الصحافه

“ويتكوف” بين مطالبة حماس بالضمانات وخبث نتنياهو.. وتصعيد في إسرائيل بين الجيش والحكومة

“ويتكوف” بين مطالبة حماس بالضمانات وخبث نتنياهو.. وتصعيد في إسرائيل بين الجيش والحكومة

عاموس هرئيل

عاد ترامب وأكد أن إسرائيل وحماس قريبتان من صفقة تبادل جديدة. “أعتقد بوجود احتمالية. سأبلغكم عن ذلك اليوم أو غداً”، قال الرئيس وتوقع قرب اتفاق بين أمريكا وإيران حول كبح المشروع النووي الإيراني. حتى أمس، لم تصل التحديثات التي وعد بها. ربما ستعطى قريباً. كالعادة، لا يدخل إلى التفاصيل، ويبدو أن الأمر يتعلق بنرجسية لجذب انتباه وسائل الإعلام. التوقع اليائس لكثير من الإسرائيليين والفلسطينيين لبشرى جيدة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، أقل أهمية عنده.

الاتصالات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم تعد تجري مع طاقم المفاوضات الإسرائيلي الآن، ولا تقوم بإشراك الوسطاء، مصر وقطر. ترامب ومبعوثوه يتحدثون مباشرة مع نتنياهو، والمبعوثون في اتصال مباشر أيضاً مع قيادة حماس في الخارج، التي يوجد كبار قادتها في الدوحة. بعد أن أعلنت إسرائيل عن قبول الخطة الجديدة التي عرضها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، باتت الكرة الآن في يد حماس.

الاتصالات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم تعد تجري مع طاقم المفاوضات الإسرائيلي الآن، ولا تقوم بإشراك الوسطاء، مصر وقطر

أعطت حماس أمس بعد الظهر رداً أساسه “نعم، لكن”. ربما يمكن التغلب على بعض التحفظات التي قالتها حماس، لكن مطالبة حماس الأساسية هي تقديم ضمانات أمريكية توفر لها مستوى أمان مرتفعا بعدم عودة إسرائيل للقتال بعد حصولها على الـ 10 مخطوفين الأحياء والـ 18 جثة. أمس، رفض ويتكوف رد حماس، وقال انه “غير مقبول”، وأعاد المحادثات إلى الوراء.

إزاء صعوبة استمرار الحرب لوقت طويل، بسبب تحفظات ترامب، سيطلب نتنياهو صفقة جزئية فقط. فبعد وقف إطلاق النار الذي سيستمر شهرين تقريباً، سينوي استئناف القتال. هذا هو السيناريو الذي تخشاه حماس، لذلك يطالبون بضمانات من ترامب وويتكوف. السؤال هو: هل ستكون حماس على قناعة بأن الرئيس سيفي بأقواله ويفرض على نتنياهو بعد ذلك إنهاء الحرب وانسحاباً شاملاً للقوات الإسرائيلية من القطاع مقابل تحرير جميع المخطوفين وإعادة الجثث.

ما زال القتال يجري ببطء، إلى جانب هجمات جوية كثيفة. يبدو أن إسرائيل تستخدم الآن حركة القوات البرية كتهديد على ما يتوقع للفلسطينيين وحماس إذا لم تتحقق صفقة التبادل. يبذل الجيش أيضاً جهوداً كبيرة للدفع قدماً بالخطة الجديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية. المراكز اللوجستية تواصل العمل بإدارة أمريكية، رغم تشويش نابع من تدفق الجمهور للحصول على مساعدة ورغم محاولة حماس تخريب هذه العملية. إسرائيل لا تنجح في تجنيد الأمم المتحدة لهذه العملية، والوكالات العاملة من قبلها ترفض التعاون معها.

في الوقت نفسه، تواصل حكومة نتنياهو إدارة حرب مانعة ضد اتفاقات اليوم التالي للحرب، لكيلا يشمل الحل في القطاع السلطة الفلسطينية. اليوم قد يلتقي مع محمود عباس في رام الله وزراء خارجية لعدة دول عربية وإسلامية، من بينها السعودية وقطر ومصر وتركيا. إسرائيل قررت منع هذه الزيارة رغم اعتمادها على هذه الدول في إدخال المساعدات إلى القطاع وبلورة تفاهمات عند انتهاء الحرب.

