف أمامها،حاملاً مسؤولياته بأمانة وإخلاص، وشعوراً بالمسؤولية الوطنية.
وبعد كل ما قالته المقاربة عن معنى المواطنة والديمقراطية في الثقافة العربية الشعبية والشفاهية،تسأل أين حالنا من هذه المعاني،بل أين واحد من هذه المعاني التي تلخصها بحرية المواطن العربي،وأين كرامته المباحة بفعل فاعل إسمهًالحاكم العربي؟
إذن؛ وإذا سألت شعبياً أين حقوق الإنسان في الوطن العربي،يقول لك الثنائي،المواطنة والديمقراطية بأنهما الخاص الغائب في الحياة العربية.
د-عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب