حرب بيانات حول الرئاسة: بري يتهم جعجع بالتوتر.. والقوات ترد برفض معادلة “مرشحنا أو الطوفان”
حرب بيانات حول الرئاسة: بري يتهم جعجع بالتوتر.. والقوات ترد برفض معادلة “مرشحنا أو الطوفان”
سعد الياس
بيروت- “القدس العربي”: إذا كان انتظار الرد السعودي على المبادرة الفرنسية الهادفة إلى تسويق رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية للرئاسة الأولى بالاتفاق مع الثنائي الشيعي سبب المراوحة في الملف الرئاسي، فإن الجولة شبه الصامتة للسفير السعودي وليد البخاري على دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وعين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري لم تفك أسر الجمود الرئاسي لناحية إعطاء إشارة حول حقيقة موقف الرياض من ترشيح فرنجية.
واكتفى السفير السعودي بعد زيارته بري بالقول: “لا نرتضي الفراغ الرئاسي المُستمر الذي يُهدِّد استقرار الشعب اللبناني ووحدته، والموقف السعودي يُشدِّد على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قادر على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني الشقيق”.
السفير السعودي : لا نرتضي الفراغ الرئاسي المُستمر الذي يُهدِّد استقرار الشعب اللبناني ووحدته
كما غرّد البخاري بعد لقائه المفتي دريان: “”اللقاء مناسبة استعرضنا خلالها آخر المستجدات على الساحة اللبنانية خاصة الاستحقاق الرئاسي وأهمية إنجازه بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الإهتمام المشترك”.
من جهته، أكد مفتي الجمهورية “أن دور المملكة العربية السعودية في لبنان أساسي كما هو في المنطقة العربية والدولية”، ورأى “ان انتخاب رئيس للجمهورية واستقرار لبنان وازدهاره وإنمائه هو مسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين بداية ومن ثم على الأشقاء العرب والدول الصديقة الذين يدعمون ويقدمون المساعدة عندما تكون الإرادة اللبنانية صادقة وجادة في الوصول الى حلول لمصلحة الوطن والمواطن”. وحثّ “المسؤولين المعنيين في عملية انتخاب رئيس للجمهورية على التعالي عن مصالحهم الذاتية لمصلحة لبنان السيد الحر المستقبل العربي الهوية والانتماء”، معتبراً “أن أي تسوية في هذا الإطار إن كانت محلية أو خارجية يجب العمل فيها إلى إعادة الاعتبار للدولة ولمؤسساتها وسيادتها في كل المجالات”، مشيراً إلى أن “دار الفتوى ترحب بأي مسعى داخلي أو خارجي لإنهاء المأساة اللبنانية التي يدفع المواطن فيها أثمانا غالية اقتصادياً ومعيشياً واجتماعياً وامنياً فاقت طاقة اللبنانيين”.
أسهم فرنجية
أما الرئيس نبيه بري فبدا بحسب أجوائه متيقناً بأن أسهم فرنجية مازالت ترتفع خلافاً للردود عليه من القوات اللبنانية. كما بدا واثقاً من صوابية “الداتا” الرئاسية التي يستند إليها في إطلاق مواقفه، على رغم النفي المتكرر لها من قبل القوات اللبنانية.