الحوار الكثيف بين ترامب ونتنياهو يتناول أيضاً المفاوضات مع إيران. أمس، نشرت الوكالة الدولية للطاقة النووية تقريراً خطيراً جاء فيه بأن إيران تمتلك الآن كمية من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، الذي يكفي لإنتاج 10 قنابل نووية بعد تحويله إلى المستوى المطلوب، 90 في المئة. الكمية التي في يد إيران ازدادت 50 في المئة. وحسب المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، فإن عملية إنتاج القنبلة نفسها قد تستغرق 6 – 18 شهراً آخر. أصدر نتنياهو بياناً استثنائياً السبت دعا فيه العالم للعمل. ولكن ترامب قد يستخدم هذه المعطيات في الاتجاه المعاكس، ويدعي بأنه دليل على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع إيران سريعاً.

ضريبة كلامية

في الوقت الذي يدفع فيه نتنياهو والوزراء ضريبة كلامية لتحرير المخطوفين وإفشال تحقيق اتفاق بالفعل، فإن الشعور العام في إسرائيل مختلف كلياً، كما تدل على ذلك جميع الاستطلاعات التي تشير إلى دعم كبير للصفقة التي ستشمل إعادة جميع المخطوفين مقابل إنهاء الحرب. في الأسبوع الماضي، تم الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 47 على سقوط قادة سرايا في لواء المظليين، النقيب نير زهافي والنقيب يفتاح عين، اللذين قتلا في عملية “شليخت” في جنوب لبنان.

ما كتبه أصدقاء غي زهافي، شقيق نير، تمت قراءته في هذا الاحتفال الذي جرى في ذكرى مرور 600 يوم على الحرب وعلى المخطوفين، حسب قوله. “قبل أسبوع، قتل في غزة جندي من “غولاني”، دانييلو موكنو”، كتب غي. “لم أستطع الاستمرار عند جزء التحقيق في حادثة انهيار المبنى، التي بحسبها عمل الجنود لساعات من أجل إنقاذ دانييلو من تحت الأنقاض، والقادة المسؤولون لم يوافقوا على ترك المكان بدونه. هذه بالضبط قصة إنقاذ نير في عملية شليخت من المبنى في قاعدة الكوماندو البحري لـ “فتح” بين صور وصيدا، الذي انهار عليه وعلى يفتاح.

لا يتصرفون هكذا

كشف روعي شارون الأسبوع الماضي قضية مقلقة. الجنديان من لواء “الناحل”، اللذان كانا على وشك التسريح وخدم كل منهما مدة سنة ونصف في القطاع، أبلغا القادة بأنه لا يمكنهما الاستحمال أكثر، وهما يريدان إعفاءهما من دخول آخر إلى الحرب. حكم المسؤولون عنهما بعقوبة السجن الفعلي، أحدهما 15 يوماً والآخر 20. كل محاولات شارون وغيره لإلغاء أو تقليص سوء هذا المصير واجهها الجيش الإسرائيلي بمعارضة كبيرة.

الجنديان من لواء “الناحل”، اللذان كانا على وشك التسريح وخدم كل منهما مدة سنة ونصف في القطاع، أبلغا القادة بأنه لا يمكنهما الاستحمال أكثر، وهما يريدان إعفاءهما من دخول آخر إلى الحرب

الجنديان من رجال الاحتياط، تجندا للخدمة الالزامية في آب 2022، ومؤخراً أنهيا الخدمة النظامية. الجيش الإسرائيلي في الواقع قرر مجددا تمديد الخدمة النظامية لثلاث سنوات بدلاً من 32 شهراً. ولكنها خطوة قوبلت بصعوبات تشريعية في الكنيست. لذلك، هو يتبع طريقة إشكالية التي يحصل فيها الجندي الذي على وشك التسريح فوراً على الأمر 8 ويتم تجنيده للاحتياط، ثم يذهب مباشرة للخدمة النظامية في إطار نفس الكتيبة النظامية التي خدم فيها.

