الصحافه

معاريف.. سياسة إسرائيل إزاء الشرع: “اقترب.. لكن بحذر”

معاريف.. سياسة إسرائيل إزاء الشرع: “اقترب.. لكن بحذر”

النظام الجديد في دمشق يبذل جهوداً مكثفة لتبديد الخوف الذي يبعثه ولتثبيت شرعية حكمه. وقد تتوجت هذه الجهود بنجاح عظيم مع قرار الرئيس ترامب، في أثناء زيارته إلى السعودية لرفع العقوبات عن سوريا. يدور الحديث هنا عن “ختم الحلال” الأهم الذي كان يمكن للزعيم السوري أحمد الشرع أن يأمل به.

 ثمة لاعبان أديا دوراً مركزياً في الخطوة هما ولي العهد السعودي والرئيس التركي. عملية رفع العقوبات تتطلب عملاً كثيراً في واشنطن. وحسب تقارير مختلفة، نشأت خلافات في أوساط محافل في الإدارة في موضوع رفع العقوبات وربطها بسلوك الشرع في كل ما يتعلق بالتزاماته تجاه الرئيس ترامب. مهما يكن من أمر، يعد هذا إنجازاً للنظام الجديد في دمشق.

 وثمة هدف آخر ومهم للمغازلة كما يراه الشرع، وهو إسرائيل. منذ انهيار نظام الأسد، يحرص الشرع على إطلاق إشارات تبين أنه غير معني بالمواجهة مع إسرائيل، وأنه متمسك باتفاقات فصل القوات في 1974، بل ألمح بأنه قد يرغب في الانضمام إلى اتفاقات إبراهيم. كل هذا يضاف إلى خطوات في الميدان تعد بإلغاء نفوذ ووجود إيران في سوريا، وتنقل رسالة لمنظمات فلسطينية من جبهة الرفض لوقف أعمالها من دمشق، وتعرض سلوكاً مختلفاً وجديداً تجاه لبنان والحكم الجديد في بيروت.

وثمة خطوة ذات رمزية وأهمية جماهيري وسياسية لا بأس بها، مثل إعادة وثائق إيلي كوهن إلى إسرائيل. يشدد الإعلام العربي على وصفها بمبادرة سورية وبادرة حسن نية، تستهدف الإشارة إلى واشنطن و”القدس” عن نوايا النظام الجديد الإيجابية. مصدر سوري اقتبسته صحيفة “الشرق الأوسط” روى عن مروحية إسرائيلية هبطت في السويداء في 2/5 لتلقي الوثائق.

وثمة تقرير واسع في مجلة “المجلة” استعرض قضية إيلي كوهن، بما في ذلك أسماء شخصيات سورية كان كوهن على اتصال بها. فقد قيل إنه بذل جهداً للعثور على جثة كوهن. ويذكر في هذا الشأن اسم ضابط الاستخبارات السوري سعيد أبو جاويش، الذي كان ضمن الفريق الذي ألقى القبض على كوهن، كأنه كفيل بمعرفة مكان دفنه. ربما تكون الجثة انتقلت بين عدة مواقع.

وثمة مقال مشوق آخر نشره موقع الأخبار اللبناني “درج” كتبه البروفيسور جيفري كرم، المحاضر في دائرة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكي في بيروت. ويعنى المقال بالشكل الذي تصمم فيه أجهزة الاستخبارات الذاكرة العامة حين تسمح بنشر مادة سرية. ويتناول فيه الجانب السوري، ولكن أساساً الجانب الإسرائيلي- الموساد. بزعم الخبير، الرسالة المرافقة -إسرائيلياً- لخطوة بناء الثقة من جانب الشرع تتعلق بتعزيز أو ترميم صورة الاستخبارات الإسرائيلية التي فشلت في 7 أكتوبر، وفي موضوع قدرة الاستخبارات على اختراق كل مكان، بما في ذلك دوائر الحكم في سوريا في حينه.

أحد الأسئلة التي تلقى إبرازاً الآن هو: هل سيرغب الشرع، والأهم هل سيكون بوسعه الانضمام إلى اتفاقات إبراهيم أو التوصل إلى أي اتفاق مع إسرائيل في هذا الوقت؟ كما هو معروف، فإن سيطرته على الدولة ليست كاملة، وثمة تساؤل حول قدرته على طرد المقاتلين الأجانب، مثلما وعد ترامب. كما أن هناك غموضاً لا يزال سائداً لشكل النظام الذي ينوي إقامته، بما في ذلك الشكل التي تندرج فيه الجماعات العرقية المختلفة في الحكم، في إطار نظام فيدرالي أو غيره.

الاستنتاج العاقل في هذه الساعة يستوجب من إسرائيل أن تتابع “إشارات السلام” القادمة من الشرع بكل حذر، والانخراط بشكل بناء في سياسة الساحة الدولية الساعية لمنحه ائتماناً سياسياً واقتصادياً. علينا أن نكون حذرين لضمان المصالح الأمنية، وعدم التصرف باستفزاز وتسيد حيال التطورات الدراماتيكية ونافذة الفرص التاريخية التي ربما فتحت أمامنا.

ميخائيل هراري

 معاريف 4/6/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب