أين المجتمع الدولي من حماية المدنيين الفلسطينيين؟؟؟؟

أين المجتمع الدولي من حماية المدنيين الفلسطينيين؟؟؟؟
بقلم رئيس التحرير
أسبوع حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة حيث يُخصص هذا الأسبوع سنويًا للتذكير بضرورة حماية المدنيين أثناء الحروب، وفقًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف. لكن الواقع المرير على الأرض، خاصة في فلسطين، يطرح سؤالًا صارخًا: أين المجتمع الدولي من حماية المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون يوميًا للقتل والتشريد والحصار والتجويع ؟
لقد أصبحت غزة مثالاً حيًا لفشل المجتمع الدولي في أداء واجباته. آلاف الضحايا من الأطفال والنساء، منشآت طبية وتعليمية مدمرة، ومجتمع بأكمله محاصر ومحروم من أبسط مقومات الحياة، كل ذلك يجري أمام أعين العالم، دون محاسبة أو ردع.
أن إسرائيل ترتكب انتهاكات صارخة لاتفاقية جنيف ترقى إلى مستوى جرائم الحرب ووفق المحللين وخبراء القانون الدولي الإنساني أن الدول الموقعة على الاتفاقية ملزمة بالتدخل لضمان احترامها. ويقترح خبراء القانون الدولي أن تتدخل هذه الدول من أجل أن تطبق إسرائيل أحكام الاتفاقية كلها وأن تطلب منها التقيد بهذه الأحكام، وإذا رفضت ذلك يطلب من مجلس الأمن تعيين قوة حامية بحسب ما تنص عليه الاتفاقية من أجل حماية السكان في الأراضي المحتلة وفق روح الاتفاقية، وإذا ما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض فإن الجمعية العامة مؤهلة للتصرف بناء على قرار الجمعية العامة رقم 377 المعروف بـ: “قرار الاتحاد من أجل السلام”، وذلك من أجل حماية الذين يشعرون إنهم مهملون ومنسيون من قبل المجتمع الدولي.
إن أهم مواد الاتفاقية يفرض على القوة المحتلة، فرضاً مطلقاً، ما يحظر عليها أن تنتهك الحقوق الإنسانية الأساسية للأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية. فالمواد 31، 32، 33، 39، 49، 53، تحظر استعمال الإكراه الجسدي أو المعنوي للحصول على المعلومات، وتحظر التعذيب أو إنزال المعاناة الجسدية أو الإبادة، كما تحظر المعاملة الوحشية وترحيل الجماعات أو الأفراد، ونقل السكان المدنيين التابعين للقوة المحتلة إلى الأراضي المحتلة، وتحظر أخيراً تقويض أو إتلاف الممتلكات العقارية أو الشخصية.
تنص المادة 39 على الأحوال التي يحق فيها للأشخاص المحميين أن يحصلوا على مقومات العيش من القوة المحتلة؛ وتنص المادة 47 على الحقوق الثابتة للأشخاص المحميين والتي لا يجوز انتهاكها: “ ونص المادة ( 146 ) وتتعلق بالعقوبات الجزائية ، وتعرِّف المادة 147 المخالفات “الخطيرة” كما يلي:
المخالفات الخطيرة التي تشير إليها المادة السابقة هي التي تتضمن أحد الأعمال الآتية إذا اقتُرفت ضد أشخاص أو ممتلكات تحميها هذه الاتفاقية: القتل العمد، التعذيب أو المعاملة البعيدة عن الإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، الأعمال التي تسبِّب عمداً آلاماً شديدة أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحة، النفي أو الإبعاد غير القانوني للأشخاص المحميين، إرغام الشخص المحمي على الخدمة في قوات الدولة المعادية، أو تعمد حرمان شخص من الحقوق الخاصة بالمحاكمة الصحيحة القانونية المنصوص عنها بهذه الاتفاقية، أخذ الرهائن والتدمير الشامل للممتلكات أو الاستيلاء عليها دون ضرورة حربية وبكيفية غير مشروعة واستبدادية.
إن ازدواجية المعايير والصمت الدولي تجاه الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، تقوض القوانين الدولية وتجعل من أسبوع حماية المدنيين مجرد شعار بلا مضمون.
إن غياب آليات إنفاذ قوية: على الرغم من وجود العديد من القوانين والمواثيق الدولية التي تحمي المدنيين في أوقات النزاع، إلا أن آليات إنفاذها غالبًا ما تكون ضعيفة وتعتمد على إرادة الدول .
وفي ظل التصعيد المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة وما تشهده حرب غزه من أباده وترحيل قسري ، يتساءل الكثيرون عن دور المجتمع الدولي في حماية المدنيين الفلسطينيين. رغم الدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية، إلا أن الواقع على الأرض يعكس تقاعسًا واضحًا من قبل الهيئات الدولية.
ان اعتماد سياسة ازدواجية المعايير في تطبيق القوانين فبينما تدعو هذه الدول إلى احترام حقوق الإنسان في مناطق معينة، تتغاضى البعض منها عن الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون. هذا التناقض يضعف من مصداقية المجتمع الدولي ويثير تساؤلات حول نزاهته ، وقد أصدرت منظمات حقوقية دولية، مثل هيومن رايتس ووتش، تقارير توثق الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في غزة، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة واستهداف المنشآت المدنية . رغم هذه التقارير، لم تتخذ الهيئات الدولية خطوات فعالة لمحاسبة المسئولين عن هذه الانتهاكات.
الحرب على غزه واستهداف المدنيين الفلسطينيين في ظل انعدام الردع لإسرائيل ، يبرز الحاجة الملحة لإصلاح النظام الدولي، خاصة فيما يتعلق بآليات اتخاذ القرار داخل مجلس الأمن. يجب إعادة النظر في استخدام حق النقض (الفيتو) لضمان عدم استخدامه كأداة لحماية مصالح دول معينة على حساب حقوق الشعوب.
إن استمرار معاناة المدنيين الفلسطينيين في ظل تقاعس المجتمع الدولي يسلط الضوء على فشل النظام الدولي في حماية حقوق الإنسان. يجب على الدول والمؤسسات الدولية اتخاذ خطوات جادة وفعالة لضمان حماية المدنيين ومحاسبة المسئولين عن الانتهاكات.