البعض يفترضون أن الجيش يخشى من انهيار كبير إذا تعامل بتساهل مع رفض الجنود. مع ذلك، الصفوف غير كاملة. فعبء العمل وما يصاحبه من استنزاف الوحدات النظامية كبير جدا، ويتم تسريح الكثير من الجنود من الخدمة الحربية بسبب مشاكل صحية، خاصة بسبب صعوبات نفسية. هذه ظاهرة منتشرة ولا تحظى إلا باهتمام محدود مقارنة مع الصعوبات التي تواجه جنود الاحتياط، الذين يسهل عليهم هم وزوجاتهم التواصل مع وسائل الاعلام.

غضب الجيش يزداد من سلوك الحكومة الساعية لتمرير قانون إعفاء الحريديم من الخدمة. نتنياهو هدد مؤخراً بإقالة رئيس لجنة الخارجية والأمن، عضو الكنيست يولي أدلشتاين (الليكود) من منصبه لأنه لا يتعاون مع خطوات رئيس الحكومة والحريديم. هذه هي خلفية غياب التشريع بشأن تمديد الخدمة الالزامية: الحكومة تخشى من الردود، في الوقت الذي تشرعن فيه تهرب شباب القوائم الحريدية.

هذا مثل وضع أصبع في عين الجمهور الذي يخدم، ونظرة الجنود القاسية الذين لم يعودوا يستطيعون مواصلة الخدمة، في حين أن الفجوات في الوحدات المقاتلة خطيرة جداً، وهذا أحد مظاهر مشكلة أكبر لدى المستوى السياسي والجيش. يبدو أنه لن يكون أمام رئيس الأركان أيال زامير أي خيار في القريب باستثناء تشديد الخطوات الرمزية، وعلى الأقل إصدار المزيد من أوامر التجنيد لعشرات آلاف الحريديم المتهربين من الخدمة برعاية القوة السياسية لممثليهم في الحكومة والكنيست.

في بداية الحرب، قرر قائد لواء نظامي تشديد القواعد مقارنة مع الألوية الأخرى ومنع جنوده من الخروج إلى إجازة من القطاع لأشهر كثيرة. احتجاجات الآباء لم تساعد، والصحافيون وقادة اللواء كانوا حذرين من التدخل في اعتباراته لفترة طويلة. نأمل هذه المرة أن تستيقظ القيادة العليا وتعمل على تخفيف العقوبة على الأقل. العقوبة التي حكم بها قائد الكتيبة على جنديين من “الناحل” مبالغ فيها. ما هكذا يتصرف الجيش الذين يعنى بمقاتليه، وهكذا يعمل الجيش الذي يسير نحو التفكك.

       يعملون الخير

أحد الادعاءات التي طرحها لواء “الناحل” لتبرير التصميم أمام الجنديين هو أن الأمر يتعلق بمشغلي حوامات، وأن الكتيبة بحاجة إليهما بسبب أهمية مهمتهما المحددة. رغم أن حجم استخدام الحوامات ازداد كثيراً في الحرب، لكن الجيش تنقصه حوامات للوحدات العاملة على الأرض، كما أن هناك نقصاً في الجنود الذين اجتازوا دورات تدريب على تشغيل الحوامات.

الجنرال احتياط يعقوب بنجو، الرئيس السابق لقسم التخطيط في هيئة الأركان، الذي تم تسريحه من الجيش قبل فترة قصيرة على اندلاع الحرب، نشر في الشهر الماضي مقالاً عن استخدام الحوامات في الحرب، في إطار مركز بيغن السادات في جامعة بار ايلان. بنجو، الذي كتب المقال، هو أحد العاملين في شركة “البيت”، الذي لم يسمح بنشر اسمه، طلب إنشاء وحدة حوامات في الجيش الإسرائيلي.

تناول المقال بالأساس الحوامات الانتحارية الرخيصة. حسب قول كتاب المقال، فإن الثورة التي أحدثتها الحوامات في ساحة المعركة “تغير طبيعة الحرب البرية وكل أبعاد القتال. الحديث لا يدور عن وسيلة قتال جديدة أخرى أو تطوير تكنولوجي واسع الانتشار، بل عن ثورة حقيقية تؤثر على تقنية القتال، وطبيعة تنظيم القوات وإدارة الحرب التكتيكية… الحوامة الهجومية تقتضي من التفكير العسكري أن يتطور ويترك نظريات الماضي التي كانت ذات صلة بعصر الحرب الباردة، ولها علاقة بعمليات القتال ضد الإرهاب، لكنها لا تقدم رداً في ساحة القتال الحالية”.

 هآرتس 1/6/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب