رئيسيالافتتاحيه

في ذكرى النكسة: العدوان الإسرائيلي مستمر ومخططات الضم والتهجير تتصاعد

في ذكرى النكسة: العدوان الإسرائيلي مستمر ومخططات الضم والتهجير تتصاعد

بقلم رئيس التحرير

في الخامس من يونيو/حزيران من كل عام، يستذكر العالم العربي الذكرى الأليمة لما يُعرف بـ”النكسة”، حين اجتاحت القوات الإسرائيلية أراضي ثلاث دول عربية في حرب استمرت ستة أيام عام 1967، وأسفرت عن احتلال الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وسيناء، وهضبة الجولان. ورغم مرور 58 عامًا على تلك الهزيمة العسكرية والسياسية، إلا أن تداعياتها لا تزال تتجلى بوضوح في الواقع الفلسطيني، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بممارساته العدوانية والتوسعية، دون رادع أو محاسبة دولية حقيقية.

من الاحتلال إلى الضم: سياسات ممنهجة لا تعرف التوقف

لم يكن احتلال عام 1967 نهاية المطاف، بل كان مقدمة لمرحلة طويلة من السياسات الاستيطانية والضمّ التدريجي، الذي تمضي فيه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، متحدّية القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 242 الذي يدعو إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة.

ومع تسارع وتيرة الاستيطان، وخاصة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، باتت خريطة فلسطين التاريخية مجزأة وممزقة بفعل الجدران العازلة، والحواجز العسكرية، والمستوطنات التي تتكاثر كالفطر، في مشهد يعكس إرادة واضحة لفرض واقع دائم من السيطرة والهيمنة. والأخطر من ذلك، أن مشاريع الضم، سواء المعلنة أو غير المعلنة، تحوّلت إلى أمر واقع، يُطبق على الأرض دون الإعلان الرسمي الكامل، لكن نتائجه تُشاهد يوميًا من خلال طرد الفلسطينيين من بيوتهم، خاصة في القدس، ومناطق الأغوار، ومسافر يطا، وغيرها.

التهجير القسري: نكبة مستمرة

إذا كانت نكبة 1948 قد شهدت تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين، فإن النكسة عام 1967 فتحت الباب لمرحلة ثانية من التهجير ألقسري، لم تتوقف حتى اليوم. لا يكاد يمر شهر دون أن تتصدر عناوين الأخبار قصة عائلة فلسطينية طُردت من منزلها، أو قرية مهددة بالهدم، أو مخيم للاجئين يعاني القصف والتجويع.

وفي السنوات الأخيرة، وخاصة في ظل تصاعد العدوان على قطاع غزة، أصبحت السياسات الإسرائيلية أكثر فتكًا، تتراوح بين القصف الجوي والتجويع والحصار وقطع الخدمات الأساسية. وما يحدث في غزة هو تجسيد صارخ لمفهوم “النكسة المتجددة”؛ حيث يُحاصر أكثر من مليوني فلسطيني في مساحة ضيقة، محرومين من أبسط مقومات الحياة، وتحت قصف مستمر، في ظل صمت دولي مريب.

رغم كل هذه الممارسات، تشهد المنطقة تحولات سياسية خطيرة، تتمثل في تجاهل المجتمع الدولي لجرائم إسرائيل المستمرة في حرب الابادة في غزه والضفة الغربية ، وتسارع البعض من الدول بتقديم كل أشكال الدعم للاحتلال الإسرائيلي وهرولة البعض للتطبيع مع الاحتلال  الإسرائيلي، في تجاهل صارخ لحقوق الشعب الفلسطيني ومعاناته الطويلة. إن التطبيع، في ظل استمرار الاحتلال والاستيطان، لا يخدم إلا مشروع “إسرائيل الكبرى”، ويمنح الشرعية لسياسة الأمر الواقع التي تسعى إسرائيل لفرضها بالقوة.

المجتمع الدولي ومواقفه التي لا ترقى لمستوى التحديات التي تهدد فيه اسرائيل  الأمن والاستقرار ، فرغم الإدانات الخجولة والتقارير الحقوقية التي توثق الانتهاكات، إلا أن غياب آلية فاعلة للمحاسبة يشجع إسرائيل على مواصلة سياساتها العدوانية دون خوف من العقاب.

إحياء الذاكرة والتمسك بالحقوق

في ذكرى النكسة، ليس الهدف البكاء على أطلال الماضي، بل التأكيد على ضرورة إحياء الذاكرة الوطنية، خاصة لدى الأجيال الجديدة، وتعزيز روح المقاومة والصمود، سواء بالمقاومة الشعبية أو القانونية أو الدبلوماسية. فحق العودة، وحق تقرير المصير، وحق إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، ليست شعارات بل حقوق ثابتة كفلتها القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

إن إحياء هذه الذكرى هو أيضًا دعوة إلى توحيد الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام، وبناء مشروع وطني جامع، قادر على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب