عربي دولي

مفاوضات «اللاأفق» في الدوحة: إسرائيل تريد تأبيد الحرب

مفاوضات «اللاأفق» في الدوحة: إسرائيل تريد تأبيد الحرب

مع استمرار المفاوضات في العاصمة القطرية، ولو بالحدّ الأدنى شكلياً، وتمديد بقاء الوفد الإسرائيلي هناك، لا توحي الأجواء المحيطة بهذه المحادثات بإمكانية تحقيق أي اختراق جدّي في جدار التعنّت الإسرائيلي، والمستند إلى رفض الالتزام بإنهاء الحرب بانتهاء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق المُفترض. وفي المقابل، تصرّ حركة «حماس» على الحصول على ضمانات «جدّية» بأن تفضي المفاوضات إلى وقف دائم للعدوان، مطالِبةً بأن تتولّى إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تقديم تلك الضمانات مباشرة.

وعلى الرغم من التصعيد الإسرائيلي الكبير على الأرض، والمتجلّي في عمليات قتل وتهجير ممنهجة للمدنيين في قطاع غزة، فإنّ المقاومة لم ترضخ لشروط العدو، وأظهرت تمسّكاً واضحاً بمطالبها، فيما لا يزال مقترح المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، الجديد والمعدّل، عالقاً بين مطالبة «حماس» بالضمانات، وشروط رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي يقبل المرحلة الأولى من الاتفاق، لكنه لا يلتزم بإنهاء الحرب في المرحلة الثانية منه.

وفي هذا السياق، أفادت «هيئة البث الإسرائيلية» بأن نتنياهو قرّر إبقاء الوفد الإسرائيلي في الدوحة ليوم إضافي، في محاولة لعدم إظهار تجاهل للموقف الأميركي، ما دام وفد حركة «حماس» لا يزال حاضراً في الدوحة. ونقلت «الهيئة» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن القرار اتُّخذ «حتى لا تتم الإساءة إلى الأميركيين إعلامياً، طالما بقي وفد حماس هناك».

وبدورها، ذكرت قناة «i24 NEWS» العبرية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن «بقاء الوفد في قطر لا يعني تحقيق تقدّم»، بل إنّه إجراء مؤقّت في انتظار ردّ «حماس» على المقترح الذي يستند إلى خطة ويتكوف. وأضاف أحد المصادر أنّ «أحد أبرز العوائق هو إصرار حماس على الحصول على ضمانات قوية بشأن ما سيحدث خلال الشهرين أو الأشهر الستة التالية للاتفاق»، موضحاً أن «الحركة تطالب واشنطن بمنع تل أبيب من استئناف القتال، وهو ما ترفضه الأخيرة بشكل قاطع».

أما القناة «12» العبرية، فقد نقلت عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن «الصفقة تبتعد شيئاً فشيئاً»، كاشفاً أن «حماس» رفضت العرض الإسرائيلي الأخير، في حين كتبت الصحافية ليليخ شوڤال في صحيفة «إسرائيل هيوم» أنّ «الاتصالات تقترب من حافة الانهيار»، لافتة إلى أن «إسرائيل تدرس سحب وفدها من الدوحة خلال الأيام القليلة المقبلة».

المفاوضات تراوِح مكانها تحت وطأة التوسّع العسكري الإسرائيلي

وعلى المقلب الأميركي، وجّهت صحيفة «واشنطن بوست» انتقادات حادّة إلى نتنياهو، ناقلةً عن مصدر أميركي مطّلع إشارته إلى أن نتنياهو حاول الترويج داخل «الكابينت» لمسألة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بوصفها «مسألة شكلية»، في حين أن الحقيقة هي أن «الضغوط ازدادت من جانب إدارة ترامب، والتي حذّرت تل أبيب من الاستمرار في التصعيد العسكري»، وسط مؤشرات إلى اقتراب الحرب من «نقطة اللاعودة». ووفق الصحيفة، فإن مقرّبين من ترامب أبلغوا الحكومة الإسرائيلية بوضوح بأنّ «واشنطن قد تتخلّى عنكم إذا لم توقفوا الحرب».

ورأت أن نتنياهو يمتلك سبيلاً لإنهاء الحرب داخل إسرائيل وعبر «الكنيست»، لكنه يفتقر إلى «الإرادة السياسية». وأشارت عدة تقارير صحافية عبرية، إلى معلومات عن أن مسؤولين في إدارة ترامب، أبلغوا الحكومة الإسرائيلية، بأن «واشنطن قد تتخلّى عن إسرائيل في حال لم تنته الحرب»، فيما أشارت هذه التقارير إلى أن الضغوط الأميركية على نتنياهو، تتزايد بشكل «دراماتيكي».

من جهته، دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، حكومة نتنياهو إلى الرحيل، محذّراً من الانزلاق في «مستنقع غزة». وقال لابيد: «نريد أن نعرف ما الذي تخطّط له الحكومة، وهل سيُقتَل جنودنا يومياً في القطاع لسنوات؟». وأضاف أنّ الاستمرار في هذه السياسة سيكون «خطأً استراتيجياً».

وفي سياق متصل، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي أنّ نائب الرئيس ترامب، جيه دي ڤانس، كان يعتزم التوجّه إلى إسرائيل، لكنه «عدَل عن الزيارة في اللحظة الأخيرة بسبب اتساع نطاق العمليات العسكرية في غزة». وأوضح المصدر أنّ «القرار لا يعود إلى أسباب لوجستية، بل إلى قلق من تفسير الزيارة على أنها دعم أميركي للعملية العسكرية». كذلك، أورد موقع «واللا» العبري، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع، أن فريق نائب الرئيس الأميركي كان يعتقد، حتى يوم السبت، بـ«إمكانية التوصّل إلى صفقة قريبة، لكنّ الأحداث المتلاحقة والتوسّع في العمليات دفعاه إلى تغيير تقديراته والتراجع عن الزيارة، بسبب غياب التقدّم الملموس في المفاوضات».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب