الصحافه

لوموند: تطهير عرقي في غزة تم تمويهه بوقاحة على أنه “خطة هجرة طوعية”.. ويجب وضع حدّ لإسرائيل

لوموند: تطهير عرقي في غزة تم تمويهه بوقاحة على أنه “خطة هجرة طوعية”.. ويجب وضع حدّ لإسرائيل

باريس- قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، في افتتاحية لها، إنَّ من الضروري أن يُقال بوضوح إن ما يجري في غزة أمر غير مقبول، لكن لا بد أن يترافق هذا مع الإقرار بأن العديد من حلفاء إسرائيل لم يعودوا يشتركون في شيء مع ائتلاف بنيامين نتنياهو الحكومي، الذي اختار انحرافًا يضع السلطات الإسرائيلية خارج صفوف الدول التي تحترم حقوق الإنسان.

لوموند: زمن التضامن غير المشروط قد ولّى. وآن الأوان لمعارضة حازمة ومعلنة لمشروع الائتلاف الحكومي الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل

وأضافت الصحيفة الفرنسية القول، في هذه الافتتاحية، التي اختارت لها عنوان “يجب وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب بعد الآن”، إن تراكم التصريحات التحريضية ينتهي دائمًا بتحديد سياسة ما، معتبرة أن السلطات الإسرائيلية، وعلى رأسها رئيس الوزراء، تختار انحرافًا يضعها خارج إطار الدول التي تحترم حقوق الإنسان، من خلال وعده بـ”تدمير” غزة، وتأكيده أن لا شيء سيوقف الحرب، وأن “كل قوة” الجيش الإسرائيلي ستُستخدم لهذا الغرض، والإعلان عن هدف “إفراغ” غزة من سكانها، ورحيل نصف الفلسطينيين من أرض تم جعلها عمدًا، وبشكل ممنهج، غير صالحة للعيش.
وليس الأمر مجرد أقوال- تتابع صحيفة “لوموند”- موضّحة أن هناك استخدامًا معلنًا لسلاح التجويع؛ واستئنافًا أحادي الجانب، بحجة القضاء على حركة “حماس”، لمجازر بحق المدنيين الفلسطينيين تحت القنابل التي تزودها الولايات المتحدة. وقد قُتل آلاف الأطفال، أو شُلّوا، أو حُرموا من الرعاية الأساسية، كما عادت عمليات التهجير الجماعي للسكان إلى مناطق تُعرض زيفًا على أنها آمنة: كل هذه الوقائع، إلى جانب التصريحات، لا تؤدي إلا إلى تعزيز احتمال تصنيف ما يجري في نهاية المطاف على أنه إبادة جماعية من قبل العدالة الدولية، الجهة الوحيدة المخولة قانونًا بذلك.

أما التعديلات الشكلية التي يقوم بها بنيامين نتنياهو لأغراض العلاقات العامة فلن تُغيّر شيئًا، تقول صحيفة “لوموند” في هذه الافتتاحية.

فعشرات المنظمات غير الحكومية والدولية أطلقت تحذيراتها مرارًا، لكن دون جدوى حتى الآن. ومن دون الحاجة إلى انتظار المزيد، فإن مشروع التطهير العرقي في غزة، الذي تم تمويهه بوقاحة على أنه “خطة هجرة طوعية” من قبل السلطات الإسرائيلية، ينبغي أن يدفع العديد من الدول إلى استخلاص الاستنتاجات اللازمة، تقول صحيفة “لوموند” دائمًا.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن زمن التضامن غير المشروط مع دولة تعرضت لهجوم إرهابي في 7 أكتوبر قد ولّى. وآن الأوان لمعارضة حازمة ومعلنة لمشروع الائتلاف الحكومي الأكثر تطرفًا في تاريخ دولة إسرائيل، تشدد صحيفة “لوموند”، مضيفة القول إن هذا المشروع هو مشروع “إسرائيل الكبرى، من النهر إلى البحر”، وهو يدفن نهائيًا حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

كل شيء يسير في هذا الاتجاه: الخطط المرسومة لغزة كما للضفة الغربية المحتلة، التي تُسلّم للعنف المستشري من قبل المستوطنين الإسرائيليين تحت حماية جيش فقد جزءًا كبيرًا من القيم التي كان يتفاخر بها.

والسيطرة الكاملة على تسجيل الأراضي في غالبية مناطق الضفة الغربية، التي استحوذت عليها إسرائيل مؤخرًا، هي مؤشر إضافي على نية الضم، تتابع صحيفة “لوموند”.
وقالت الصحيفة إن ائتلاف بنيامين نتنياهو لا يتخفى، بل العكس تمامًا. ومع ذلك، فقد استفاد حتى الآن من تساهل وتواطؤ لم يعد من الممكن وصفهما إلا بالتواطؤ الفعلي. ففي مواجهة هذه الجرافة السياسية، كانت ردة الفعل العامة عبارة عن سلبية مطلقة، وخصوصًا من أولئك الذين يدّعون الدفاع عن مشروع دولة فلسطينية، بينما تختفي الأراضي التي من المفترض أن تقوم عليها هذه الدولة أمام أعينهم.

لوموند: المعسكر الفلسطيني بعيد كل البعد عن أن يكون فوق النقد. لكن هذا المعسكر أُضعف عمدًا إلى درجة لم يعد معها قادرًا على التأثير في مجرى الأحداث

كما اعتبرت صحيفة “لوموند” أن مسؤولية “حماس” في الكارثة الجارية كانت وما تزال كبيرة، والمعسكر الفلسطيني بعيد كل البعد عن أن يكون فوق النقد. لكن هذا المعسكر أُضعف عمدًا إلى درجة لم يعد معها قادرًا على التأثير في مجرى الأحداث. ومن الضروري أن يُقال بوضوح إن ما يجري في غزة أمر غير مقبول، و”عار”، حسب تعبير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ولكن هذه الخطوة لا معنى لها، إلا إذا اقترنت بالاعتراف بأن العديد من حلفاء إسرائيل لم يعودوا يشاركون الائتلاف الذي يقوده بنيامين نتنياهو في أي شيء، وبالتالي، لا يمكن لهذا الأخير أن يستمر في التمتع بأي شكل من أشكال الإفلات من العقاب، تُشدد الصحيفة.
وتتابع صحيفة “لوموند” القول إن التهديد بـ”إجراءات ملموسة” الذي أُشير إليه في 19 من شهر مايو الجاري من قبل كندا وفرنسا والمملكة المتحدة، في بيان مشترك، هو خطوة أولى. ويجب الآن طرح مسألة العقوبات، وكذلك مسألة تعليق اتفاق الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، الذي تنص مادته الثانية على أنه قائم على “احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية”، والذي من المقرر أن يُعاد النظر فيه.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية، في نهاية هذه الافتتاحية، أنه لإنهاء المأساة الإنسانية الجارية، وإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني، وكذلك حماية الدولة العبرية من نفسها، يجب أن يكون للانحراف الذي اختارته السلطات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية ثمن، ويجب أن يكون هذا الثمن باهظًا.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب