ترامب يعِد باتفاق قريب: مراجعات فلسطينية لمقترح ويتكوف

ترامب يعِد باتفاق قريب: مراجعات فلسطينية لمقترح ويتكوف
في موقف لافت في خضم الشد والجذب حول المفاوضات في شأن حرب غزة، أكد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن الاتفاق على وقف إطلاق النار في القطاع بات «قريباً جداً». وقال ترامب للصحافيين خلال مؤتمر صحافي في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض عن المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو: «هم قريبون جداً من اتفاق حول غزة»، مضيفاً: «سنبلغكم (التطورات) خلال اليوم (أمس) أو ربما غداً (اليوم). لدينا فرصة للتوصل إلى اتفاق».
وجاء ذلك في وقت أعلنت فيه حركة «حماس»، أمس، أنها باشرت مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية بشأن المقترح الذي تسلّمته أخيراً، عبر الوسطاء، من المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وبات يُعرف بـ«مقترح ويتكوف المعدّل»، موضحة، في بيان مقتضب، أن موقفها من الطرح الجديد سيُبنى بعد استكمال المشاورات. وكانت تضاربت في شأن ردّ «حماس» المنتظر، بعدما تداولت وسائل إعلام عبرية معلومات مفادها أن الحركة رفضت المقترح، وهو ما لم تؤكده الأخيرة رسمياً حتى الآن.
ونقلت مراسلة «القناة 13» العبرية، موريا أسراف، عن مصادر أمنية أن التقييم الذي قُدّم إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والمستوى السياسي في تل أبيب، يُرجّح أن «حماس» سترفض الخطة، بسبب غياب التزام واضح بإنهاء الحرب ضمن بنودها. وأكّدت أن واشنطن وتل أبيب تنتظران ردّاً رسمياً من الحركة، لكن التقديرات السائدة تفيد بأن الرفض هو المرجّح.
وفي السياق ذاته، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن التقديرات داخل مكتب نتنياهو تشير إلى أن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، سيعارضان الصفقة، في حال تمّت، لكن من دون الانسحاب من الائتلاف الحكومي. ونقلت الصحيفة عن مقرّبين من سموتريتش قولهم إن موقفه النهائي سيتحدد بناءً على مضمون الاتفاق، في حين صعّد بن غفير خطابه، داعياً إلى «وقف التلكؤ» وبدء «عملية عسكرية واسعة لإبادة حماس»، وذلك في تغريدة نشرها على حسابه في منصة «إكس».
أما موقع «واللا» العبري فزعم أن مركز القرار في ملف صفقة الأسرى لدى حركة «حماس»، انتقل من داخل غزة إلى قيادة الحركة في الخارج، خصوصاً بعد عملية اغتيال محمد السنوار، و«التي أدّت إلى شلل جزئي في القيادة الميدانية وتأخّر في اتخاذ قرار واضح بشأن مقترح ويتكوف». ووفقاً للموقع، فإن «الجيش الإسرائيلي لا يعوّل حالياً على المفاوضات الجارية». كذلك، نقل الموقع ذاته عن مسؤول إسرائيلي تأكيده أن المقترح الأخير «تمّ إعداده بتنسيق كامل مع نتنياهو، وناقشه الوزير رون ديرمر مع الجانب الأميركي في واشنطن، مطلع الأسبوع الجاري».
وانطلاقاً من ذلك، أعربت مصادر حركة «حماس» عن خشيتها من أن يشكّل «مقترح ويتكوف» غطاءً يتيح لإسرائيل استئناف الحرب، خاصة أن بنود الصفقة تقرّب بين موعدَي تسليم الأسرى الإسرائيليين (اليوم الأول واليوم السابع)، ما يمنح تل أبيب، بحسب هذه المصادر، فرصة للنكوص عن الاتفاق بعد تسلّم الدفعة الأولى. كما أبدت الحركة تشكيكاً في جدوى الضمانة الأميركية، معتبرة إياها «غير كافية لإلزام إسرائيل بتطبيق جميع بنود الاتفاق»، خصوصاً بعد تسلّم إسرائيل أسراها.
وتتساوق هذه الشكوك، مع رأي المسؤولين المصريين الذين يؤكدون أن «أي اتفاق لا يتضمن تعهداً واضحاً وصريحاً بوقف الحرب وسحب القوات الإسرائيلية، لن يكون كافياً لتحقيق استقرار دائم»، وأن مثل هذا التعهد ينبغي أن يكون «مُعلناً وملزماً، لا مبهماً أو مرهوناً بتفسيرات مختلفة»، بحسب مصادر مصرية مطّلعة. وأشارت هذه المصادر إلى أن القاهرة نقلت إلى واشنطن رؤيتها بوضوح، ومفادها أن «المطلوب من الولايات المتحدة الآن أن تضمن – بشكل رسمي وعلني – التزاماً كاملاً بإنهاء الحرب كجزء أصيل من أي اتفاق محتمل».
وتعتبر مصر أن «إخراج ورقة الرهائن من يد حماس من دون التزام متوازٍ بوقف العمليات الإسرائيلية، يمثّل مخاطرة كبرى، ويُضعف فرص الحل السياسي، بل ويمهّد لموجة أعنف من التصعيد». وبالتالي، فإن معالجة هذا الخلل «تتطلب تعديلاً جوهرياً في مسوّدة المقترح الأميركي، بحيث يشمل ضمانات قوية تُلزم إسرائيل بعدم استئناف العمليات العسكرية، وتربط بشكل واضح بين الإفراج عن الرهائن والانسحاب العسكري الكامل».
على صعيد آخر، وفي ما يتعلّق بالآلية الجديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، والتي تُدار بتنسيق إسرائيلي – أميركي، وصفت حركة «حماس» هذه الآلية بأنها «تلاعب إجرامي في احتياجات المدنيين»، في وقت تبدي فيه تل أبيب تمسّكها بها وتعويلها عليها كأداة لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، إذ نقلت «القناة 12» العبرية عن نتنياهو تأكيده أن «مراكز توزيع الغذاء» التي أنشأها جيش الاحتلال ستُبقي عليها إسرائيل «حتى في حال التوصل إلى اتفاق مع حماس»، واعتباره أن تلك المراكز تُعدّ «إنجازاً استراتيجياً» من شأنه «تسريع انهيار الحركة». كما نقلت القناة نفسها عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، زعمه أن «حماس بدأت تفقد السيطرة على السكان»، وأن «الضغط الشعبي على الحركة سيزداد في الأيام المقبلة».