العدو يسرّع وتيرة استيطانه: جبل الشيخ خارج التفاوض

العدو يسرّع وتيرة استيطانه: جبل الشيخ خارج التفاوض
يبدو أنّ الإجراءات التي طرحتها الحكومة السورية، كمقدّمة لبناء «الثقة» مع إسرائيل لا تزال خطوات من طرف واحد؛ إذ لم تُقابل بأي خطوة «وديّة» من الجانب الإسرائيلي.

يبدو أنّ الإجراءات التي طرحتها الحكومة السورية، كمقدّمة لبناء «الثقة»، أثناء اللقاءات المباشرة وغير المباشرة، سواء التي أجراها وفد سوري أمني زار تل أبيب الشهر الماضي، أو التي انعقدت في أذربيحان أو بوساطة إماراتية، لا تزال خطوات من طرف واحد. فرغم تسليم دمشق نحو 2500 وثيقة ومتعلّقات شخصية تابعة للعميل الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، لم يُقابَل هذا الأمر بأي خطوة «وديّة» مماثلة من قِبل الجانب الإسرائيلي، فيما يُمعن هذا الأخير في فرض وقائع ميدانية جديدة، تؤكّد تعاطيه مع المنطقة الحدودية على أنها تحت سلطة دائمة له.
وفي جبل الشيخ، لا توحي الوقائع بأنّ المنطقة الجبلية التي تطلّ على عمق الأراضي السورية مطروحة على طاولة التفاوض؛ بل على العكس من ذلك، إذ تُفيد المؤشّرات بأنّ الاحتلال يُسرّع في خطوات تثبيت وجود عسكري دائم. وبحسب مصادر أهلية من قرى الجبل، فقد «ازدادت وتيرة النشاط الإسرائيلي بشكل ملحوظ منذ أكثر من عشرة أيام، مع تسجيل تحرّك متواصل لآليات هندسية ثقيلة تعمل على مدار الساعة».
وتضيف المصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، أنّ «التحركات الإسرائيلية تتركّز في محيط القمّة، وتشمل إعادة تأهيل نقاط سابقة كانت مقارّ لوحدات من الجيش السوري السابق، وخصوصاً مقر «الفرقة 24»، وسط معلومات عن دعم هذه المواقع بدوريات استطلاع، تعمل على مسح الطرق الجبلية الرابطة بين القمّة وبقية مناطق الريف». وتشير المعطيات، وفقاً للمصادر، إلى نيّة الاحتلال «إنشاء نقاط جديدة، ولا سيما في محيط قرية قلعة جندل في ريف دمشق، مع بدء أعمال في جبل بربر المحاذي للقرية نفسها، بما يعزّز القبضة الإسرائيلية على كامل جبل الشيخ ويمنع أي تهديد مستقبلي له».
أمّا القرى السورية الواقعة ضمن ما يسمى «المنطقة العازلة»، فتحوّلت الاعتداءات الإسرائيلية فيها إلى مشهد اعتيادي، وسط صمت رسمي من دمشق وعجز أممي. وتقول مصادر عشائرية من قرية كويا في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا، لـ«الأخبار»، إنّ قوة من الاحتلال متمركزة في «ثكنة الجزيرة» أطلقت أمس، قذيفتَي مدفعيّة باتّجاه أراضٍ زراعية من دون سبب ظاهر.
تشير المعطيات إلى نيّة الاحتلال إنشاء نقاط جديدة، ولا سيما في محيط قرية قلعة جندل في ريف دمشق
وسبق ذلك بيوم تحرّك قوة راجلة من الثكنة نفسها، ودخولها الحي الغربي من قرية معرية في ريف درعا الغربي، بالتزامن مع تحليق مكثّف لطائرات الاستطلاع. كما تمركز جنود العدو على الطريق بين معرية وعابدين، من دون أن ينفّذوا عمليات تفتيش كما درجت العادة. وفي ريف القنيطرة، شهد ليل الإثنين – الثلاثاء تحركات مماثلة، إذ اقتحمت قوات العدو قرية المشرفة ونفّذت عمليات دهم لعدد من المنازل، فيما تحرّكت آليات إسرائيلية في المحيط الغربي لمركز المحافظة وفي قريتَي الصمدانية والحرية.
وسبق ذلك بيومين نصب جنود الاحتلال لحاجز قرب «سرية الصقري»، ما أدّى إلى قطع الطريق بين بلدة خان أرنبة وقرية جبا لأكثر من ساعتين، بغرض تفتيش المارّة والتدقيق في هوياتهم، رغم أنّ المنطقة لا تزال خارج خريطة «المنطقة العازلة». وفي هذا السياق، تحذّر مصادر عشائرية، في حديثها إلى «الأخبار»، من أنّ هذا التهاون الرسمي في التعاطي مع التوغلات الإسرائيلية «من شأنه أن يؤدّي حتماً إلى توسيع الاحتلال لمناطق وجوده، بالاستفادة من الغياب التام لأي ردّ، حتى في الحالات التي تشمل اعتداءات مباشرة على المدنيّين»، لافتة إلى أنّ «آخر تلك الاعتداءات سُجّل الجمعة الماضية في بلدة رويحينة، حين أجبرت قوات الاحتلال عائلات خرجت للتنزّه على مغادرة المكان بعد أن عمدت إلى تخريب حاجياتها».
كذلك، يواصل جيش العدو تضييقه على العمل الإنساني؛ إذ اعترض، الخميس الماضي، فريقاً تابعاً لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» داخل قرية الحميدية بالقرب من شريط «فضّ الاشتباك» في القنيطرة، ومنع توزيع مساعدات إنسانية لسكان القرية بذريعة عدم استحصال «إذن عمل». وتقول مصادر محلّية لـ«الأخبار» إنّ أحد سكان القرية، من ذوي الاحتياجات الخاصة، حاول التدخل لإقناع الدورية الإسرائيلية بالسماح بإتمام عملية التوزيع، إلا أنّ عناصر الدورية اعتدوا عليه بالضرب، فيما مرّت الحادثة من دون أي ردّ من «الصليب الأحمر» أو حتى من القوات الأمميّة العاملة في محافظة القنيطرة.
وفيما تأتي هذه الواقعة في ظلّ تدهور الأوضاع المعيشية في المنطقة، وشحّ الأمطار هذا العام والذي خلّف خسائر زراعية، إلى جانب التضييق الإسرائيلي على العمل الزراعي، يقول سكان من قرية الحميدية، في حديثهم إلى «الأخبار»، إنّ ما يجري يجيء في إطار محاولة إسرائيل فرض قبول «المساعدات» الآتية من جانبها على السكّان.
الاخبار اللبنانية