خامنئي يرسم الخطوط الحمر | أميركا – إيران: اختبار إرادات

خامنئي يرسم الخطوط الحمر | أميركا – إيران: اختبار إرادات
حدّد المرشد الإيراني، علي الخامنئي، الخطوط الحمر لإيران في المفاوضات مع واشنطن، مؤكداً أن إيران لن تتخلى عن حقّها في تخصيب الورانيوم على أراضيها في أي اتفاق.

طهران | أتت تصريحات المرشد الأعلی الإيراني، آية الله علي خامنئي، أمس، والتي رفض فيها الاقتراح الأميركي الأخير القاضي بوقف تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، لتجعل الخطوط الحمر الإيرانية في المفاوضات مع الولايات المتحدة، أكثر وضوحاً، وترمي الكرة في ملعب واشنطن. وقال خامنئي، في كلمة ألقاها لمناسبة الذكرى ال36 لوفاة مؤسّس الجمهوریة الإسلامیة الإمام الخميني، إنّ «المقترح الأميركي المعروض بشأن النووي الإيراني يتعارض 100 في المئة مع عبارة نحن نستطيع التي زرعها الإمام الخميني فينا، ويخطّط الأعداء لحذفها من قاموسنا».
وأشار،إلى أنّ «العدو يركّز على موضوع تخصيب اليورانيوم»، مشدّداً على أنّ «الصناعات النووية من دون التخصيب أمر غير مفيد»، مؤكّداً أنّ «التخصيب جزءٌ أساسي من البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية». وأضاف: «قلنا للطرف الأميركي ما علاقتكم بالملف النووي الإيراني؟ الشعب الإيراني هو من يقرّر»، مذكّراً بأن «إيران وقفت في وجه الفتن والمخطّطات، وأفشلتها، وصبرت حتى النهاية، وبعدها ردّت على هذه الهجمات». وتابع إنّ «الاستقلال هو اعتماد الشعب الإيراني على نفسه، وأن يكون القرار بيده، وعدم انتظار الضوء الأخضر من الولايات المتحدة».
وتأتي تصريحات المرشد بعد أن أرسلت الولايات المتحدة اقتراحاً إلى طهران، السبت الماضي، عبر وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي. ورغم أنّ تفاصيل الاقتراح لم تُعلن بعد من قبل مسؤولين من الجانبين، إلا أنه يبدو ممّا سُمع ونُشر من أنباء، أنّ الولايات المتحدة طلبت من إيران التوقّف عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها والانضمام إلى «كونسورتيوم نووي» مع بعض دول الخليج والولایات المتحدة، يعمل خارج إيران لإنتاج الوقود النووي.
وتبدي الدول الغربية، منذ سنوات عديدة، ما تقول إنه قلق بالغ إزاء برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، والذي تدّعي أنه يمكّن طهران من التحرّك نحو بناء الأسلحة النووية. وفي المقابل، تقول إيران إنّ برنامجها النووي سلمي، وإنّ تخصيب اليورانيوم هو حقّها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، مدافعةً بأنه لا يوجد ما يضمن أن تزوّدها الدول الغربية بالوقود النووي إذا تخلّت هي عن برنامج التخصيب. وحدّد الاتّفاق النووي لعام 2015 مستوى تخصيب اليورانيوم الإيراني عند نسبة 3.67 في المئة، ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتّفاق عام 2018، تخلّت إيران عن التزاماتها بموجبه، ليصل مستوى التخصيب الآن إلى 60 في المئة، ما يثير الكثير من المخاوف بسبب قربه من مستوى 90 في المئة الكافي لإنتاج الأسلحة النووية.
طهران ترفض أي اتّفاق لا يسمح لها بتخصيب اليورانيوم على أراضيها
ومسألة التخصيب على الأراضي الإيرانية هي أهم قضية خلافية في المفاوضات الإيرانية – الأميركية، والتي بدأت في 12 نيسان الماضي بوساطة عُمانية، واستمرت خمس جولات حتى الآن. ويرجع ذلك إلى تشديد المسؤولين الأميركيّين، بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب، مراراً وتكراراً على ضرورة وقف إيران لبرنامج التخصيب تماماً، في مقابل تأكيد طهران أنه لن يتم التوصّل إلى أي اتّفاق من دون الاعتراف بحقّها في تخصيب اليورانيوم.
ويؤشّر حديث المرشد إلى أنّ الصناعة النووية هي «الصناعة الأم»، إلا أنّ تفكيك البرنامج النووي وفقاً للمطالب الإسرائيلية لن يكون ممكناً، من دون أن يعني ذلك معارضته استمرار المفاوضات والاتّفاق مع الولايات المتحدة. إذ يستهدف خامنئي إعادة رسم الخطوط الحمر لإيران، خاصة بعد منشور ترامب الأخير على منصته «سوشال تروث»، والذي قال فيه «إنّ أيّ اتّفاق نووي محتمل مع الإيرانيّين، لن يسمح للجمهورية الإسلامية بأيّ نوع من التخصيب». ولذا، يبدو أنّ إيران والولايات المتحدة دخلتا، عشية الجولة السادسة من المفاوضات، في اختبار إرادات.
وفي أعقاب تشديد خامنئي على ضرورة مواصلة التخصيب داخل إيران، جدّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أمس، في تدوينة عبر صفحته على منصة «إكس»، القول إنّ «طهران لن تبرم اتّفاقاً نووياً مع الولايات المتحدة، لا يضمن تخصيب اليورانيوم»، في حين أكّد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، في بيان، «استمرار تقدّم الصناعة النووية بقوة وصلابة رغم كل الضغوط السياسية». وأصدرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، بدورها، بياناً أكّدت فيه أنها «مستعدّة بكل ما أوتيت من قوة وجهوزية غير مسبوقة، لمواجهة أي شرّ أو خطأ استراتيجي من الأعداء، في أي وقت وفي أي مستوى من التهديد».