وقال “هذا الإنكار لن يغيّر شيئاً في الوقائع. الأمر الأكيد هو أنني صادق في كل ما أقوله عن المسار الإقليمي والدولي المواكِب للملف الرئاسي، ثم لا الفرنسيين ولا السعوديين نَفوا ما صدر عني في شأن موقف الرياض حيال ترشيح فرنجية، ولذا فإن نفي القوات اللبنانية لا يؤخّر”. وأشار بري أمام زواره إلى “أن جعجع يبدو متوتراً هذه الأيام، وهو يرفض الحوار ويرفض التشريع في مجلس النواب ويرفض اجتماع الحكومة ويرفض التجاوب مع مساعي التسوية الرئاسية، في حين أن الوضع الصعب الذي يمرّ فيه البلد يتطلب التحلي بأعلى درجات المسؤولية، والتفتيش عن حلول وليس إقفال الباب تلو الآخر أمامها”. ولدى سؤاله من قبل صحيفة “الجمهورية”: “هل صحيح أنك تحاول أن تُحيي الموتى كما ورد في بيان معراب؟ يضحك بري ثم يجيب: “أنا أحيي الحقائق التي يحاول البعض أن يطمسها”، مؤكداً أنه “ثابت على دعم ترشيح فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، وليست لدي خطة “ب” أو “ج” أو “ت” او غيرها”، ويضيف “بالنسبة إلى ما خَص مسألة تأييدي لانتخاب فرنجية لا أعترف سوى بالخطة “أ”، أما باقي حروف الأبجدية فليست موجودة في قاموسي السياسي، مع احترامي الكامل لحق الآخرين في أن يكون لهم أيضاً مرشحهم الآخر وأن يَسعوا إلى إيصاله”.
عنزة ولو طارت
ورداً على الرئيس بري، صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب القوات اللبنانية بيان فنّد فيه أقوال رئيس المجلس وجاء فيه:
أولاً، قال الرئيس بري إن “الدكتور جعجع يبدو متوتراً هذه الأيام، وللدقة ليس متوتراً إنما متحفزاً ومتحسِساً بسبب الأوضاع الكارثية التي انزلقت إليها البلاد، وبسبب عدم جواز السكوت عن التعطيل المتمادي للمؤسسات ووضع اللبنانيين أمام خيارات أسوأ من بعضها، أي استمرار الشغور أو انتخاب رئيس ممانع يشكل تمديدًا لهذا الشغور، فيما المطلوب إنهاء الشغور عن طريق انتخاب رئيس سيادي وإصلاحي قادر على الإنقاذ”.
ثانياً، قال الرئيس بري إنه “صادق في كل ما يقوله عن المسار الإقليمي والدولي المواكِب للملف الرئاسي، ثم لا الفرنسيين ولا السعوديين نَفوا ما صدر عني في شأن موقف الرياض حيال ترشيح فرنجية، ولذا فإن نفي القوات اللبنانية لا يؤخّر”، وبالتالي إذا كلام الرئيس بري بهذه الدقة؛ لماذا لم يصل بعد البريد الأميركي والفرنسي والسعودي، أم أنّ هذا البريد ما زال بنسخة القرن الثامن عشر؟ وإذا كان كلامه صحيحًا لماذا لم تترجم تمنياته بعد في صناديق الاقتراع؟ وفي الوقائع والحقائق إن تمسك الممانعة بمعادلة “مرشحنا أو الطوفان” لم ولن تبدِّل في المعطيات الخارجية ولا الداخلية قيد أنملة، والشغور على حاله بسبب هذه المعادلة، والقادم من الأيام سيثبت أكثر فأكثر صحة ما نقول وخطأ ما يقوله الرئيس بري”.
ثالثًا، قال الرئيس بري إن الدكتور جعجع “يرفض الحوار ويرفض التشريع في مجلس النواب ويرفض اجتماع الحكومة ويرفض التجاوب مع مساعي التسوية الرئاسية”، ولكن كيف يمكن لرئيس “القوات” أن يوافق على حوار في معرض انتخابات رئاسية يجب أن تحصل في مجلس النواب عن طريق جلسات متتالية؟ وكيف يمكن أن يوافق على حوار الداعي له أكد بأنه لا يعترف “سوى بالخطة “أ”، أي المرشح سليمان فرنجيه، أما باقي حروف الأبجدية فليست موجودة في قاموسي السياسي”، وبالتالي ما قيمة حوار ينحصر هدف الداعي له بالترويج لمرشحه فقط والتغطية على تعطيل مجلس النواب؟ وأما لجهة التشريع فليس الدكتور جعجع مَن يرفضَه، إنما الدستور ينص على تحوّل مجلس النواب إلى هيئة ناخبة لا اشتراعية في ظل الشغور الرئاسي، وهناك عريضة نيابية موقعة من عدة كتل نيابية ونواب مستقلين عديدين ترفض التشريع التزامًا بنصوص الدستور”.
