واشنطن – طهران: بغداد أيضاً على خطّ الوساطة

واشنطن – طهران: بغداد أيضاً على خطّ الوساطة
بغداد | كشف مصدر في وزارة الخارجية العراقية أن زيارة وزير الخارجية، فؤاد حسين، الأخيرة إلى طهران، لم تكن فقط لبحث العلاقات الثنائية، بل تخلّلتها مناقشات جدية حول مبادرة عراقية تهدف إلى جمع الجانبين الأميركي والإيراني في مسار تفاوضي مباشر أو غير مباشر حول الكثير من القضايا العالقة بين الجانبين.
وقال المصدر الدبلوماسي، لـ»الأخبار»، إن «الجانب الإيراني أبدى انفتاحاً مبدئياً على الفكرة، شرط أن تتوافر بيئة دولية مساعدة وإشارات جدّية من واشنطن بشأن رفع الضغوط الاقتصادية وإعادة التفاوض على أسس جديدة». وفي ما يخص واشنطن، أكّد المصدر أن «الإدارة الأميركية تتحفّظ في العلن، لكنها تتابع بهدوء القنوات الخلفية التي تديرها بغداد، خاصة في ظل الثقة النسبية التي يحظى بها العراق لدى الطرفين».
وتأتي هذه التحركات في سياق سياسة خارجية تتبنّاها الحكومة العراقية منذ تولي محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء، تقوم على تحويل العراق من ساحة صراع إلى منصّة حوار. وتسعى بغداد، التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع واشنطن، وشراكة إقليمية مع طهران، لاستثمار هذا الموقع الفريد للعب دور الوسيط، ولا سيما في ظل تعقّد الملفات العالقة بين الجانبين وغياب قنوات التفاوض الرسمية بينهما.
وفي هذا السياق، أكّد وزير الخارجية، خلال زيارته إلى طهران، الإثنين الماضي، دعم بغداد للمسار الدبلوماسي بين طهران وواشنطن في المفاوضات النووية. وذكر بيان للوزارة أن حسين الذي التقى نظيره الإيراني، عباس عراقجي، على هامش مشاركته في «منتدى حوار طهران»، وصف المسار الدبلوماسي بين طهران وواشنطن في المفاوضات النووية بأنه «حيوي لتحقيق الاستقرار في المنطقة»، لافتاً إلى أنه ناقش هذا الملف خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، حيث شدّد على ضرورة توصل المفاوضات إلى نتائج عملية ملموسة تخدم مصالح شعوب المنطقة.
وتعليقاً على ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية العراقي، محمد الساعدي، أن «المبادرة العراقية، إن تأكدت، تمثّل تحوّلاً نوعياً في موقع العراق الإقليمي، ولا سيما بعد نجاح العراق النسبي في تقريب وجهات النظر بين أطراف عربية وإقليمية متصارعة في السنوات الماضية».
ويشير الساعدي، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «العراق يمتلك اليوم عناصر وساطة لا تتوافر لدول أخرى، منها علاقاته المفتوحة مع الجانبين، والقدرة على التحرّك عبر قنوات غير رسمية، وهو ما يجعله مؤهلاً للعب هذا الدور، شرط أن يتوافر غطاء دولي ومرونة سياسية لدى الأطراف المعنية».
وحول فرص النجاح، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بأن «المبادرة قد لا تُفضي إلى اتفاق فوري وحاسم، لكنها قد تُسهم في خفض مستوى التصعيد، وخلق مساحة آمنة للتفاوض مستقبلاً، وهي بحد ذاتها إنجاز دبلوماسي في ظرف إقليمي شديد التعقيد»، لافتاً إلى أن «العراق، من جهته، لا يملك مفتاح الحل، لكنه يحاول فتح أبواب التفاهم، انطلاقاً من قناعة بأن استقرار المنطقة يبدأ من كبح المواجهة بين واشنطن وطهران، وأن الدور الدبلوماسي لا يقلّ أهمية عن الأدوار الأمنية والاقتصادية».