تنازلات الشرع تستفزّ عشائر الجنوب: نظام الأسد رغم سلبياته لم يسكت للعدو

تنازلات الشرع تستفزّ عشائر الجنوب: نظام الأسد رغم سلبياته لم يسكت للعدو
تتزايد المخاوف في محافظة درعا جنوبي سوريا من عودة التوتر الأمني إلى المنطقة، حيث أفادت مصادر ميدانية لـ «الأخبار» بتصاعد المخاوف عقب التوغّلات الإسرائيلية الأخيرة في الجنوب السوري، من احتمال عودة نشاط تنظيم «داعش» إلى منطقة حوض اليرموك الحدودية، والتي كانت مركزاً لنشاط التنظيم بين عامَي 2014 و2018 تحت مسمى «جيش خالد بن الوليد».
وشهدت المنطقة التي تتّسم بطابع عشائري معقّد، في السابق، اختراقات أمنية، مكّنت التنظيم من ترسيخ حضوره بين بعض العشائر، التي ينتشر بينها السلاح الفردي. وتتصاعد مشاعر التململ بين الأهالي إزاء سياسة الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، وتحديداً بعد موقفه الأخير من القيادي السابق في قوى المعارضة، أحمد العودة، الذي ما يزال يحظى بشعبية في الجنوب، إضافة إلى غياب موقف حازم من الإدارة السورية تجاه التوغّلات الإسرائيلية المتكررّة.
هذه التطورات تأتي بعد أيام من اللقاء الذي جمع الشرع بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في السعودية، والذي فتح الباب أمام تكهّنات حول إمكانية انضمام سوريا إلى «اتفاقيات أبراهام»، خصوصاً بعد تصريحات الشرع حول «السلام»، والتي لاقت رفضاً واسعاً في الجنوب، إذ لا تزال جراح المواجهات الأخيرة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي مفتوحة، ولم يمر وقت طويل على تشييع الشهداء الذين سقطوا أثناء عمليات التصدي لتوغّلات الاحتلال. ويعتبر كثير من الأهالي أن الشرع خذلهم دينياً وأيديولوجياً، عبر تبني خطاب «براغماتي» يبتعد عن ثوابت الصراع العربي – الإسرائيلي، في وقت تعاني فيه المنطقة من فراغ سياسي وأمني ملحوظ.
وتشير المصادر إلى وجود تحرّكات لعقد اجتماعات سرّية لبعض الفصائل المعارضة في تركيا، تهدف إلى طلب الدعم بالتدريب والسلاح من جهات فاعلة في الملف السوري، استعداداً لمواجهة محتملة ضد قوات الإدارة الجديدة في حال مضيّها في خطوات التطبيع، أو حتى للرد على التوغّلات الإسرائيلية بشكل مستقل، بعيداً من القرار المركزي في دمشق. رغم ذلك، تؤكد بعض هذه الجهات دعمها لجهود الشرع في الحفاظ على وحدة البلاد وملاحقة الخلايا الأمنية، لكنها في الوقت ذاته ترفض أي شكل من أشكال العلاقات مع إسرائيل، مهما كانت الذرائع.
والقلق لا يقتصر على الداخل السوري، بل يمتد إلى الجوار، إذ أشار وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في لقائه الأخير مع نظيره السوري، أسعد الشيباني، إلى أهمية أمن الجنوب السوري واستقراره، معبّراً عن مخاوف بلاده من تدهور الوضع الأمني هناك. وحذر الصفدي من تداعيات انتشار السلاح غير الشرعي وتمدّد مشاعر الغضب بين العشائر.
وذكرت مصادر مطلعة أن أصواتاً عشائرية بدأت تردّد صراحة أن «النظام السابق، رغم سلبياته، لم يكن يسكت عن التوغلات الإسرائيلية». في ظل كل هذه المؤشرات، يبدو أن الجنوب السوري مقبل على مرحلة دقيقة، ستتطلّب مقاربات مختلفة لضمان الاستقرار ومنع انزلاق المنطقة مجدّداً نحو الفوضى.