وأضاف البيان “أما لناحية اجتماع الحكومة، فيبدو دولة الرئيس أنكم لا تتابعون بدقة مواقف الدكتور جعجع الذي يؤيد اجتماع الحكومة ضمن إطار البنود الطارئة والملحة، وقد أيّد أكثر من مرة هذه الاجتماعات عندما تقيّدت الحكومة بما هو طارئ وملح. ومن ثم لا حاجة لتذكيركم دولة الرئيس أن أول مَن بادر رئاسياً كان الدكتور جعجع، ولكن جوابه، على غرار مبادرات أخرى، بمعادلة الممانعة: تقبلون بمرشحنا أم استمرار الشغور”.
وتابع البيان “رابعا، قال الرئيس بري إن الجلسات الـ 11 لانتخاب رئيس الجمهورية تحوّلت أضحوكة وألعوبة، والحقيقة أنّ تحولها على هذا النحو سببه الورقة البيضاء من جهة، والانسحاب لدى انتهاء الجلسة الأولى مباشرة من جهة أخرى، فيما لو تم الالتزام بالبقاء في المجلس لكان انتخب رئيس الجمهورية ضمن المهلة الدستورية، فيما عدم الدعوة إلى جلسات جديدة مردّه إلى حقيقة ساطعة وهي أن مرشح الرئيس بري ليس لديه أي فرصة”.
وختم بيان القوات “أكثر ما ينطبق على موقفكم الرئاسي، دولة الرئيس بري، المثل القائل “عنزة ولو طارت”، وعلّكم تدركون أن العنزة لا تطير وإن تطيير الانتخابات الرئاسية لن يؤدي لا حاضرًا ولا مستقبلاً إلى انتخاب مرشح ممانع لرئاسة الجمهورية، لأن الجمهورية بحاجة لإنقاذ وليس بالممانعة تُنقذ الجمهورية، إنما بكف يد الممانعة التي أمعنت في تدمير لبنان وتهجير شعبه”.
جولة بو صعب
وجاء هذا التراشق المتجدد في البيانات في ظل وساطتين يقودها كل من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والنائب المستقل غسان سكاف لإيجاد مخارج للمأزق الرئاسي في ظل شكوك بالقدرة على تحقيق اختراق. وبعد لقاءاته التي شملت رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” محمد رعد والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والمرشح ميشال معوض ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، زار بو صعب رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل الذي رحّب “بأي خطوة يمكنها أن تأخذ البلد إلى الأمام”، ورأى “أن الموضوع يتخطى رئاسة الجمهورية ويتعلق بمستقبلنا في هذا البلد ولدينا قناعة نقولها للجميع ان لبنان لا يحتمل 6 سنوات جديدة على نهج العهد السابق من خلال سيطرة حزب الله على قرار البلد ومنع الإصلاحات والتطور والانفتاح وإعادة بناء العلاقة مع المجتمع الدولي الأمر سيؤدي إلى موت لبنان وهجرة شبابه”. وعلّق الجميل على كلام الرئيس بري وقوله إن سليمان فرنجية هو الخطة “أ” لرئاسة الجمهورية، فقال “هذا حقه وخياره السياسي، ونحن مستمرون بخيارنا السياسي ولكن بالنسبة لنا الموضوع ليس فرنجية والموضوع ليس في الأشخاص إنما بخط سياسي أدى بالبلد إلى واقعنا اليوم، ونحذر من أن أي تمديد لست سنوات كارثية جديدة فهذا مشروع مشروع موت للبنان وتهجير مئات آلاف الشباب اللبنانيين، وقلناها سابقاً لفرنجية ونقولها للجميع وفي حال قرر فرنجية التموضع في الوسط وأعلن أنه غيّر موقعه فلا مشكلة لدينا، ولكنه واضح في السياسة ومقتنع بخياراته وبالتالي لا يمكن لأحد ان يقنعنا انه غيّر مسارأً اتبعه لعشرين عاماً”.
القدس العربي